مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

العصرانية...

اذهب الى الأسفل

العصرانية... Empty العصرانية...

مُساهمة  طارق فتحي الخميس أغسطس 11, 2011 9:34 pm

لقد كتب كثير من العلماء والباحثين عن المدرسة العصرانية الحديثة التي نشأت في ديار المسلمين نتيجة التقائهم بالغرب المتقدم مادياً، وأجادوا في بيان انحرافها عن الإسلام بلا مزيد عليه ، ولهذا فإنني لن آتي بجديد في هذا الموضوع، ولكني أردت من خلال هذا البحث المختصر التركيز على انحرافٍ واحدٍ من انحرافات تلك المدرسة –كما سبق- لعله يكون أخطرها، وتوسعت فيه بعض التوسع، ونقلت كلمات مهمة تتعلق به.

نشأة المدرسة العصرانية الحديثة: الأفغاني ومحمد عبده :
تعود نشأة المدرسة العصرانية الحديثة في البلاد العربية إلى جهود رجلين اجتمعا زمناً بمصر؛ هما جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده .
أما الأفغاني فقد كان غامض الأمر محيرًا للباحثين في حياته وبعد مماته، مما جعلهم يضطربون في مكان نشأته ومذهبه وأهدافه . إلا أنه بعد نشر كثير من الوثائق والدراسات حوله لم يعد هناك مجالٌ للشك في كونه شيعياً إيرانياً أخفى ذلك ترويجاً لأفكاره بين أهل السنة الذين لن يجد منهم أي احتفاء لو كشف تلك الحقيقة بينهم .
ولكن الخلاف بعد تقرير أمر شيعيته وإيرانيته سيكون حول حقيقة أفكاره، وماذا كان يريد؟

هناك وجهتا نظر للباحثين كلاهما تمتاز بالقوة :
1- الأولى: أن الأفغاني كان يريد إعادة الدولة الشيعية إلى بلاد مصر، ولهذا اختار المقام فيها على غيرها من البلاد الأخرى. وأنه لأجل هذا كان يخفي شيعيته ويدعي الانتساب لآل البيت؛ ليتمكن من تكوين عصبة حوله تعينه على هذا الأمر إذا ما حانت ساعة الصفر –كما يقال-. وأنه كان لا يفضي بهذا الأمر إلا لخاصته؛ كمحمد عبده. وهذه ليست بغريبة على الشيعة الذين لا زالت قلوبهم تهفو إلى هذه البلاد منذ أن طردوا منها، فقد قاموا بعدة تجارب لأجل هذا الأمر؛ من أهمها تجربة السيد ! البدوي الذي أرسله أساطين الرفض في العراق إلى بلاد مصر، فكانت غايته –كما يقول الأستاذ محمد فهمي عبد اللطيف- : "أن يجمع عصبية في الديار المصرية للعلويين ، كتلك العصبيات التي كان يجمعها غيره من الصوفية في أقطار العالم الإسلامي حتى تكون عوناً لهم إذا ما تهيأت الفرصة، ونهضوا لطلب الملك"
ومما يشهد لهذا : الغموض الذي أحاط الأفغاني به نفسه، حيث لم يوضح (بصراحة) حقيقة أفكاره؛ إنما هي أمور عامة يشترك معه فيها غيره.
ومما يشهد لهذا –أيضاً- أن تلميذه محمد عبده كان كثيراً ما يتمثل بهذه الأبيات :
ذرني وأشياء في نفسي مخبأة *** لألبسن لها درعاً وجلبابا
والله لو ظفرت نفسي بطلبتها *** ما كنت عن ضرب أعناق الورى آبا
حتى أطهرهذاالكون من دنس*** وأوجب الحق للسادات إيجابا
وأملأ الأرض عدلاً بعدما ملئت*** ظلماً وأفتح للخيرات أبوابا

فما هي هذه "الحاجات المخبأة في نفسه" ؟! ومن هم "السادات" الذين سيوجب لهم الحق، ويضرب لأجلهم أعناق الناس؟!
وجهة النظر الثانية: تقول بأن الأفغاني ما كان يحفل بالمذاهب كلها، سنيها وشيعيها، بل ما كان يحفل بالأديان نفسها! فالجميع –عنده- شيء واحد، فكانت دعوته موجهة نحو إيقاظ (الشرق) المتخلف –دون نظر إلى أديانه- لمواجهة أطماع (الغرب) المتحضر مادياً، والتحرر من سلطانه وضغوطه، والتخلص كذلك من حكم المستبدين .

فما كان الإسلام عنده إلا ديناً من ضمن الأديان الكثيرة التي يدين بها أبناء الشرق. ويدلل هؤلاء على وجهة نظرهم بعدة أدلة:
أولها: أنه في كثير من مقالاته يصرح بأن دعوته (شرقية) لا إسلامية. فمن ذلك مثلاً: ما جاء في منهج العروة الوثقى وأهدافها بأنها "ستأتي في خدمة الشرقيين على ما في الإمكان" وقوله عنها : "إنما أنشئت للمدافعة عن حقوق الشرقيين" ويقول أيضاً مبيناً منهاج جريدته : "الغرض تحذير الشرقيين عموماً والمسلمين خصوصاً من تطاول الأجانب عليهم، والإفساد في بلادهم. وقد نخص المسلمين بالخطاب لأنهم العنصر الغالب في الأقطار التي غدر بها الأجنبيون وأذلوا أهلها أجمعين، واستأثروا بجميع خيراتها" فسبب تركيز الأفغاني على المسلمين كونهم الأغلب في الشرق، ولو كان غيرهم يغلب عليهم لركز عليهم !
أما قضية دعوته إلى الجامعة الإسلامية فيقول عنها الأستاذ عثمان أمين:"إن الجامعة التي كان ينشدها الأفغاني ومحمد عبده في أواخر القرن الماضي ليست هي الجامعة الإسلامية كما توهم بعض الكتاب الغربيين، وإنما هي في صميمها: الجامعة الشرقية"
وقال الدكتور فهد الرومي : "أرى في مقالاته ومقالات تلميذه ما يدل على أنه لا يريد الجامعة الإسلامية بل الجامعة الشرقية التي تجمع دول الشرق: مسلمها وغير مسلمها ضد الاستعمار" .
ويقول محمود أبو رية: "العروة الوثقى كانت تعمل للشرقيين عامة" ويقول الأستاذ: مصطفى غزال: "لو رجعنا إلى كتابات جمال الدين لوجدنا أن دعوته إلى الجامعة الإسلامية في حقيقتها دعوة إلى جامعة شرقية تضم العالم الإسلامي بما فيه من أديان مختلفة وجنسيات متنوعة"
2- ومما يشهد لما سبق –أيضاً- : دخول الأفغاني في الماسونية التي لا تفرق بين الأديان .
3- ومما يشهد لذلك –أيضاً-: ما يصدر من الأفغاني بين الحين والآخر من كلمات في حق الإسلام، تدل على أنه لا ينظر إليه كخاتم للأديان أو أنه الحق دون ما عداه من الأديان الباطلة، وإنما تدل كلماته على أنه ينظر للإسلام كنظرته لأي دين آخر ظهر في الشرق، لا مانع من مجاملته إذا اقتضى الحال ذلك! ولا مانع –أيضاً- من نقده!! فمن ذلك مثلاً: أنه في رده على رينان الذين اتهم الإسلام بأنه سبب تخلف المسلمين أيده على هذا! وقال :"في الحقيقة: إن الدين الإسلامي حاول خنق العلم، وسد جميع التطور، ولذلك نجح في سد الحركات الفكرية والفلسفية" وقال: "إن دين المسلمين يعوق من تطور العلم.. إن جميع الأديان لا سماحة عندها أبداً" وقال : "لا شك عندما سار الإسلام في البلاد التي تملكها باستعمال الجبر والقهر، ما هو معروف، نقل إليها لغته وعاداته ومعتقداته. وهذه البلاد لم تستطع إلى الآن من الخلاص من مخالبه" ! ويقول: "إن هذا الدين –أي الإسلام- حيثما حل حاول خنق العلوم"! .
مثال ذلك أيضاً: قوله للمصريين: "إنكم معاشر المصريين قد نشأتم في الاستعباد، وربيتم بحجر الاستبداد، وتوالت عليكم قرون منذ زمن الملوك والرعاة حتى اليوم وأنتم تحملون نير الفاتحين، وتعنون لوطأة الغزاة الظالمين… تناوبتكم أيدي الرعاة ثم اليونان والرومان والفرس ثم العرب والأكراد والمماليك ثم الفرنسيين والمماليك والعلويين ، وكلهم يشق جلودكم بمبضع نهمه، ويهيض عظامكم بأداة عسفه" فالمسلمون –عند الأفغاني- لم يكن فتحهم لمصر في سبيل نشر للإسلام ودعوة العباد إليه، إنما هم مجرد عرب ظالمين كغيرهم من الفاتحين.
4- ومما يشهد لذلك أيضاً –كما يقول الدكتور فهد الرومي- :"هذا الخليط من اليهود والنصارى الذي يحيط به، سليم نقاش من نصارى الشام وهو ما سوني، … وأديب إسحاق من أكثر الدعاة إلى الماسونية … وكان من المحيطين به من النصارى : جورج كوتجي، وطبيبه الخاص هارون يهودي. ولم يحضر وفاته إلا كوتجي النصراني وهارون اليهودي، وعند قدومه إلى مصر يسكن في حارة اليهود"
5- ومما يشهد لذلك أيضاً: إنشاء تلميذه محمد عبده في بيروت "جمعية سياسية دينية سرية هدفها التقريب بين الأديان الثلاثة: الإسلام والمسيحية واليهودية" وقد اشترك معه في ذلك خليط من المسلمين وغير المسلمين.
كل هذه الأدلة تشهد على أن الأفغاني كان من الداعين إلى "الفكرة الشرقية" في مواجهة "الاستعمار الغربي"، وأما أمر الأديان فلم يكن يلقي له بالاً إلا ما يفيده في فكرته هذه .
فملخص دعوته كما يقول أنور الجندي: "الحرية، والدعوة إلى الحكم النيابي والدستور، والتخلص من النفوذ الأجنبي المتمثل في سلطان الدولة الأجنبية المقنع وراء الامتيازات الأجنبية والسيطرة على الاقتصاد والارساليات، والتحرر من الاستبداد السياسي المتمثل في حكم الفرد ونفوذ الخديو وحاشيته" .
أما حكم الإسلام لديار المسلمين والتزامهم بشريعته، فهذا لا يأتي في اهتمامات الرجل، بل إنه كما سبق يرى أن الإسلام من الأديان المستبدة الخانقة للحرية!! ويعني بها حرية الكفر التي يسميها: الفلسفة .
هاتان وجهتا نظر في حقيقة الأفغاني وأهدافه، ولعل الثانية منهما أصوب من الأولى نظراً لقوة أدلتها لمن تأمل .

ماذا فعل الأفغاني بأهل مصر ؟ !
عندما قدم الأفغاني مصر زمن الخديو إسماعيل (1871م) كانت البلاد تعيش في انسجام وألفة بين الرعية وولاة أمورهم، ولا يمنع ذلك من وجود الانحراف الذي كان يعالج من خلال النصيحة الشرعية التي يقوم علماء البلاد المتمثلين في شيوخ الأزهر. وكان للبلاد مجلس شورى يتم من خلاله التشاور حول ما يتعلق بالشئون الداخلية والخارجية .
ولكن هذا الوضع (الشرعي) للبلاد لم يُرض الأفغاني (العصراني) (الثوري) الذي رأى فيه ذلاً واستكانةً للحاكم المنحرف، ورأى أن حل مشاكل البلاد لا يكون بما يقوم به شيوخ الأزهر ومناصحاتهم. إنما يكون من خلال الثورة (وتهييج) الناس على ولاة أمرهم. وقد سعى إلى ذلك من خلال دروسه التي كان يلقيها على مريديه ، ومن خلال الصحف والمجلات التي سعى كثيراً إلى إصدارها عبر تلاميذه، وحثهم على نشر أفكاره فيها، وكلها تدور حول الثورة وما يسميه زورًا بالحرية!
أحس ولاة الأمر وعلماء البلاد بخطورة ما يقوم به هذا القادم الغريب، مما لمسوه من انتشار أفكاره الثورية بين بعض الأفراد مما يشكل خطراً على أمن البلاد ووحدتها؛ فقرر الحاكم (الخديو توفيق) بمشورة من العلماء نفي الأفغاني وطرده من البلاد لئلا يزداد شره، وذلك عام (1879م). أي بعد سبع سنوات من قدومه.
يقول تلميذه محمد عبده متحسراً بأن الخديو "أظهر سروره مما فعل، وتحدث به في محضر جماعة من المشايخ على مائدة الإفطار في رمضان"
لقد طُرد الأفغاني ولكن بعد أن بذر بذرة الفساد في أرض مصر، وبعد أن تلقفت عقول بعض السُذج والحمقى أفكاره معتقده أن فيها صلاح البلاد، ولكنها –كما سيأتي- قادتهم إلى الهلاك والخسار بسقوطهم محتلين في يد أعداء الإسلام من الإنجليز الذين كانوا يتحينون الفرصة في شق صف البلد المسلم؛ حتى يسهل عليهم احتلاله .
رحل الأفغاني عن مصر ولكن أفكاره المفسدة بقيت تعمل في العقول إلى أن بلغت نهايتها بقيام الثورة العرابية على الحاكم المسلم بقيادة أحد المتأثرين بالأفغاني (وهو أحمد عرابي) ومعاونة من بقية تلاميذ الأفغاني، وعلى رأسهم محمد عبده وعبد الله النديم (خطيب الثورة!) وغيرهم ، فاستغلت بريطانيا الوضع وتدخلت تحت دعوى حماية الأجانب والدفاع عن الحاكم الشرعي!، واحتلت البلاد وقضت على الثورة، ولم تخرج إلا بعد سبعين عاماً تقريباً !!
فانظر –رعاك الله- واعتبر بمآل الأفكار الثورية العاطفية.
يقول محمد عبده : "كان السيد ! جمال الدين كثير التطلع إلى السياسة، شديد الميل إلى الحرية، قوي الرغبة في إنقاذ المصريين من الذل.." !
قلت: بل نقلهم من ذل المسلمين إلى ذل الكافرين !
وقال سليم العنحوري النصراني تلميذ الأفغاني ! في ترجمته لشيخه بعد أن ذكر شيئاً من خطبه الثورية : "وأخذ القوم يشكون من حكومتهم، متململين، ويتطاولون بأعناقهم إلى ما يقول مشرأبين، ومذ ذلك الحين طارت الشرارة الأولى من شرارات الثورة العرابية" .
وقال -أيضاً-: "كان روح الثورة قد امتد في القطر، بحيث لم يكن إجلاء الأفغاني إلا ليزيده سرياناً وانتشارًا" .
ويقول أبو رية عن الثورة العرابية : "إن هذه الثورة قد شبت من تعاليم جمال الدين" .
ويقول الدكتور عثمان أمين: "ليس هناك شك في أن لجمال الدين يدًا في الحركة العرابية"
ويقول الدكتور مجدي عبد الحافظ –وهو معجب بصنيع الأفغاني!-: "إن الثورة العرابية لم تكن إلا غرسًا طيبًا من تعاليم الأفغاني"

محمد عبده :
أما محمد عبده، فهو أبرز تلميذ للأفغاني، تعرف عليه وهو في عمر صغير يبلغ الثانية والعشرين، فصادفت أفكار الأفغاني قلباً خالياً فتمكنت منه. فأصبح عبده يرددها ويبشر بها من حوله .
يقول الدكتور فهد الرومي: "لئن كان السيد ! جمال الدين الأفغاني هو المؤسس لهذه المدرسة، فإن محمد عبده هو الذي أقام صروحها ودعا إليها، ونشرها بين الناس، فكان بحق هو صاحبها وهو أستاذها وإمامها الأول، فكان له من الأثر فيها ما لم يكن لأستاذه" .
وقد فاق عبده شيخه في مسألة تطويع الإسلام وتشكيله بما يوافق حضارة الغرب وثقافته، نظراً لخلفية عبده الدينية التي افتقدها الأفغاني .

محمد عبده (الثوري) :
لقد تشرب محمد عبده الأفكار (الثورية) (التهييجية) من شيخه الأفغاني -كما سبق- وآمن بها، ولم يكن يعارضه فيها، وهذا من المآخذ العظيمة عليه، حيث كان يعلم –وهو الشيخ الأزهري- عدم شرعية هذه الطريقة ؛ وهي تأليب الشعب والعامة على ولاة أمورهم، وتجرئتهم عليه بنشر معايبه، وكان الأولى به أن يقف في وجه انتشار هذه الأفكار الثورية، وأن يسلك الطريق الشرعي الذي سنه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر؛ وهو مناصحة الحاكم فيما أخطأ فيه وانحرف، وتقديم المقترحات النافعة للبلاد لتتخلص من
مشاكلها، والصبر على جور الحاكم وأثرته، كما قال صلى الله عليه وسلم : "خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، ويصلون عليكم وتصلون عليهم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم" قيل: يا رسول الله! أفلا ننابذهم بالسيف؟ قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، وإذا رأيتم من ولاتكم شيئاً تكرهونه فاكرهوا عملهم ولا تنـزعوا يدًا من طاعة" وقال صلى الله عليه وسلم : "عليك السمع والطاعة في عُسرك ويُسرك، ومنشطك ومكرهك، وأثرةٍ عليك" .
فكان الواجب على محمد عبده الشيخ الأزهري أن لا تأخذه العاطفة فينساق مع تلكم الأفكار الضارة التي لا تزيد الأمر إلا شدة وسوءً وضررًا. كما هي سنة الله الثابتة في هذه القضية على مدار التاريخ الإسلامي. قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- : "وقل من خرج على إمام ذي سلطان إلا كان ما تولد على فعله من الشر أعظم مما تولد من الخير"
وقال : "إن ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من الصبر على جور الأئمة وترك قتالهم والخروج عليهم هو أصلح الأمور للعباد في المعاش والمعاد، وأن من خالف ذلك متعمدًا أو مخطئاً لم يحصل بفعله صلاح بل فساد.."
المهم: أن محمد عبده سكت عن هذه الأفكار الثورية ولم يساهم في وأدها، بل غض الطرف عنها، وتعاطف معها، إلى أن نمت وتعاظمت، حتى كانت نهايتها قيام جهلة العسكريين بقيادة أحمد عرابي بثورتهم ثم (خروجهم) على ولي أمرهم ، الأمر الذي دعاه –وهو ضعيف الدين والعقل- أن يستعين بعدوه وعدوهم (إنجلترا النصرانية) في سبيل إخماد هذه الثورة والحفاظ على ملكه وكرسيه، فما كان من (إنجلترا) –المستعدة لمثل هذا الأمر!- إلا أن لبت النداء ونـزلت بجيشها إلى أرض مصر، وقضت على (الثوريين) بقيادة عرابي، ثم طاب لها المقام هناك! فلم تخرج من أرض مصر إلا بعد أكثر من سبعين عاماً !!! فانطبق على محمد عبده وعرابي ومن معهم المثل القائل : (أراد أن يبني قصرا فهدم مصرا)!، فهم أرادوا إنكار ظلم وجور الحاكم بطريقتهم الثورية الخرقاء التي ورطهم بها الأفغاني؛ فتسببوا في ضياع بلادهم وتسليمها لقمة سائغة للنصارى، فكانوا كالمستجير من الرمضاء بالنار. نسأل الله العافية، وأن يجعل من هذه الحادثة عبرة لأبناء الإسلام لكي لا يندفعوا خلف الأفكار الثورية التي تدغدغ العواطف في بداية أمرها، ولكنها سرعان ما تسيل الدماء بدل الدموع في نهايته. (إن في ذلك لعبرة لأولى الأبصار) .
نـــــهاية ثورته :
قبض على محمد عبده بعد إخماد ثورة عرابي نظراً لتعاطفه معه ومؤازرته له، فكان نصيبه من الأحكام السجن، ثم النفي خارج البلاد المصرية. وقد نال غيره نصيبهم من الأذى والانتقام.

محمد عبده والانقلاب من (الثورية) إلى (العصرانية) :
لقد أصيب محمد عبده بذهول وصدمة شديدة بعد فشل حركة عرابي وقمعها وتمزيقها، مما جعله –وقد توحد وتفرد في السجن- يعيد النظر في هذا المسلك (الثوري) الخاطئ الذي سار فيه فكانت نهايته موجعة عليه وعلى بلاده. ولكن عبده بدلاً من أن ينتقل من (الثورية) إلى الاعتدال والطريق الوسط القائم على العلم الشرعي ونشره بين الناس وتربيتهم عليه، مع الصبر على جور الحاكم ومناصحته إلى أن يستريح بر أو يستراح من فاجر، بدلاً من هذا ارتد إلى الطرف الآخر المقابل للفكر (الثوري) وهو الاستسلام للواقع والتبشير بالفكر (العصراني) الذي يُطَوع الإسلام وأحكامه بما يوافق العصر، ويجعل ما يسمى "بالتعايش السلمي" مع الكفار هدفاً له، ورأى أن علاج مشاكل المسلمين وضعفهم سيكون في تبني مثل هذا الفكر، إضافة إلى تضخيمه لدور العقل على حساب النصوص الشرعية ؛ فانتقل من النقيض إلى النقيض، ومن مفسدة إلى أخرى أشد منها –كما سيأتي-.
ولهذا: فقد أصبحت مهمة محمد عبده بعد أن عاد من المنفى –كما يقول الدكتور محمد محمد حسين- : "التقريب بين الإسلام وبين الحضارة الغربية، واتخذ اتجاهه هذا أشكالاً مختلفة؛ فظهر أحياناً في صورة مقالات أو مشاريع أو برامج تدعو إلى إدخال العلوم العصرية في الجامع الأزهر. وظهر تارة أخرى في صورة تفسير لنصوص الدين من قرآن أو حديث يخالف ما جرى عليه السلف في تفسيرها، ليقرب بها أقصى ما تحتمله، بل إلى أكثر مما تحتمله في بعض الأحيان من قُرب لقيم الغرب وتفكيره؛ لكي يصل آخر الأمر إلى أن الإسلام يساير حضارة الغرب، ويتفق مع أساليب تفكيره ومذاهبه"

جهود الكفار في نشأة العصرانية وصناعتها :
لقد أذن الإنجليز بعودة محمد عبده من منفاه إلى مصر بعد أن تأكدوا من هجره لأفكاره الثورية السابقة، وتبنيه (الفكر العصراني) المتعاون مع الإنجليز والمهادن لهم. يقول الأستاذ غازي التوبة: "كان الاحتلال الإنجليزي عاملاً أساسياً من عوامل عودة محمد عبده إلى مصر، وقد صرح اللورد كرومر بذلك في كتابه (مصر الحديثة) فقال: "إن العفو صدر عن محمد عبده بسبب الضغط البريطاني.."
لقد كان الإنجليز رغم احتلالهم لمصر يعلمون أن المجتمع المصري لن يقبل بهم وبأفكارهم بسهولة، بل سيظل يجاهدهم ويعمل على الخلاص منهم؛ لأنهم في نظره (كفار) نصارى محتلون لبلاده. فقد كانت الصفوف وقت احتلال الإنجليز لمصر متمايزة: الشعب المصري المسلم ومن خلفه شيوخ الأزهر من جهة، والمحتل الكافر من جهة أخرى.
وهذا التمايز كان يضيق به الإنجليز، ويعلمون أنه يحول بينهم وبين تنفيذ خططهم في (تغريب) البلاد و(علمنتها) وجعلها تتقبل فكرة أن تكون مجرد ولاية تابعة للإمبراطورية البريطانية .
والإنجليز –أيضاً- يعلمون أن الشعب المصري المسلم لم يكن ليتقبل الأفكار العلمانية الصريحة التي ينادي بها المحتل وأعوانه من أقباط مصر أو النصارى العرب القادمين من الشام.
إذاً فالحل هو صنع طائفة جديدة ترتدي المسوح الإسلامية وتقوم بمهمة (تمرير) الأفكار التغريبية العلمانية بين أفراد المجتمع، وخير من سيقوم بهذه المهمة: الشيخ! محمد عبده الذي كان محبطاً من جدوى العمل (الثوري) –كما سبق-، ومن معه من النبهاء أصحاب الطموح السياسي أو أصحاب الشذوذ الفكري . يقول الدكتور محمد محمد حسين رحمه الله بأن المستعمر الإنجليزي قام لأجل ذلك بـ"تربية جيل من المصريين العصريين الذين يُنَشؤن تنشئة خاصة تقربهم من الأوربيين ومن الإنجليز على وجه الخصوص، في طرائق السلوك والتفكير…"
وقال الدكتور مبيناً خطورة المهمة التي قام بها محمد عبده ومدرسته العصرانية: "وخطر التطوير على الإسلام وعلى المجتمع الإسلامي يأتي من وجهين: فهو إفساد للإسلام يُشوّش قيمه ومفاهيمه الأصيلة بإدخال الزيف على الصحيح، ويثبت الغريب الدخيل ويؤكده. فبعد أن كان الناس يشاركون في تصاريف الحياة، وهم يعرفون أن هذا الذي غُلبوا على أمرهم فيه ليس من الإسلام، والأمل قائم في أن تجيئ من بعدُ نهضة صحيحة ترد الأمور إلى نصابها عند الإمكان، يصبح الناس وهم يعتقدون أن ما يفعلونه هو الإسلام. فإذا جاءهم من بعدُ من يريد أن يردهم إلى الإسلام الصحيح أنكروا عليه ما يقول، واتهموه بالجمود والتمسك بظاهر النصوص دون روحها" .
-كانت عملية صناعة الطائفة (العصرانية) تتم من خلال الصالونات التي انتشرت بعد الاحتلال الإنجليزي، لا سيما صالون الأميرة (نازلي فاضل) التي كانت –كما يقول الشيخ محمد بن إسماعيل- المرأة "الوحيدة التي تختلط بالرجال وتجالسهم في صالونها الذي افتتحته آنذاك ليكون مركزاً تُبث منه الدعوة إلى التغريب.." فكان صالونها شبكة صيد لكل طامح نابه مؤهل لتأدية الدور "العصراني" الذي سيقوم به ! وكانت هذه الصناعة تتم تحت نظر المندوب الإنجليزي في مصر (اللورد كرومر) الذي كان من خلال هذا الصالون كما يقول الدكتور رفعت السعيد "يعايش الصفوة المختارة من المصريين ويتحسس طريقه نحو اختيار أكثرهم صلاحية" ، وقد وجد بغيته وصيده في الشيخ! محمد عبده وتلاميذه المتأثرين به.
يقول الدكتور فهمي الشناوي عن الثعلب كرومر: "ابتداء من 1905م بدأ أخطر وأخبث حيلة؛ حيث ابتدأ في اصطياده نبهاء الأمة الإسلامية في شبابهم، ليلتقطهم ويسند إليهم مناصب كبيرة تخدم خط تكوين قومي على حساب الأمة: التقط سعد زغلول وأسند إليه وزارة المعارف 1906م أهم الوزارات. والتقط الشيخ محمد عبده وجعله مفتي للديار، وبذلك ضمن أولاً تفريغ صفوف الأمة الإسلامية من رجالها ونقلهم إلى صف التفاهم مع الغرب، والتفاوض مع الغرب، واتخاذ الغرب نموذجاً ولو جزئياً ولو ثقافياً.
وأنشأ لنفسه مكاتب وصالونات تروج لفكرة اصطياد نبهاء الأمة –مثل صالون الأميرة ناظلي فاضل، وتم اصطياد لطفي السيد الذي اندفع اندفاعا أعمى ضد الأمة بمقولة "مصر للمصريين" أي ليست للإسلاميين حتى لو صارت للقبط ما داموا مصريين! وأسموه فيلسوفاً دون أن تكون له أدنى علاقة بالفلسفة.
واصطاد عبد العزيز فهمي حتى أصبح قاضي قضاة مصر، ولكن بالقانون النابليوني لا بالشريعة !
واصطاد قاسم أمين الذي روج بدعوى مساواة المرأة إلى خلخلة تقاليد وأعراف المجتمع الإسلامي .
واصطاد عبد الرحيم باشا الدمرداش ليجعل للصوفية على الوعي السياسي الإسلامي قدحا معلى.
واصطاد خلفاؤه من بعد نبهاء؛ أمثال عبد الخالق ثروت وطه حسين، وعناصر قبطية؛ مثل البروتستانتي مكرم عبيد سكرتير المستشار القضائي، الذي وصل لقمة الحركة الوطنية، واليهودي رينيه قطاوي الذي وصلوا به إلى وزير مالية لسعد زغلول وزوجته وصيفة للسراي، ومئات غير هؤلاء. وهذا كله لصياغة مجتمع جديد من عجينة جديد" .

العصرانية قنطرة العلمانية
بحث مختصر يبين خطر انتشار الأفكار العصرانية على المجتمع المسلم
صيحة نذير إلى ولاة الأمور ودعاة الإسلام
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد وآله وصحبه.. وبعد :
فاعلم –علمني الله وإياك ما ينفعنا- أني تأملت حال المجتمعات الإسلامية خلال القرن الأخير وكيف غزاها الانحراف والتغريب بواسطة أعداء الإسلام، فوجدتها لا تخلو من حالين:
الحال الأولى : حال المجتمعات التي يكون الغزو فيها مباشراً؛ وهي المجتمعات الإسلامية التي لم تكن لها مرجعية علمية، أو هيئة شرعية تذكر، تقف سدًا منيعاً أمام ذلك الغزو. فهذه سهل اقتحامها واستباحتها من العدو وعملائه اللادينيين .
الحال الثانية: حال المجتمعات التي يكون فيها الغزو من خلال (وسيط) أو (ناقل) يلبس لباس الإسلام. وهي المجتمعات الإسلامية التي تأوي إلى مرجعية علمية أو هيئة شرعية في معظم أمورها أو في النوازل التي تحل بها، مع ارتباط (شرعي) بولاة أمرها. فمثل هذه المجتمعات لم يستطع العدو اقتحامها واستباحتها وخلخلة وحدتها القائمة بين الأمراء والعلماء إلا من خلال ذلكم الوسيط؛ نظراً لطبيعتها الدينية الشرعية.
وخير مثال لهذه الحال: مجتمع مصر في القرنين الأخيرين، حيث سلط عليه الأعداء الغزو العسكري(*) والغزو الفكري في سبيل صرفه عن دينه، لكنهم باؤا بالفشل ولم يحققوا نجاحاً يذكر يوازي ما قاموا به من الجهود؛ نظراً لارتباط الشعب المصري بعلمائه الشرعيين الممثلين في الأزهر؛ حيث كانوا حصناً منيعاً أمام جهود الأعداء التغريبية  .

لكن الأعداء لم ييأسوا أو يملوا وهم يرون ضياع جهودهم وفشلهم، وإنما لجؤا إلى خطة أكثر مكراً، وأشد ضررًا، وهي تكرار محاولة الغزو للمجتمع المصري بواجهة إسلامية (مخدوعة) يتقبل الشعب المسلم اطروحاتها وأفكارها التغريبية دون نفرة أو استيحاش؛ يخلخلون بها وحدة المجتمع المصري المسلم؛ بتهييجه على ولاة أمره، إضافة إلى صرفه عن العلماء الكبار الراسخين الذين يصعب تطويعهم. وقد تم لهم ذلك من خلال ما يسمى (بالعصرانيين) أتباع مدرسة الأفغاني ومحمد عبده الذين ظنوا بجهلهم أنهم يخدمون الإسلام والدعوة بصنيعهم هذا، ويوفقون بين أحكام الشريعة ومتطلبات العصر –زعموا !- ولكنهم أصبحوا فيما بعد كما قال ألبرت حوراني: "قنطرة للعلمانية عبرت عليها إلى العالم الإسلامي؛ لتحتل المواقع واحداً تلو الآخر" . ثم كان مصير أفراد هذه الطائفة العصرانية الخاسرة مصير أي وسيلة استخدمت فاستنفذت أغراضها، حيث (تمندل)   بهم الأعداء قليلاً ثم رموا بهم. فمنهم من مات بحسرته جراء ما جناه على مجتمعه، ومنهم من انحاز إلى الصف العلماني وكشف عن حقيقته، وقلة منهم أحست بخطورة دورها الذي قامت به فأرادت أن تُكَفّر عن سيئاتها بانحيازها رويدًا رويدًا إلى أهل الإسلام. ولكن بقيت تجربتهم جميعاً عبرة للمعتبرين وآية للمتوسمين .
وبلاد الحرمين –حماها الله وصرف كيد الفجار عنها- تتشابه في طبيعتها مع طبيعة المجتمع المصري خلال القرنين السابقين، قبل هبوب رياح التغريب عليه؛ فهي تأوي إلى ركن شديد من علمائها الكبار، وارتباط (شرعي) وثيق بولاة أمرها، وتنهل من معين دعوة سلفية شرعية قامت عليها ولأجلها . فلهذا لم يستطع العدو ولله الحمد اقتحامها أو تغريبها مباشرة أو من خلال أذنابه العلمانيين الأقحاح الذين نبذهم المسلمون وباؤا بفشل ذريع، رغم تكرر محاولاتهم .
ومثلما لم ييأس أعداء الإسلام من اقتحام هذا المجتمع المسلم وتغريبه فإنهم –لا شك- سيعاودون الكرة عليه، ولكن بواجهة إسلامية (عصرانية) تضفي الشرعية على أفكارهم ومطالبهم، وتحدث شرخاً في وحدته، وتحاول نـزع ثقة الناس بعلمائه الكبار، وهي تُستدرج إلى ذلك بمكر وخفاء.
وقد بدأت بوادر تنذر بشيء من ذلك –للأسف!-؛ فتسللت الأفكار العصرانية إلى عقول بعض الإسلاميين الصالحين عندنا، فأخذوا يرددونها في مقالاتهم وكلماتهم، جهلاً منهم بخطورتها ومآلها على البلاد، وانخداعاً ببهرجها، وظناً منهم بأنها ستُبَلِّغهم أهدافهم. وفاتهم –هداهم الله- أن هذه الأفكار ما هي بجديدة في عالم المسلمين، وأن مجتمعاً إسلامياً آخر غير مجتمعنا هو مجتمع مصر قد خبرها وجُرِّبت عليه؛ فلم تنتج سوى النتاج المر الفاسد الذي لا زال يعاني منه إلى اليوم.
وقد اكتشــــف النبـــهاء من أهـله –كما سيأتي- ولكــن بعد فوات الأوان، أن هذه الأفكار البراقة لم تكن سوى أحبولة صنعتها يد المكر لاستباحة ديار المسلمين وعقولهم واقتصادهم، وأنها لم تحقق للمسلمين إلا مزيداً من الذل والصغار والخضوع للأعداء، فضلاً عن التفريط بمهمات الدين وشرائعه.
وقد كان من حق التجربة (العصرانية) المصرية أن تكون عبرة للمعتبرين، وموعظة للآخرين، وأن لا يُلدغ المؤمنون بعدها من جحر مرتين.

ومن مظاهر تسلل هذه الأفكار بين أهل الإسلام في بلادنا هذه الأمثلة التي وقفت عليها، ولعل غيري قد وقف على مثيلاتها:
1- أحد الدعاة الأفاضل ممن لهم جهود لا تنكر في نشر الخير ينشئ موقعاً على شبكة الأنترنت لا تجد فيه حساً ولا خبرًا لأحدٍ من كبار العلماء لدينا ! فلماذا هذا ؟! ومعلوم خطورة عزل جيل الشباب عن علمائه الكبار، حيث ينصرف بعدها إلى أناس لا علم عندهم ولا ورع، إنما هي المصالح والتحزبات التي تقود البلاد إلى فرقة وضعف.
2-أحد الأفاضل من حاملي الدعوة لدينا يقول: بأنه لا مانع من وصف اليهود والنصارى بأنهم (إخوان لنا) !! ويعني بذلك الأخوة الإنسانية !  
3- داعية آخر يدعو إلى (المجتمع المدني) ! القائم على الانتخابات والبرلمانات.. الخ. وفاته أن المجتمع المدني في اصطلاح القوم هو المجتمع العلماني الذي لا يرجع إلى شريعة تحكم أفعاله . وأن في دعوته هذه (تهييجاً) لعامة الناس على ولاة أمرهم بطريقة تفسد ولا تصلح. متغافلاً –هداه الله- عن الطرق الشرعية.
4- داعية آخر يكتب مقالاً بعنوان "المرأة إنسان"، يصوغه بلغة حداثية غريبة! يطالب فيه بإعادة النظر في قضايا المرأة!! ويحيل قارئه للفائدة على كتاب "تحرير المرأة في عصر الرسالة" للعصراني عبدالحليم أبو شقة!  
5- كاتب إسلامي آخر يزعم –بجهل لا شك- أن "الحق المطلق لا يملكه أحد" !!وهذا مصطلح (كفري) يؤدي بصاحبه إلى الشك والحيرة والتذبذب .
6- كاتبة إسلامية مرموقة تكتب عدة مقالات عن المرأة، تردد فيها أفكار العصرانيين والعلمانيين. حتى ليخال للقارئ بأنه يقرأ لإحدى داعيات تحرير المرأة في بلادنا ! فكيف حدث هذا ؟!
7- جريدة أسبوعية إسلامية تفتح صفحاتها لكتبة العصرانية من كل مريض وفاشل وطالب شهرة؛ ليلمز ويهمز من خلالها في دعوة الكتاب والسنة ويصفها بأبشع الصفات، ويبث شبهاته وانحرافاته تحت بصر وسمع الفضلاء أصحاب الجريدة ممن لهم تاريخ مشرف في مجال الدعوة والإعلام الإسلامي.
لأجل هذا كله ودرءً للخطر قبل وقوعه؛ فقد أحببت أن أنصح لإخواني دعاة الإسلام وحملته في هذه البلاد ببيان : كيف أصبحت العصرانية في مصر قنطرة للعلمانية عبرت عليها إلى مجتمعهم كما سبق؟ ليأخذوا حذرهم ويتبصروا أمرهم وما يكيده الأعداء لهم، فلا ينساقوا وراء الأفكار العصرانية مهما تزخرفت وتزينت كما انساق غيرهم، فيكون حالهم مع مجتمعهم كحال من :
رام نفعاً فضرَّ من غير قصدٍ *** ومن البر ما يكون عقوقًا
وتضيع جهودهم السابقة المشكورة في التصدي لأهل العلمنة بهذه النهاية الموجعة –لا قدر الله- التي يخدمون بها أولئك المفسدين عن غير قصد، فيحق فيهم قول الله تعالى (ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً). عندها نقول لهم :
وإخوانٍ تخذتهمو دروعـاً *** فـكانوها، ولـكن للأعادي
وخلتهم سـهاماً صائبات *** فكانوها، ولكـن في فـؤادي
وقالوا قد سعينا كل سعي *** فقلت نعم ، ولكن في (فسادي)
أسأل الله أن يوفق دعاة الإسلام لأن (يأخذوا حذرهم) فلا يكونوا مطية لغيرهم، وأن يحسن لنا ولهم الخاتمة، ويستعملنا إلى أن نلقاه في طاعته.


المصدر : سليمان بن صالح الخراشي
طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى