مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

* بردة الامام البوصيري كاملة

اذهب الى الأسفل

* بردة الامام البوصيري كاملة Empty * بردة الامام البوصيري كاملة

مُساهمة  طارق فتحي السبت سبتمبر 19, 2015 6:45 am

بردة الامام البوصيري كاملة مع الشرح
حول سيرة الإمام البوصيري
أولاً : اسمه
- هو محمد بن سعيد بن حماد بن تحسن بن أبي سرور بن حيان بن عبدالله بن ملاك الصنهاجي، البوصيري المصري المكني بأبي عبدالله، والملقب بشرف الدين.

ثانياً : نشْأتِه وثقافتِه
ولد يوم الثلاثاء سنة 208 بقرية دلاص ،وكانت أمه من دلاص وأبوه من بوصير، ولذلك، اشتهر بالبوصيري نسبة لمكان ولادته.
- لقد نشأ في أسرة فقيرة، لذلك اضطر إلى السعي لطلب الرزق منذ صغره.
- وكان البوصيري يجيد فن الخط، فزاول كتابة الألواح التي توضع على شواهد القبور، ولموهبته الشعرية مدح الوزراء والأمراء بأشعاره وذلك في مرحلة متقدمة من حياته ونال من عطاياهم.
- بدأ حياته كما كان يبدؤها معاصروه بحفظ القرآن، فقد افتتح كتّابا لتعليم الصبيان القرآن، ثم درس العلوم الدينية عندما رحل إلى القاهرة، وكان تعلمه في مسجد الشيخ عبد الظاهر.
- وقد عرضت عليه وظيفة الحسبة، وهذه الوظيفة لا تسند إلا لمن ألم بمبادئ الفقه.
- واشتعل كاتباً ببلبيس ( محافظة الشرقية / مصر) فينبغي أن يكون قد ألم بالأعمال الحسابية.
- مدح النبي صلى الله عليه وسلم بقصائد كثيرة من أشهرها قصيدة (البردة)، التي عارض فيها قصيدة كعب بن زهير :
(بانتْ سُعادُ فقلبي اليومَ متبولُ ... مُتيمٌ إثرها، لْم يُفدَ مكبُولُ).
- كانت صوفياً تلقى ذلك عن أبي العباس المرسي الذي خلف أبا الحسن الشاذلي في طريقته، وقد درس التصوف وآدابه وأسراره على شيخه أبي العباس الذي كانت تربطه به علاقة الحب.

ثالثاً : وفاته
- قال المقريزي في ترجمته للبوصيري في المقفى : ومات في سنة خمس وتسعين وستمائة بالمارستان " المستشفى" المنصوري من القاهرة.
- وذكر الزركلي في الأعلام : أنه توفي بالإسكندرية. وكذلك كان الخلاف في سنة الوفاة.
- فقال المقريزي سنة 695 ه، وذكر الزركلي أنها سنة 696 ه، وقيل: سنة 694 ه.

دراسة نص وتحليله

النص المختار:
التحذير من هوى النفس
فَـإِنَّ أمَّارَتِي بالسُّـوءِ مــا اتَّعَظَت ** مِن جهلِـهَا بنذير الشَّـيْبِ والهِـرَمِ
ولا أعَــدَّتْ مِنَ الفِعلِ الجميلِ قِرَى** ضَيفٍ أَلَـمَّ برأسـي غيرَ مُحتشِـمِ
لــو كنتُ أعلـمُ أنِّي مــا أُوَقِّرُهُ ** كتمتُ سِـرَّا بَــدَا لي منه بالكَتَمِ
مَن لي بِرَدِّ جِمَــاح مِن غَوَايتِهَــا ** كما يُرَدُّ جِمَاَحُ الخيــلِ بالُّلُـجُمِ
فـلا تَرُمْ بالمعاصي كَسْـرَ شـهوَتهَ** إِنَّ الطعـامَ يُقوِّي شــهوةَ النَّهِمِ
والنَّفسُ كَالطّفلِ إِنْ تُهمِلْه ُشَبَّ ** عَلَى حُبِّ الرّضَاع وَإِِِنْ تَفْطِمْهُ يَنفَطِــمِ
فاصْرِف هواهــا وحاذِر أَن تُوَلِّيَهُ** إِنَّ الهوى مـا تَـوَلَّى يُصْمِ أو يَصِمِ
وراعِهَـا وهْيَ في الأعمال سـائِمَةٌ** وإِنْ هِيَ استَحْلَتِ المَرعى فلا تُسِـمِ
كَـم حسَّــنَتْ لَـذَّةً للمرءِ قاتِلَةً ** مِن حيثُ لم يَدْرِ أَنَّ السُّمَّ في الدَّسَـمِ
واخْشَ الدَّسَائِسَ مِن جوعٍ ومِن شِبَعٍ** فَرُبَّ مخمَصَةٍ شَـــرٌّ مِنَ التُّـخَمِ

أولاً : معاني المفردات :
اتعظت : اعتبرت وتعلمت الـْهِرَم: كِبر السِّن.
قِرَى : طعام يقدم إكراماً للضيف.
كتمتُ : أخفيتُ الكَتَم : نبات مثل الحناء.
جِمَاح الخيل : عدم خضوعه اللجم : جمع لجام وهو ما يقاد به الفرس .
تَرُم : تطلب النَّهِم : شديد الجوع، حريص على الأكل.
شَبَّ : نشأ وكبر
تُوَلِّيَهُ : يكون ولياً عليك يُصْم : يقتل يَصم: يُصيب
سائمة : ترعى الكلأ وهو نبات صحراوي لا تُسم: لا تدعها ترعى
الدسائس: الفتن والمكائد /المَخْمَصَة : شدة الجوع / التُّخَم :فساد الطعام في المعدة.

ثانياً: شرح إجمالي للأبيات
يحذر الإمام البوصيري في هذا الفصل من النفس الأمارة بالسوء وأنها من جهلها لا تتعظ بنذير الشيب والكبر، وكان الواجب عليها أن تعتبر، فما أعدت هذه النفس، من جميل الفعال، وكريم الخصال، ما يتناسب مع الضيف الذي ألمّ بالرأس ، وهو غير خفي ألا وهو الشيب، وكان المناسب أنْ تزدادَ تقرّباً، وطاعةً، وعبادةً!! ولو كنت أعلم أني لن أنزل هذا الشيب منزلته التي يستحقها من حسن الفعال لعمدت إلى إخفائه بالأصباغ كالحناء، فمن يساعدني على رد نفسي عن غوايتها كما يكبح اللجام جماح الخيل.
ـ ثم يلفت نظر كل إنسان إلى حقيقة مهمة وهي أن كسر شهوة النفس لا يكون بالإفراط في المعاصي، فكما أن الطعام يقوي شهوة النهم، فإن فعل المعاصي يزيد في شهوة النفس الأمارة بالسوء.
- ثم يشبه النفس بالطفل، فكما أن الطفل إذا تركته أمه ويكبر ويشيب على حب الرضاع، أما إذا فطمته ومنعته من الرضاع فإنه ينفطم ويمتنع، فكذلك النفس من تركها تُعبُّ من الشهوات تزداد في تغيانها. ومن كبح جماحها ومنعها عن المعاصي امتنعت وأنابت إلى ربها سبحانه وتعالى.

_ ويأمر الإنسان أن يجتهد في أن يصرف هوى النفس، وأن يحذر من استيلائها عليه؛ لأن هوى النفس إذا استولى على الإنسان يقتله أو يعيبه على الأقل.
- ويوجه إلى ما ينبغي على الإنسان من ملاحظة النفس وهي في أعمالها كالأنعام التي ترعى في كلأ مباح، وإن استحلت المرعى فلا تتركها ترعى وتفعل ما تشاء. فطالما حسّنت النفس متعة للإنسان هي في حقيقتها قاتلة له، ولم يدرِ المسكين أن السم مخبأ في شهوته التي يراها كأنها دسم وشيء ثمين.
- ويحذّر من فتن الجوع والشبع، فلا يكون الجوع سبباً في القنوط، ولا يكون الشبع سبباً في البطر، فرُبَّ جوع شديد يورث القنوط، يكون شراً من شبع مفرط. وكلا الأمرين: شدة الجوع، وكثرة الشبع تصرف الإنسان عن العبادة والطاعة.



أقسام قصيدة البردة
تشمل أقسام قصيدة البردة عشرة أجزاء رئيسة، وقد قسمها الدارسون إلى فصول أساسية تتناول ما يلي من موضوعات :
1 - النّسيب النبويّ 1-12
2- التحذير من هوى النفس 13-28
3- مدح الرسول الكريم 29-58
4- مولده 59-72
5- معجزاته 73-88
6- القرآن الكريم 89-105
7- الإسراء والمعراج 105-118
8- جهاد الرسول وغزواته 119-140
9- التوسل والتشفع 141-152
10- المناجاة والتضرع 153-161
وعدد أبيات البردة مائة واثنان وستون بيتاً ..


شخصية مبدعها، وظروف عصره وملامح الأدب فيه


إنّ الشّعر باعتباره إبداعاً،فإنه ينطلق من التجربة الذاتيّة والشّخصيّة للشّاعر الأديب، ولا يكون الشعر الحقيقي إلا صادراً من الوجدان ومفضياً إليه سواء تناول الشّاعر فيه موضوعات عامة أو موضوعات خاصة فكل ما يقوله الشاعر لابدَّ أنْ يكونَ مرتبطاً بذات الشاعر.
والمديح النبوي فن ازدهر في الشعر العربي منذ الأعشى، وكعب بن زهير، وحسان بن ثابت، ويعدُّ في طليعة الشعر الإسلامي وزاد الإقبال عليه في العصر المملوكي، وفيه نجد صورة للدعوة الإسلامية وتزكيتها و الاهتمام برسول الله وسيرته وخلقه العظيم، وبيان معجزاته.
ولقد ارتبط المديح بالتصوف والروحانيات والوجدانيات ، وذلك لأن للصوفية وعيهم المتميّز، ولهم أيضاً وسائل تعبيريّة خاصّة، وأفكار وموضوعات حساسة في العقيدة ، مما أثار عليهم حفيظة بعض رجال الدين فاعترضوا على ما عبر عنه شعراء الصوفية ، والبوصيري منهم.

شخصية الإمام البوصيري

( أ ) ثقافته وصفاته
لقد كان للنشأة التي عاشها الإمام البوصيري أثرها الكبير في شخصيته، فهو قد حفظ القرآن الكريم، ودرس العلوم الدينية، واللغوية والسيرة النبوية وتنقل دارساً ومدرساً في المساجد ، وتتلمذ على شيوخ الصوفية الأجلاء، حيث درس التصوف وآدابه وأسراره ، وتلقى ذلك عن أبي العباس المرسي تلميذ أبي الحسن الشاذلي وكان محباً لشيخه وظهر ذلك في شعره.
وهو أحد العارفين بالله تعالى المحبين لرسول الله كان جيّاش العاطفة في محبتة للرسول، صادق الإيمان، قوي اليقين؛ فهو الفنان الشاعر الأديب الصوفي الذي تغنى بجمال النبي وبحبه في خشوع وتوسل . وفضلاً عن هذا كله فقد تعمّق في دراسة مؤلفات اليهود والنصارى وكتبهم المقدسة للرد على إنكارهم النبوة وبيان فساد معتقدهم. ومع هذا برع في كتابة الخطوط العربية. وتلقى عنه العلم أبو حيان الأندلسي ( ت 725) وعز الدين بن جماعة ( ت 735) وكان ينشد أشعاره ومدائحه على الحاضرين في المجالس .

( ب ) موضوعات شعره
ينقسم شعر البوصيري إلى قسمين هما :
1- الشّعر الاجتماعي والمديح والهجاء وشكوى الحال وأمور الحياة .
2- شعر المدائح النبوية حيث أجادها وبرع فيها بلا منازع.
وكان شعره فيهما قوياً رصيناً يميل فيه إلى تقليد القدماء ، وتُعدُّ البُردة أشهر مدائحه وله أيضاً في المديح القصيدة المضرية:
يارب صلّ على المختار من مضر والأنبياء وجميع الرسل ماذكروا
و القصيدة المحمدية:
محمد أشرف الأعراب والعجم محمد خير من يمشي على قدم
والهمزية:
كيف ترقى رُقيك الأنبياءُ يـا سماءً مــا طاولتها سـماءُ
لم يساوك في علاك وقد حـــــا ل سنـا فيك دونهم وسناءُ

وللبوصيري أشعار في أغراض أخري بجانب المديح فله في هجاء المعاندين والكفار، وله مديح في الحكام والسلاطين والأمراء والوزراء . وله قصائد شارك فيها في المناسبات المختلفة في عصره، ولقد أشاد به وأثنى على شعره وشاعريته كثير من العلماء والأدباء،كابن تغري بردي و ابن العماد، وغيرهم من النقاد قديما وحديثاً، ولم يسلمْ مِن نقدِ بعضهم لشعره وفّه .

( ج ) عصر البوصيري( العصر المملوكي )
لقد عاش البوصيري في العصر المملوكي وتأثر به كثيراً، حيث تميّز هذا العصر بعدة سمات منها :

أولاً :سمات الأدب وخصائصه في عهده
1- تغلُّب الصناعة اللفظية وشيوعها لدى جميع الشعراء والكتاب.
2- ازدهار فن المديح النبوي وتسابق شعراء العصر فيه.
3- انتشار الأغراض الأخرى : الوصف، والفخر، والحماسة .
4- نمو العصبيات مما ساعد على اتساع نطاق الهجاء.
5- ضعف الشعر عموماً وانتشار التلقيد للقدماء.
6- انشغال الشعراء في الوظائف الحكومية ( ديوان الإنشاء )
7- شيوع الجهل والفقر لدى عموم طبقات الشعب.
8- كثرة الفتن والتقلبات السياسية وتغيّر الحكام والأمراء.


ثانياً : الحركة العلمية في هذا العصر
لقد شهد هذا العصر كثيراً من ألوان النشاط العلمي والفني، حيث قد تميزت الحركة الثقافية والعلمية في هذا العصر بما يلي:
1- ظهور الموسوعات العلمية والمعاجم في جميع الفنون مثل:
• لسان العرب ابن منظور اللغة العربية
• صبح الأعشى للقلقشندي الأدب العربي
• وفيات الأعيان للصفدي التاريخ
• خطط المقريزي التاريخ
• فتح البارئ ابن حجر العسقلاني علوم الحديث
• تلخيص المفتاح الخطيب القزويني البلاغة
• ألفية ابن مالك والكافية والشافية النحو

2- خمود الأدب العباسي في بغداد.
3- هجره العلماء والمفكرين إلى مصر.
4- نشأة المكتبات .
5- اهتمام الأمراء بإنشاء المدارس.
6- الاهتمام باللغة العربية والعلوم الشرعية .
7- ديوان الإنشاء والتنافس للعمل فيه .
8- الاهتمام بالتعليم والحياة الفكرية.




الأفكار الصوفية التي تعبر عنها أبيات البردة

لقد عبّرت بعض أبيات البُردة عن بعض المعاني الصّوفيّة مثل :

1 ) إنّ الرّسول صلى الله عليه وسلم إنسان كامل بالمعني الصّوفي :
محمّدٌ سـيّدُ الكــونينِ والثقَلَـيْنِ *** والفريقـين مِن عُـربٍ ومِن عَجَـمِ

2) بيان حقيقة النّور المحمديّ الأزلي:
وكُــلُّ آيٍ أتَى الرُّسْـلُ الكِـرَامُ بِهَا **** فــإنمـا اتصَلَتْ مِن نورِهِ بِهِــمِ
فـإِنَّهُ شمـسُ فَضْلٍ هُـم كــواكِبُهَا **** يُظهِرْنَ أنـوارَهَا للنـّـاسِ في الظُّلَمِ

3) سيّدنا محمّد صلى الله عليه وسلم هو صاحب الشّفاعة وسيّد الكونين :
هُو الحبيبُ الــذي تُرجَى شـفاعَتُهُ **** لكُــلِّ هَوْلٍ مِن الأهـوالِ مُقتَحَمِ

4 ) ما واكب مولد الرسول صلى الله عليه وسلم من معجزات وخوارق :
أبــانَ مولِدُهُ عن طِيــبِ عنصُرِهِ *** يـــا طِيبَ مُبتَـدَاٍ منه ومُختَتَـمِ

5) معجزات النبي صلى الله عليه وسلم تأييد للدعوة الإسلاميّة:
جاءت لِــدَعوَتِهِ الأشـجارُ سـاجِدَةً **** تمشِـي إِليه على سـاقٍ بــلا قَدَمِ
6) الحقيقة الروحيّة المحمّديّة فهو صلى الله عليه وسلم حي لايموت ومِن حيثُ الحقيقة الجسمانيّة حادث يمكن أنّ يضمّ التّرب أعظمه دون تغيير في مادة الجسد:
لا طيبَ يَعــدِلُ تُرْبَـا ضَمَّ أعظُمَهُ *** طوبى لمُنتَشِـقٍ منـــه ومـلتَثِـمِ
7) تفوّق النبي صلى الله عليه وسلم على غيره من الخَلق والرّسل خَلْقاً، وخُلُقاً ،وعِلِماً، وكرماً:
فــاقَ النَّبيينَ في خَلْـقٍ وفي خُلُـقٍ *** ولم يُـدَانُوهُ في عِلــمٍ ولا كَـرَمِ

وفي هذا يذكر د. محمد زغلول سلام : وظهرت الصّوفيّة ظهوراً قوياً في الجزء الأخير من البّردة حيث يتوسل بالرّسول صلى الله عليه وسلم
يــا أكرَمَ الخلقِ ما لي مَن ألوذُ به *** سِـوَاكَ عِنـدَ حُلولِ الحادِثِ العَمِمِ
ولَن يَضِيقَ رسـولَ اللهِ جاهُكَ بي *** إذا الكريمُ تَجَلَّى بــاسمِ مُنتَقِـمِ
يا نَفْـسُ لا تَقنَطِي مِن زَلَّةٍ عَظُمَتْ *** إِنَّ الكَبَـائِرَ في الغُفرَانِ كـالَّلمَـمِ
لعَـلَّ رَحمَةَ رَبِّي حينَ يَقسِــمُهَا **** تَأتِي على حَسَبِ العِصيَانِ في القِسَمِ
يا رَبِّ واجعَلْ رجائِي غيرَ مُنعَكِسٍ *** لَدَيْـكَ واجعلْ حِسَابِي غيرَ مُنخَرِمِ




نص البردة
مَزَجْتَ دَمعــا جرى مِن مُقلَةٍ بِدَمِ


أمِنْ تَــذَكِّرِ جيرانٍ بــذي سَــلَمِ

وأومَضَ البرقُ في الظَّلمـاءِ مِن اِضَمِ


أَم هَبَّتِ الريحُ مِن تلقــاءِ كــاظِمَةٍ

وما لقلبِكَ اِن قلتَ اسـتَفِقْ يَهِــمِ


فـما لِعَينـيك اِن قُلتَ اكْفُفَـا هَمَـتَا

ما بينَ منسَــجِمٍ منه ومُضْـطَـرِمِ


أيحَســب الصَبُّ أنَّ الحبَّ مُنكَتِــمٌ

ولا أَرِقْتَ لِــذِكْرِ البـانِ والعَلَـمِ


لولا الهوى لم تُرِقْ دمعـــا على طَلِلِ

به عليـك عُدولُ الدمـعِ والسَّـقَمِ


فكيفَ تُنْكِـرُ حبا بعدمـا شَــهِدَت

مثلَ البَهَـارِ على خَدَّيـك والعَنَـمِ


وأثبَتَ الـوَجْدُ خَـطَّي عَبْرَةٍ وضَـنَى

والحُبُّ يعتَـرِضُ اللـذاتِ بالأَلَـمِ


نَعَم سـرى طيفُ مَن أهـوى فـأَرَّقَنِي

مِنِّي اليـك ولَو أنْصَفْـتَ لَم تَلُـمِ


يــا لائِمي في الهوى العُذْرِيِّ مَعـذرَةً

عن الوُشــاةِ ولا دائي بمُنحَسِــمِ


عَدَتْـــكَ حالي لا سِـرِّي بمُسْـتَتِرٍ

اِنَّ المُحِبَّ عَنِ العُــذَّالِ في صَمَـمِ


مَحَّضْتَنِي النُّصْحَ لكِنْ لَســتُ أسمَعُهُ

والشَّـيْبُ أبعَـدُ في نُصْحٍ عَنِ التُّهَمِ


اِنِّي اتَّهَمْتُ نصيحَ الشَّـيْبِ فِي عَذَلِي

مِن جهلِـهَا بنذير الشَّـيْبِ والهَـرَمِ


فـانَّ أمَّارَتِي بالسـوءِ مــا اتَّعَظَت

ضَيفٍ أَلَـمَّ برأسـي غيرَ مُحتشِـمِ


ولا أعَــدَّتْ مِنَ الفِعلِ الجميلِ قِرَى

كتمتُ سِـرَّا بَــدَا لي منه بالكَتَمِ


لــو كنتُ أعلـمُ أنِّي مــا أُوَقِّرُهُ

كما يُرَدُّ جِمَاَحُ الخيــلِ بالُّلُـجُمِ


مَن لي بِرَدِّ جِمَــاح مِن غَوَايتِهَــا

اِنَّ الطعـامَ يُقوِّي شــهوةَ النَّهِمِ

حُبِّ الرّضَاع وَإِنْ تَفْطِمْهُ يَنفَطِــمِ


فـلا تَرُمْ بالمعاصي كَسْـرَ شـهوَتهَا

والنَّفسُ كَالطّفلِ إِنْ تُهمِلْه ُشَبَّ عَلَى

اِنَّ الهوى مـا تَـوَلَّى يُصْمِ أو يَصِمِ


فاصْرِف هواهــا وحاذِر أَن تُوَلِّيَهُ

واِنْ هِيَ استَحْلَتِ المَرعى فلا تُسِـمِ


وراعِهَـا وهْيَ في الأعمال سـائِمَةٌ

مِن حيثُ لم يَدْرِ أَنَّ السُّمَّ في الدَّسَـمِ


كَـم حسَّــنَتْ لَـذَّةً للمرءِ قاتِلَةً

فَرُبَّ مخمَصَةٍ شَـــرٌّ مِنَ التُّـخَمِ


واخْشَ الدَّسَائِسَ مِن جوعٍ ومِن شِبَعٍ

مِن المَحَـارِمِ والْزَمْ حِميَـةَ َالنَّـدَمِ


واستَفرِغِ الدمعَ مِن عينٍ قَـدِ امْتَلأتْ

واِنْ همـا مَحَّضَـاكَ النُّصحَ فاتَّهِـمِ


وخالِفِ النفسَ والشيطانَ واعصِهِـمَا

فأنت تعرفُ كيـدَ الخَصمِ والحَكَـمِ


ولا تُطِعْ منهما خصمَا ولا حكَمَــا

أنِ اشـتَكَتْ قدمَــاهُ الضُّرَّ مِن وَرَمِ


ظَلمتُ سُـنَّةَ مَن أحيــا الظلامَ الى

تحتَ الحجارةِ كَشْــحَاَ ًمُتْرَفَ الأَدَمِ


وشَدَّ مِن سَغَبٍ أحشــاءَهُ وطَـوَى

عن نفسِـه فـأراها أيَّمَـــا شَمَمِ


وراوَدَتْــهُ الجبالُ الشُّـمُّ مِن ذَهَبٍ

اِنَّ الضرورةَ لا تعــدُو على العِصَمِ


وأكَّــدَت زُهدَهُ فيها ضرورَتُــهُ

والفريقـين مِن عُـربٍ ومِن عَجَـمِ


محمدٌّ سـيدُ الكــونينِ والثقَلَـيْنِ

أبَـرُّ في قَــولِ لا منـه ولا نَعَـمِ


نَبِيُّنَـا الآمِرُ النَّــاهِي فلا أَحَــدٌ

لكُــلِّ هَوْلٍ مِن الأهـوالِ مُقتَحَمِ


هُو الحبيبُ الــذي تُرجَى شـفاعَتُهُ

مُستَمسِـكُونَ بِحبـلٍ غيرِ مُنفَصِـمِ


دَعَـا الى اللهِ فالمُسـتَمسِـكُون بِـهِ

ولم يُـدَانُوهُ في عِلــمٍ ولا كَـرَمِ


فــاقَ النَّبيينَ في خَلْـقٍ وفي خُلُـقٍ

غَرْفَا مِنَ البحرِ أو رَشفَاً مِنَ الدِّيَـمِ


وكُــلُّهُم مِن رسـولِ اللهِ مُلتَمِـسٌ

مِن نُقطَةِ العلمِ أو مِن شَكْلَةِ الحِكَـمِ


وواقِفُـونَ لَدَيــهِ عنـدَ حَدِّهِــمِ

ثم اصطفـاهُ حبيباً بارِيءُ النَّسَــمِ


فَهْوَ الـــذي تَمَّ معنــاهُ وصورَتُهُ

فجَـوهَرُ الحُسـنِ فيه غيرُ منقَسِـمِ


مُنَـزَّهٌ عـن شـريكٍ في محاسِــنِهِ

واحكُم بما شئتَ مَدحَاً فيه واحتَكِـمِ


دَع مــا ادَّعَتهُ النصارى في نَبِيِّهِـمِ

وانسُب الى قَدْرِهِ ما شئتَ مِن عِظَـمِ


وانسُبْ الى ذاتِهِ ما شـئتَ مِن شَـرَفٍ

حَـدٌّ فَيُعـرِبَ عنـهُ نــاطِقٌ بِفَمِ


فَــاِنَّ فَضلَ رســولِ اللهِ ليـس له

أحيـا اسمُهُ حين يُـدعَى دارِسَ الرِّمَمِ


لو نـاسَـبَتْ قَـدْرَهُ آيـاتُهُ عِظَمَـاً

حِرصَـاً علينـا فلم نرتَـبْ ولم نَهِمِ


لم يمتَحِنَّــا بمـا تَعيَــا العقولُ بـه

في القُرْبِ والبُعـدِ فيه غـيرُ مُنفَحِمِ


أعيـا الورى فَهْمُ معنــاهُ فليسَ يُرَى

صغيرةً وتُكِـلُّ الطَّـرْفَ مِن أَمَـمِ


كـالشمسِ تظهَرُ للعينَيْنِ مِن بُــعُدٍ

قَــوْمٌ نِيَــامٌ تَسَلَّوا عنه بـالحُلُمِ


وكيفَ يُــدرِكُ في الدنيــا حقيقَتَهُ

وأَنَّــهُ خيرُ خلْـقِ الله كُـــلِّهِمِ


فمَبْلَغُ العِــلمِ فيه أنــه بَشَــرٌ

فــانمـا اتصَلَتْ مِن نورِهِ بِهِــمِ


وكُــلُّ آيٍ أتَى الرُّسْـلُ الكِـرَامُ بِهَا

يُظهِرْنَ أنـوارَهَا للنــاسِ في الظُّلَمِ


فـاِنَّهُ شمـسُ فَضْلٍ هُـم كــواكِبُهَا

بالحُسـنِ مشـتَمِلٌ بالبِشْـرِ مُتَّسِـمِ


أكــرِمْ بخَلْـقِ نبيٍّ زانَــهُ خُلُـقٌ

والبحرِ في كَــرَمٍ والـدهرِ في هِمَمِ


كالزَّهرِ في تَرَفٍ والبـدرِ في شَـرَفٍ

في عسـكَرٍ حينَ تلقاهُ وفي حَشَــمِ


كــأنَّهُ وهْـوَ فَرْدٌ مِن جلالَتِــهِ

مِن مَعْــدِنَيْ مَنْطِـقٍ منه ومبتَسَـمِ


كـــأنَّمَا اللؤلُؤُ المَكنُونُ في صَدَفٍ

طوبى لمُنتَشِـقٍ منـــه ومـلتَثِـمِ


لا طيبَ يَعــدِلُ تُرْبَـا ضَمَّ أعظُمَهُ

يـــا طِيبَ مُبتَـدَاٍ منه ومُختَتَـمِ


أبــانَ مولِدُهُ عن طِيــبِ عنصُرِهِ

قَــد أُنـذِرُوا بِحُلُولِ البُؤسِ والنِّقَمِ


يَــومٌ تَفَرَّسَ فيــه الفُرسُ أنَّهُـمُ

كَشَـملِ أصحابِ كِسـرَى غيرَ مُلتَئِمِ


وبـاتَ اِيوَانُ كِسـرَى وَهْوَ مُنْصَدِعٌ

عليه والنهرُ سـاهي العَيْنِ مِن سَـدَمِ


والنارُ خـامِدَةُ الأنفـاسِ مِن أَسَـفٍ

وَرُدَّ وارِدُهَـا بــالغَيْظِ حينَ ظَـمِي


وسـاءَ سـاوَةَ أنْ غاضَتْ بُحَيرَتُهَـا

حُزْنَـاً وبـالماءِ ما بـالنار مِن ضَـرَمِ


كــأَنَّ بالنـارِ ما بالمـاءِ مِن بَلَـلٍ

والحـقُّ يظهَـرُ مِن معنىً ومِن كَـلِمِ


والجِنُّ تَهتِفُ والأنــوارُ ســاطِعَةٌ

تُسمَعْ وبـــارِقَةُ الاِنذارِ لم تُشَـمِ


عَمُوا وصَمُّوا فــاِعلانُ البشـائِرِ لم

بــأنَّ دينَـهُـمُ المُعـوَجَّ لم يَقُـمِ


مِن بعـدِ ما أخبَرَ الأقوامَ كــاهِنُهُم

مُنقَضَّةٍ وَفـقَ مـا في الأرضِ مِن صَنَمِ


وبعـد ما عاينُوا في الأُفقِِ مِن شُـهُبٍ

مِن الشـياطينِ يقفُو اِثْــرَ مُنهَـزِمِ


حتى غَــدا عن طـريقِ الوَحيِ مُنهَزِمٌ

أو عَسكَرٌ بـالحَصَى مِن راحَتَيْـهِ رُمِي


كــأنَّهُم هَرَبَــا أبطــالُ أبْرَهَـةٍ

نَبْـذَ المُسَبِّحِ مِن أحشــاءِ ملتَقِـمِ


نَبْذَا به بَعــدَ تسـبيحٍ بِبَـطنِهِمَــا

تمشِـي اِليه على سـاقٍ بــلا قَدَمِ


جاءت لِــدَعوَتِهِ الأشـجارُ سـاجِدَةً

فُرُوعُهَـا مِن بـديعِ الخَطِّ في الَّلـقَمِ


كــأنَّمَا سَـطَرَتْ سـطرا لِمَا كَتَبَتْ

تَقِيـهِ حَرَّ وَطِيـسٍ للهَجِــيرِ حَمِي


مثلَ الغمــامَةِ أَنَّى سـارَ ســائِرَةً

وكُــلُّ طَرْفٍ مِنَ الكفارِ عنه عَمِي


وما حوى الغـــارُ مِن خيرٍ ومِن كَرَمِ

وهُم يقولون مـا بالغــارِ مِن أَرِمِ


فالصدقُ في الغــارِ والصدِّيقُ لم يَرِمَـا

خــيرِ البَرِّيَّـةِ لم تَنسُـجْ ولم تَحُمِ


ظنُّوا الحمــامَةَ وظنُّوا العنكبوتَ على

مِنَ الدُّرُوعِ وعن عــالٍ مِنَ الأُطُمِ


وِقَـــايَةُ اللهِ أغنَتْ عَن مُضَــاعَفَةٍ

اِلا ونِــلتُ جِـوَارَاً منه لم يُـضَمِ


ما سـامَنِي الدَّهرُ ضيمَاً واسـتَجَرتُ بِهِ

اِلا استَلَمتُ النَّدَى مِن خيرِ مُسـتَلَمِ


ولا التَمســتُ غِنَى الدَّارَيْنِ مِن يَـدِهِ

قَلْبَاً اِذا نــامَتِ العينـانِ لم يَنَـمِ


لا تُنكِـــرِ الوَحْيَ مِن رُؤيَـاهُ اِنَّ لَهُ

فليسَ يُنـكَرُ فيهِ حـالُ مُحتَلِــمِ


وذاكَ حينَ بُلُــوغٍ مِن نُبُوَّتِــــهِ

ولا نــبيٌّ على غيــبٍ بمُتَّهَـمِ


تبــارَكَ اللهُ مــا وَحيٌ بمُكتَسَـبٍ

وأطلَقَتْ أَرِبَــاً مِن رِبــقَةِ اللمَمِ


كَــم أبْرَأَتْ وَصِبَـاً باللمسِ راحَتُهُ

حتى حَكَتْ غُرَّةً في الأَعصُرِ الدُّهُـمِ


وأَحْيت السَــنَةَ الشَّــهباءَ دَعوَتُهُ

سَـيْبٌ مِنَ اليمِّ أو سَـيْلٌ مِنَ العَرِمِ


بعارِضٍ جادَ أو خِلْتَ البِطَـاحَ بهــا

ظهُورَ نـارِ القِرَى ليـلا على عَـلَمِ


دَعنِي وَوَصفِيَ آيـــاتٍ له ظهَرَتْ

وليس يَـنقُصُ قَــدرَاً غيرَ مُنتَظِمِ


فالــدُّرُ يزدادُ حُسـناً وَهْوَ مُنتَظِمُ

مـا فيـه مِن كَرَمِ الأخلاقِ والشِّيَمِ


فمَــا تَطَـاوُلُ آمــالِ المدِيحِ الى

قــديمَةٌ صِفَةُ الموصـوفِ بالقِـدَمِ


آيــاتُ حَقٍّ مِنَ الرحمنِ مُحدَثَــةٌ

عَنِ المَعَـــادِ وعَن عـادٍ وعَن اِرَمِ


لم تَقتَرِن بزمـــانٍ وَهْيَ تُخبِرُنــا

مِنَ النَّبيينَ اِذ جــاءَتْ ولَم تَـدُمِ


دامَتْ لدينـا ففاقَتْ كُــلَّ مُعجِزَةٍ

لــذي شِـقَاقٍ وما تَبغِينَ مِن حِكَمِ


مُحَكَّـمَاتٌ فمــا تُبقِينَ مِن شُـبَهٍ

أَعـدَى الأعـادِي اليها مُلقِيَ السَّلَمِ


ما حُورِبَت قَطُّ الا عــادَ مِن حَرَبٍ

رَدَّ الغَيُورِ يَـدَ الجــانِي عَن الحُرَمِ


رَدَّتْ بلاغَتُهَــا دَعوى مُعارِضِهَـا

وفَـوقَ جَوهَرِهِ في الحُسـنِ والقِيَمِ


لها مَعَــانٍ كَموْجِ البحرِ في مَـدَدٍ

ولا تُسَـامُ على الاِكثــارِ بالسَّأَمِ


فَمَـا تُـعَدُّ ولا تُحـصَى عجائِبُهَـا

لقـد ظَفِـرتَ بحَبْـلِ الله فـاعتَصِمِ


قَرَّتْ بَهـا عينُ قارِيها فقُلتُ لــه

مِنَ العُصَاةِ وقَــد جاؤُوهُ كالحُمَـمِ


كــأنَّها الحوضُ تَبيَضُّ الوُجُوهُ بِـهِ

فالقِسطُ مِن غيرِهَا في النـاسِ لم يَقُمِ


وكـالصِّراطِ وكـالميزانِ مَعدَلَــةً

تجاهُلا وَهْـوَ عـينُ الحـاذِقِ الفَهِمِ


لا تَعجَبَنْ لِحَسُـودٍ راحَ يُنكِرُهَــا

ويُنكِرُ الفَمَ طعمَ المـاءِ مِن سَــقَمِ


قد تُنكِرُ العينُ ضَوْءَ الشمسِ مِن رَمَدٍ

سعيَــا وفَوقَ مُتُونِ الأَيْنُقِ الرُّسُـمِ


يـا خيرَ مَن يَمَّمَ العـافُونَ سـاحَتَهُ

ومَن هُـوَ النِّعمَــةُ العُظمَى لِمُغتَنِمِ


ومَن هُــوَ الآيـةُ الكُبرَى لمُعتَبِـرٍ

كما سَـرَى البَدرُ في داجٍ مِنَ الظُّلَمِ


سَرَيتَ مِن حَـرَمٍ ليــلا الى حَرَمِ

مِن قابَ قوسَـيْنِ لم تُدرَكْ ولَم تُـرَمِ


وبِتَّ ترقَى الى أن نِلـتَ مَنزِلَــةً

والرُّسْـلِ تقديمَ مخـدومٍ على خَـدَمِ


وقَـدَّمَتْكَ جميعُ الأنبيـاءِ بهـــا

في مَوكِبٍ كُنتَ فيـه صاحِبَ العَـلَمِ


وأنتَ تَختَرِقُ الســبعَ الطِّبَاقَ بهم

مِنَ الـــدُّنُوِّ ولا مَرقَىً لمُســتَنِمِ


حتى اذا لم تدَعْ شَــأْوَاً لمُســتَبِقٍ

نُودِيتَ بالـرَّفعِ مثلَ المُفرَدِ العَــلَمِ


خَفَضْتَ كُــلَّ مَقَامٍ بالاضـافَةِ اِذ

عَنِ العُيــون وسِـــرٍّ أيِّ مُكتَتِمِ


كيما تَفُوزَ بِوَصْــلٍ أيِّ مُســتَتِرِ

وجُزْتَ كُــلَّ مَقَــامٍ غيرَ مُزدَحَمِ


فَحُزتَ كُــلَّ فَخَارٍ غيرَ مُشـتَرَكٍ

وعَزَّ اِدراكُ مــا أُولِيتَ مِن نِعَــمِ


وجَـلَّ مِقـدَارُ مـا وُلِّيتَ مِن رُتَبٍ

مِنَ العِنَايَـةِ رُكنَــاً غيرَ منهَــدِمِ


بُشـرَى لنا مَعشَـرَ الاسـلامِ اِنَّ لنا

بـأكرمِ الرُّسْلِ كُنَّـا أكـرَمَ الأُمَـمِ


لمَّـا دَعَى اللهُ داعينــا لطــاعَتِهِ

كَنَبـأَةٍ أَجْفَلَتْ غُفْــلا مِنَ الغَنَـمِ


راعَتْ قلوبَ العِـدَا أنبـــاءُ بِعثَتِهِ

حتى حَكَوْا بالقَنَـا لَحمَا على وَضَـمِ


مـا زالَ يلقــاهُمُ في كُـلِّ مُعتَرَكٍ

أشـلاءَ شـالَتْ مَعَ العُقبَـانِ والرَّخَمِ


وَدُّوا الفِرَارَ فكــادُوا يَغبِطُونَ بـه

ما لم تَكُن مِن ليــالِي الأُشهُرِ الحُـرُمِ


تَمضِي الليـالي ولا يَدرُونَ عِدَّتَهَـا

بكُــلِّ قَرْمٍ الى لَحمِ العِــدَا قَـرِمِ


كـأنَّمَا الدِّينُ ضَيْفٌ حَلَّ سـاحَتَهُم

يـرمي بمَوجٍ من الأبطــالِ ملتَـطِمِ


يَجُـرُّ بحـرَ خميسٍ فَوقَ ســابِحَةٍ

يَسـطُو بمُسـتَأصِلٍ للكُفرِ مُصطَـلِمِ


مِن كُــلِّ منـتَدِبٍ لله مُحتَسِـبٍ

مِن بَعــدِ غُربَتِهَا موصولَةَ الرَّحِـمِ


حتى غَدَتْ مِلَّةُ الاسـلامِ وَهْيَ بهـم

وخيرِ بَعـلٍ فــلم تَيْتَـمْ ولم تَئِـمِ


مَكفولَـةً أبـدَاً منهـم بِـخَيرِ أَبٍ

مــاذا لَقِي منهم في كُـلِّ مُصطَدَمِ


هُمُ الجبـالُ فَسَـلْ عنهُم مُصَادِمَهُم

فُصـولُ حَتْفٍ لَهم أدهى مِنَ الوَخَمِ


وَسَـلْ حُنَيْنَاً وَسَـلْ بَدْرَاً وَسَلْ أُحُدَا

مِنَ العِــدَا كُلَّ مُسْوَدٍّ مِن الِّلمَـمِ


المُصدِرِي البِيضِ حُمرَاً بعد ما وَرَدَتْ

أقــلامُهُمْ حَرْفَ جِسمٍ غيرَ مُنعَجِمِ


والكاتِبينَ بِسُــمرِ الخَطِّ ما تَرَكَتْ

والوَرْدُ يمتـازُ بالسِّيمَى عَنِ السَّـلَمِ


شـاكِي السـلاحِ لهم سِيمَى تُمَيِّزُهُم

فتَحسِبُ الزَّهرَ في الأكمامِ كُلَّ كَمِي


تُهدِي اليـكَ رياحُ النَّصرِ نَشْـرَهُمُ

مِن شَـدَّةِ الحَزْمِ لا مِن شـدَّةِ الحُزُمِ


كــأنَّهُم في ظُهورِ الخَيْلِ نَبْتُ رُبَـاً

فمـا تُـفَرِّقُ بين البَهْـمِ والبُهَـمِ


طارَتْ قلوبُ العِدَا مِن بأسِـهِم فَرَقَاً

اِن تَلْقَهُ الأُسْـدُ في آجــامِهَا تَجِمِ


ومَن تَـكُن برسـولِ اللهِ نُصرَتُـهُ

بِــهِ ولا مِن عَــدُوٍّ غيرَ مُنعَجِمِ


ولَن تَــرى مِن وَلِيٍّ غيرَ منتَصِـرٍ

كالليْثِ حَلَّ مَعَ الأشـبالِ فِي أَجَمِ


أَحَــلَّ أُمَّتَـهُ في حِـرْزِ مِلَّتِــهِ

فيه وكـم خَصَمَ البُرهانُ مِن خَصِمِ


كَـم جَدَّلَتْ كَـلِمَاتُ الله مِن جَدَلٍ

في الجاهـليةِ والتــأديبَ في اليُتُمِ


كفــاكَ بـالعلمِ في الأُمِّيِّ مُعجَزَةً

ذُنوبَ عُمْر مَضَى في الشِّعرِ والخِدَمِ


خَدَمْتُهُ بمديــحٍ أســتَقِيلِ بِـهِ

كــأنني بِهِــمَا هَدْيٌ مِنَ النَّعَمِ


اِذ قَـلَّدَانِيَ ما تُخشَـى عـواقِبُـهُ

حَصَلتُ الا على الآثـامِ والنَّـدَمِ


أَطَعتُ غَيَّ الصِّبَا في الحالَتَيْنِ ومــا

لَم تَشتَرِ الدِّينَ بـالدنيا ولم تَسُـمِ


فيـا خَسَــارَةَ نَفْسٍ في تِجَارَتِهَـا

بِينَ لـه الغَبْنُ في بَيْـعٍ وفي سَـلَمِ


ومَن يَبِــعْ آجِـلا منه بـعاجِلِـهِ

مِنَ النَّبِيِّ ولا حَبـلِي بمُنصَـــرِمِ


اِنْ آتِ ذَنْبَـاً فمــا عَهدِي بمُنتَقِضٍ

مُحمَّدَاً وهُوَ أوفَى الخلقِ بــالذِّمَمِ


فـــاِنَّ لي ذِمَّةً منــه بتَسـمِيَتِي

فَضْلا والا فَقُــلْ يــا زَلَّةَ القَدَمِ


اِنْ لم يكُـن في مَعَـادِي آخِذَاً بِيَدِي

أو يَرجِعَ الجــارُ منه غيرَ مُحـتَرَمِ


حاشــاهُ أنْ يَحْرِمَ الرَّاجِي مَكَارِمَهُ

وجَدْتُـهُ لخَلاصِي خــيرَ مُلتَـزِمِ


ومُنذُ أَلزَمْتُ أفكَـــارِي مَدَائِحَهُ

اِنَّ الحَيَـا يُنْبِتُ الأزهارَ في الأَكَـمِ


ولَن يَفُوتَ الغِنَى منه يَــدَاً تَرِبَتْ

يَــدَا زُهَيْرٍ بمـا أثنَى على هَـرِمِ


ولَم أُرِدْ زَهرَةَ الدنيـا التي اقتَطَفَتْ

سِـوَاكَ عِنـدَ حُلولِ الحادِثِ العَمِمِ


يــا أكرَمَ الخلقِ ما لي مَن ألوذُ به

اذا الكريمُ تَجَلَّى بــاسمِ مُنتَقِـمِ


ولَن يَضِيقَ رسـولَ اللهِ جاهُكَ بي

اِنَّ الكَبَـائِرَ في الغُفرَانِ كـالَّلمَـمِ


يا نَفْـسُ لا تَقنَطِي مِن زَلَّةٍ عَظُمَتْ

تَأتِي على حَسَبِ العِصيَانِ في القِسَمِ


لعَـلَّ رَحمَةَ رَبِّي حينَ يَقسِــمُهَا

لَدَيْـكَ واجعلْ حِسَابِي غيرَ مُنخَرِمِ


يا رَبِّ واجعَلْ رجائِي غيرَ مُنعَكِسٍ

صَبرَاً مَتَى تَـدعُهُ الأهـوالُ ينهَزِمِ


والطُفْ بعَبدِكَ في الدَّارَينِ اِنَّ لَـهُ

عـلى النبِيِّ بِمُنْهَــلٍّ ومُنسَـجِم


وائذَنْ لِسُحْبِ صلاةٍ منك دائِمَةٍ

وأَطرَبَ العِيسَ حادِي العِيسِ بالنَّغَمِ


ما رَنَّحَتْ عَذَبَاتِ البَانِ رَيحُ صَبَـا

وعَن عَلِيٍّ وعَن عثمـانَ ذِي الكَرَمِ


ثُمَّ الرِّضَـا عَن أبي بَكرٍ وعَن عُمَرَ

أهلُ التُّقَى والنَّقَى والحِلْمِ والكَـرَمِ


والآلِ والصَّحبِ ثُمَّ التَّابِعِينَ فَهُـمْ
طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى