مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

* شرح رموز وصور اللوحة العجيبة لموسى ع - النقش العجيب

اذهب الى الأسفل

* شرح رموز وصور اللوحة العجيبة لموسى ع - النقش العجيب Empty * شرح رموز وصور اللوحة العجيبة لموسى ع - النقش العجيب

مُساهمة  طارق فتحي الأحد مايو 07, 2017 3:59 pm

شرح رموز وصور اللوحة العجيبة لموسى ع
* الوجه الأول:
الذي تُظهره اللوحة في الوضع (أ)، وهو وجه الرجل الباكي، الذي على خده أفعى وعنده رأس بقرة، أعتقد أن هذا الرجل هو نبي الله موسى عليه السلام، وذلك للأسباب التالية:
1-المهابة والقوة وضخامة الجسم التي يظهر فيها الرجل وذلك من خلال النقش، وهذا موافق لما جاء من وصف موسى عليه السلام أنه كان قوي البُنية، وهناك شواهد منها أنه قتل رجلاً بمجرد أن وكزه: {وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ} [القصص:15].
وكذلك عندما ورد ماء مدين ووجد امرأتين تذودان، فسألهما: لماذا لا تسقيان ماشيتكما؟ فقالتا: لا نسقي حتى يُصدر الرعاء، وأخبرتاه أن أباهُما شيخٌ كبيرٌ، فعمد إلى بئر آخر غير الذي يسقي منه الناس، وكان على هذا البئر إغلاق من حجر لا ينزعه إلا مجموعة من الرجال فنزعه بمفرده وسقا لهما غنمهما، لهذا قالت إحداهما لأبيها يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين، وأما قولها الأمين، لأنه عندما جاءت إحداهما وكانت مستحيية ودعته إلى بيت أبيها كي يكرموه جزاء ما سقى لهما، طلب منها أن تمشي خلفه وتدله على الطريق حتى لا يرى مفاتنها وهي تمشي أمامه: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ# فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ# فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ# قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص23-26].
وكذلك يبدو الرجل من خلال النقش فاتحاً فمه قليلاً وتسيل من عينه دمعات، ويؤول هذا على أنه يذكر الله تعالى ويبكي، وهذه أيضاً صفة من صفات موسى عليه السلام، حيث قال: {وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي# هَارُونَ أَخِي# اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي# وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي# كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا# وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا} [طه 29-34].
2 - لوجود الأفعى على خد موسى عليه السلام وذلك من خلال النقش وقصة موسى عليه السلام معروفة، عندما ألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين.
وموسى عليه السلام هو النبي الوحيد الذي كانت من معجزاته الأفعى، حيث تحولت عصاه أكثر من مرة إلى أفعى، وكانت هي سبب نصره على السحرة أمام فرعون: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى# قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى# قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى# فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى} [طه: 17-20]. {فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ} [الشعراء:32]. {وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} [طه: 69]
3 - لوجـود رأس البقـرة في النقش مع صورة موسى عليه السلام، وقصـة البقرة معروفة عندمـا أمر موسى عليه السلام بني إسرائيل أن يذبحوا بقرة بأمـر من الله عز وجـل: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُـواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِـنَ الْجَاهِلِينَ} [البقرة:67].
وكان ذلك عندما قُتِل رجلٌ من بني إسرائيل، ولم يُعرف قاتله، فأمرهم الله أن يذبحوا بقرة ويأخذوا بعضاً منها ثم يضربوا به المقتول، ففعلوا ذلك، فأحيا الله المقتول وقال قتلني فلان ثم عاد فمات.
إذن فموسى عليه السلام هو النبي الذي كانت له علاقةٌ بذبح البقرة، ونلاحظ أن الصانع للنقش أظهر العظمتين اللّتين تظهران في الحلقوم عند ذبح الأنعام وهذا دلالة على أن البقرة مذبوحة.
4 - ولأن النقش إذا قُلب أظهر لنا رموزاً كانوا أعداء، أو عُصاة، أو محاربين لموسى عليه السلام. فصورة المصري الفرعوني إشارة إلى فرعون موسى، وقد كان فرعون يريد قتل موسى عليه السلام: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأرْضِ الْفَسَادَ} [غافر: 26].
وكذلك صورتا القرد الأعور والخنزير الأعور تشيران إلى الذين اقترفوا جريمة الاعتداء يوم السبت، وخالفوا أوامر الله عز وجل بعدم الصيد من البحر، وهم كذلك من بني إسرائيل:
{وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة: 65].
{قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ} [المائدة 60].
والمسيح الدجال عدو لجميع الأنبياء؛ منهم موسى عليه السلام.
إذن فهؤلاء جميعاً هم في معسكر الشر في قصة موسى عليه السلام، لذلك نقول إن الرجل الذي في الجانب الآخر من النقش هو موسى عليه السلام.
5 - تظهر اللوحة في وضعها الأفقي (د) عضواً ذكرياً وأمامه عضو أنثوي، أراد الصانع للنقش من خلال هذا المشهد التدليل على الفحولة والرجولة وذلك لأن ناساً من بني إسرائيل ألحقوا بموسى عليه السلام فرية تتعلق بذكوريته فبرأه الله مما قالوا، وهي قصة موسى عليه السلام عندما قال بنو إسرائيل عنه أنه آدر، أي أن خصيتاه قد كبرتا وانتفختا، وفي هذه الحالة يصير العضو الذكري غير ظاهرٍ بما يكفي لمباشرة الأنثى، وحيث أنه لم يذكر لموسى عليه السلام ذُرية، فكان اتهامهم وإلحاقهم هذه الفرية به. (لم يرد في كتب التفاسير أنه كان لموسى عليه السلام ذرية وقد قال: وكان في آخر حياته عندما رفض بنو إسرائيل دخول الأرض المقدسة:
6 - وقد جاء في الروايات أن موسى عليه السلام عندما كان طفلاً صغيراً يتربى في قصر فرعون شد لحيته بقوة فأراد فرعون أن يذبحه لأنه يرى هلاكه على يد هذا الطفل، فقالت له امرأته آسية: لا تقتله إنه طفل لا يفرق بين التمرة والجمرة، فوضعوا له تمرة وجمرة، فأخذ الجمرة بتوفيق من الله عز وجل فوضعها في فمه فلُسع لسانه، فكان في لسانه عليه السلام لثغة، وقد قال فرعون لقومه عندما جاءهم موسى عليه السلام بالرسالة من الله عز وجل: {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ} [الزخرف:52]. إذن فهذا الرجل الذي في النقش كتب فوق رأسه، أنه عالمٌ، حاذقٌ، في لسانه ثِقَلٌ وفتور أو لَسعَة، وفي هذه الحالة يكون معروفاً أنه موسى عليه السلام.
اللوحة في الوضع ( أ )

شرح رموز وصور اللوحة العجيبة لموسى ع
* الوجه الثاني:
الذي تظهره اللوحة في الوضع (ب) وهو الشاب صاحب العين الواحدة، أعتقد أنه المسيح الدجال الذي أخبرنا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك للأسباب التالية:
1- لأن جميع الأنبياء حذروا أممهم الدجال، قال صلى الله عليه وسلم : «إن الله لم يبعث نبياً إلا وحذر أمته الدجال ..... » [رواه مسلم].
وهناك قول أن السامري الذي أضل بني إسرائيل في زمن موسى عليه السلام هو الدجال، ولكن ليس ذلك هو خروجه الذي يزعم فيه أنه الله، وسوف نتطرق لهذا بالتفصيل بعد قليل، وعليه فإن وجود صورة تمثل المسيح الدجال في هذه اللوحة الأثرية له ما يسوِّغه.
2- لقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال وصفاً دقيقاً، بل وبأدق التفاصيل، وإن هذه الأوصاف تنطبق تماماً مع ما هو موجود في صورة الشاب صاحب العين الواحدة، الذي نقول إنه الدجال، وهذا يتضح جلياً لمن يشاهد النقش ويقارنه مع أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم:
أ- فقد ورد في حديث النواس بن سمعان رضي الله عنهما، الذي رواه الإمام مسلم في «صحيحه»: «إنه شابٌ قطط»، ويبدو الدجال في النقش شاب في العقد الرابع تقريباً..
ب- وورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، في صفة جبهة الدجال أنه [أجلى] كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنهما الذي رواه الإمام أحمد في «مسنده»، وهذا يظهر في النقش أن جبهة الدجال عريضة.
ج- وأورد الإمام مسلم فـي «صحيحه» من حديث أنس بن مالـك رضي الله عنهما أنه مكتوب بين عينيـه (ك ف ر). وهذا موجود كذلك في النقش، وهي عبارة عن علامة بارزة في جبهة الدجال.
د- وجاء من حديث ابن عباس رضي الله عنهما عند الطبراني: «كأن شعره أغصان شجرة». وهذا يظهر جلياً في تصوير شعر الدجال من خلال النقش.
هـ- ووقع عند الطبراني وأحمد من حديث عبد الله بن مغفل وسمرة بن جندب رضي الله عنهما: «أعور عينه اليسرى بعينه اليمنى ظفرة غليظة». والعين التي تظهر للدجال في النقش هي اليمنى وعليها ظفرة غليظة.
و- وعند البزار من حديث الفلتان بن عاصم رضي الله عنهما: «عريض النحر». وهذا يتضح جلياً في النقش بأن رقبة الدجال عريضة.
3- أخرج أ.د يحيى عبابنة خمسة احتمالات لترجمة الحروف التي تشكل شعر لحية الدجال في النقش، أذكر منها اثنين أرى أنهما الأقرب للحقيقة:
أ- جهل - نسب: أي الرجل الذي يُجهل نسبه فلا يُعرف نسبه ولا يُعرف أبوه.
ب-
جهل - نبح: أي الذي صفته كالكلب النابح.
وهاتان القراءتان تتفقان مع حالة المسيح الدجال من حيث عدم معرفة نسبه ومن حيث إن مثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث، لأن الله عز وجل أعطى المسيح الدجال قدرات فسخرها للشر. لهذه الأدلة التي قدمتها أقول إن هذا الرجل هو المسيح الدجال.
اللوحة في الوضع ( ب )

شرح رموز وصور اللوحة العجيبة لموسى ع
الوجه الثالث
- الصورة التي تظهرها اللوحة عند وضعها أفقياً في الوضع (ج) أعتقد أنها رأس شيطان على كرسي، هذه الحالة كذلك موجودة في قصة سليمان عليه السلام في قول الله عز وجل:{وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ} [ص:34]. وقد جاء في تفسير هذه الآية أن سليمان عليه السلام ابتُلي بأن استولى شيطان على مُلكه وجلس على كرسيه مدة أربعين يوماً، ثم رد الله عز وجل له مُلكه، وعاقب سليمانُ عليه السلام ذلك الشيطان وحبسه في البحر، وسأل سليمان عليه السلام ربه أن يعطيه مُلكاً لا ينبغي لأحد من بعده: {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} [ص35] أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن عفريتاً من الجن جعل يتفلت عليَّ البارحة ليقطع عليَّ صلاتي، وإن الله أمكنني منه فلقد هممت أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد حتى تصبحوا فتنظروا إليه كلكم فذكرت قول أخي سليمان: وهب لي مُلكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعدي».
- وما نشاهده في هذه الجزئية من النقش هو رأس له قرن ووجهه قبيح، وقد ذكر الله عز وجل أن ثمر شجرة الزقوم الذي هو طعام أهل النار قبيح كأنه رؤوس الشياطين: {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ} [الصافات 65].
- وقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن للشيطان قرن حيث قال: «ألا إن الفتنة ههنا من حيث يطلع قرن الشيطان» [رواه البخاري].
- هذا النقش وبعد أخذ رأي كثير من المتخصصين في علوم الآثار من مختلف دول العالم؛ أجمعوا على أنه حالة غير مسبوقة في عالم الآثار. لذلك أعتقد أن هذا النقش من عمل الجن لسليمان عليه السلام. وإن صح هذا القول فسيكون الجني الصانع لهذا النقش قد عاصَر موسى عليه السلام وشهد الأحداث التي عاشها بنو إسرائيل في زمن موسى عليه السلام وبعده.
- وقد أورد الزمخشري في تفسير قول الله عز وجل: {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ} [سبأ:13]. أن التماثيل هي صور الملائكة والنبيين والصالحين كانت تعمل في المساجد من نحاس وصفر وزجاج ورخام ليراها الناس فيعبدوا نحو عبادتهم.
- ومن المعلوم أن الجن يُعمَّرون أعماراً طويلة، وكذلك فإن المسافة الزمنية التي بين موسى وسليمان عليهما السلام، ليست بعيدة، فقد مات نبي الله موسى عليه السلام بعد أن رفض بنو إسرائيل دخول فلسطين على القوم الجبارين، وقالوا لموسى عليه السلام اذهب أنت وربك فقاتِلا إنا هاهنا قاعدون. وحرمها الله عليهم أربعين سنة وتاهوا في الأرض ثم تمكنوا من الدخول مع يوشع بن نون ولكنهم ما لبثوا أن أُخرجوا وطُردوا فبعث الله لهم نبياً جعل عليهم ملكاً اسمه طالوت، وكان في جيش طالوت نبيُ الله داود عليه السلام، وقتَلَ داود عليه السلام جالوت قائد الكنعانيين، وحيث أن سليمان هو ابن داود عليهما السلام تكون المدة الزمنية التي بين موسى وسليمان عليهما السلام هي فترة وجيزة (جاء في كتاب "الارتباط الزمني والعقائدي بين الأنبياء والرسل" للدكتور ا لحاج محمد وصفي أن المسافة الزمنية بين موسى وسليمان عليهما السلام هي مائة وتسعون سنة.).
- ونلاحظ أن سليمان عليه السلام أمر الجن بعمل التماثيل وليس الإنس وذلك لأن قدراتهم أعلى من قُدرات الإنس، ومما نلاحظه أن هذا النقش الذي بين أيدينا فيه ميزة عجيبة؛ وهي أن الناظر له لا يرى فيه جميع الصور بسبب تداخلها إلا إذا أمعن النظر لفترة غير وجيزة، أو وجد من يشرح له محتويات النقش
كانت هذه قراءة صورية للنقش وتحليلاً لمحتوياته، ولكن قبل أن نتركه، أود أن أعلق على بعض المعاني التي ترمز لها الصور فيه، فيمكننا أن نقول إن النقش فيه وجهان رئيسيـان: وجه الخير موسى عليه السلام، تشترك معه رموزاً كانت في حياته سخرت للخير؛ الأفعى، التي أبطل الله عز وجل بها كيد السحرة، والبقرة، التي أظهر الله عز وجل بها ما خفي من جريمة القتل، التي وقعت في زمن موسى عليه السلام، ومن ثم وجه الشر المسيح الدجال عدو جميع الأنبياء عليهم السلام، تشترك معه رموز الشر. فصورة العقرب رمز للشر، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم العقرب وأمر بقتله في الحل والحرم.
ويظهر في مؤخر رأس الدجال رأس قرد أعور العين اليسرى، وأسفل القرد وجه خنزير أعور العين اليسرى، أراد الصانع للنقش من خلالهما أن يدلل على صفات الدجال وأتباعه الذين سيؤمنون به.
وصورة المصري الفرعوني في النقش تدل على فرعون موسى عليه السلام، ونلاحظ أن القرد الأعور يكون في رأس فرعون كما في رأس الدجال وذلك من خلال النقش، فيكون الصانع للنقش قد ألحق فرعون بالدجال وذلك من حيث أنهما دعاة للشر.
كانت هذه رؤيتي لهذا النقش وتحليلي لمحتوياته وإنني أعد هذا جهد المُقل في تحليل هذا النقش الفريد من نوعه، وأنه سيكون هناك أناس آخرون وباحثون متخصصون، يقدمون شروحات أوفى ويكتشفون في هذا النقش ما لم أستطع أن أراه أو أكتشفه.
وإنني أذكّر هنا أن هذا النقش لا يُعلم على وجه التحديد مكان العثور عليه، ولكن المعلومات القليلة تشير إلى (أذرعات) في جنوب سورية، وقد أورد ابن كثير في تفسير سورة الحشر أن النبي صلى الله عليه وسلم
أجلى يهود بني النضير إلى أذرعات من أعالي الشام، فربما أن هذا النقش كان من مقتنيات اليهود في المدينة المنورة، ونُقل معهم إلى أذرعات حين أجلاهم الرسول صلى الله عليه وسلم.
مما نلاحظه في هذه اللوحة أن هذا النمط من الفن لا نجد له شبيهاً في عالم الآثار على الإطلاق إذ ليس هناك عمل فني استطاع الصانع أن يجعل فيه هذا الكم الكبير من الصور في صورة واحدة بحيث أنه استخدم الجزء الواحد لأكثر من غرض فكان كل جزء في الصورة محسوب بعناية دقيقة ليراه الناظر في صورة أخرى عندما توضع اللوحة في إتجاه مغاير. وهذه الصور لم تأت عشوائية ولكنها شكلت قصة وملحمة. ونحن لو قارنا هذه اللوحة التي بين أيدينا بلوحات أخرى مثل (الموناليزا) التي وقف العالم أمامها طويلاً متأملا ومتعجباً حتى صارت مثلاً ، لوجدنا الوقوف و التأمل أولى في هذه اللوحة العجيبة. فإذا أضفنا لها البعد الديني وهو أمر يخص أتباع الديانات السماوية الثلاث الكبرى ، فسنجد أنفسنا أمام آية من آيات الله عز وجل في القرن الواحد والعشرين
اللوحة في الوضع ( ج )

شرح رموز وصور اللوحة العجيبة لموسى ع والمسيخ الدجال
السامري هو الدجال
لوحة فيها موسى عليه السلام والمسيح الدجال، لماذا؟ وما العلاقة بينهما؟ نعم، لأن السامري الذي أضل بني إسرائيل في زمن موسى عليه السلام هو المسيح الدجال. هذا الرجل صِنّوُ إبليس، وشريكه في إغواء الناس والفساد في الأرض، وهو رجل منظر من المنظرين الذين قال الله عز وجل عنهم: {قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ# قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ# إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ} [ص:79-81].
إذن فإبليس ليس هو المنظر الوحيد فهناك منظرون آخرون غيره سيعمَّرون أعماراً طويلة جداً، منهم المسيح الدجال.
وعلى ذلك فإن جميع الأنبياء عليهم السلام أنذروا أممهم المسيح الدجال، وحتى نوح عليه السلام أنذر أمته الدجال، وإن المتأمل لقصة موسى عليه السلام والسامري ليرى العجب، حيث ذهب موسى عليه السلام لمناجاة الله عز وجل ومكث أربعين ليلة، وكان قد استخلف أخاه هارون على قومه.
وأنزل الله عز وجل على موسى عليه السلام ألواحاً مكتوباً فيها كلام الله عز وجل، وسأل الله عز وجل موسى عليه السلام لماذا ترك قومه وجاء متعجلاً؟ {وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى# قَالَ هُمْ أُولَاء عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى# قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ# فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي# قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ# فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ} [طه:83-88].
نلاحظ هنا أن موسى عليه السلام صار عنده علم من الله عز وجل بهذه الفتنة التي وقعت بقومه، ومن هو الفاعل، ولكن ليس الخبر كالمعاينة، رجع فوجد القوم يسجدون ويطوفون ويرقصون حول (عجل)، فغضب إلى حد الإغلاق، حيث أنه ألقى ورمى الألواح المقدسة التي نزلت من السماء، والتي فيها كلام الله تعالى، وذلك من شدة الغضب،
وأخذ برأس أخيه هارون عليه السلام ولحيته يجره ويعنّفه، وهارون ليس بمجرم، وليس له ذنب في تلك الجريمة، وجعل هارون يسترحم موسى عليه السلام من جهة أمه، لأن الأُمَّ أقرب إلى الحنان والعطف، وقال إنه لم يشأ أن يُحدث فتنة وشرخاً في صفوف بني إسرائيل، وأنهم كادوا أن يقتلوه، وأنه نهاهم عن عبادة العجل، ولكنهم أصروا وقالوا إنهم لن يبرحوا، وسيبقون عاكفين على العجل إلى أن يرجع موسى: {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأعراف:150].
إذا كانت هذه الشدة وهذا العنف مع هارون البريء، الذي ليس له ذنب في هذه الجريمة، وهذه الفتنة العظيمة، فكيف كان الحال مع السامري المجرم المذنب.
نحن نتوقع أن يقوم موسى عليه السلام بقتله، أو تعذيبه عذاباً شديداً، ولكن العجب العجاب أن الأمر مختلف تماماً، فنجد موسى عليه السلام يخاطب السامري بهدوء ولين:
{قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ# قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي} [طه:95-96].
عذر أقبح من ذنب، صنع عجلاً من ذهب، ثم أخذ قبضة من أثر حافر فرس جبريل عليه السلام ، وألقاها على العجل الذي من ذهب، فدبت فيه الحياة، وصار له خوار، وقال بنو إسرائيل هذا هو إلهنا وإله موسى، وإن موسى نسي أن هذا هو الإله.
نلاحظ أن الرجل، (أي السامري) عنده قدرات ليست عادية، فهو يرى جبريل عليه السلام، (قال بصرت بما لم يبصروا به)، فهو يرى ما لا يراه الناس، يرى الملائكة، وهذا هو حال المسيح الدجال (لأن المسيح الدجال عند خروجه يأتي المدينة المنورة فيرى الملائكة على أنقابها تحرسها بالسيوف).
وهو يُحوّل العجل الذهبي إلى عجل حيّ (لا يستطيع أي واحد من أولاد آدم أن يحول المادة إلى كائن حي، ولا حتى في هذا الزمان حيث العلوم المتقدمة) ، وهذه القدرات غير موجودة إلا عند المسيح الدجال، وعند من شاء الله عز وجل من الأنبياء عليهم السلام، فقد كان عيسى عليه السلام يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله، وكان عليه السلام يحي الموتى بإذن الله.
والسامريُّ يعلم أن موسى عليه السلام رجل قوي وله هيبة، ولكنه لا يخشاه، بل يجادل ويصر على الجريمة لأنه يعلم أن موسى عليه السلام لا يستطيع أن يؤذيه. وهذا ما حدث، لم يستطع موسى عليه السلام أن يعاقبه! بل قال له: {قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا} [طه:97].
(اذهب) هذه هي الكلمة نفسها التي قالها الله عز وجل لإبليس: {قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاء مَّوْفُورًا} [الإسراء: 63]. هذا إبليس يُقال له (اذهب)، ويُنظر إلى يوم الوقت المعلوم، والسامريُّ يقول له موسى عليه السلام (اذهب).
عجباً!! اذهب بدون عقاب، بدون جزاء، هارون البريء يُجَرُّ من شعر لحيته ورأسه، والسامريُّ المجرم يقال له (اذهب)!! نعم، لأن الله عز وجل أخبر موسى عليه السلام أن هذا الرجل لن تسلط عليه، وأن هذا الرجل له موعد؛ موعده مع عيسى ابن مريم عليه السلام هو الذي سيقتله.
وإلى أن يأتي ذلك الميعاد المحتوم قال له موسى عليه السلام: اذهب: {قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ}، أي أنها ميزة ومنحة لك، لا يستطيع أحد أن يمسك بسوء أو بأذى، وقياساً على هذا قول الله عز وجل لآدم: }إِنَّ لَكَ ألاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى{ [طه:118]، ثم نجد موسى عليه السلام يقول: {وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّنْ تُخْلَفَهُ}.
وقد ساق المفسرون - رحمهم الله - أقوالاً لا تستقيم في تفسير هذه الآية حيث قالوا: إن موعدك يوم القيامة وحسابك عند الله! كيف ذلك ولو صح هذا القياس لقلنا للسارق والقاتل والمجرم: اذهب فإن موعدك يوم القيامة ولا عقاب في الدنيا، وهل يُعقل أن موسى عليه السلام يرمي الألواح المقدسة ويبطش بأخيه هارون البريء، ثم يقول للسامري المجرم اذهب، هكذا بهذه البساطة.
ثم إن الذين وقعوا في فتنة عبادة العجل من قوم موسى عليه السلام ، كانت توبتهم أن يقتلوا أنفسهم، فامتثلوا لأمر الله عز وجل فقتل بعضهم بعضاً، ثم تاب الله عليهم: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة:54].
أما السامريُّ الذي (هو المسيح الدجال) فإن له موعداً سيلاقيه في الدنيا قبل يوم القيامة: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ} [الأعراف:152].
سيكون عقابه وهلاكه هو ومن انتظم تحت لوائه، على يد نبي الله عيسى عليه السلام ، ورجال أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

قصة النقش العجيب
النقش العجيب
الإهداء
عبد الكريم الجوهري
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد:
هذه اللوحة قطعة فنية فريدة من نوعها، بل ربما هي القطعة الوحيدة في العالم، التي تمتاز بهذا الكم الكبير من المشاهد، التي تمثل قصصاً دينية نجد لها موافقة في أعظم كتاب وهو القرآن الكريم، ولا تخلو التوراة من حديث عن بعض هذه المشاهد، كما يوجد في الإنجيل كذلك موافقة كبيرة لها. إن الفنان الذي قام بإبداع هذا العمل الفني الرائع على دراية وعلم وربما على اطلاع ومعاصرة لتلك الملاحم التي عاشتها شخصيات هذه اللوحة، وهو لم يتعامل مع هذه الوقائع كراوٍ أو مدونٍ لأحداث تاريخية فقط، بل أخرج عملاً أظهر فيه تعاطفاً واضحاً من جهة، ونقداً لاذعاً من جهة أخرى. هذه اللوحة ما زالت في المراحل الأولى من الظهور للعالم، وإننا نتوقع أن تكون الشغل الشاغل للنقاد والمتخصصين في علوم الآثار والمهتمين من جميع الفئات
إنني عندما شاهدت هذه اللوحة للمرة الأولى - وكانت آن ذاك عبارة عن قطعة أثرية تحتمل أن تكون أصيلة أو مزيفة - شدني بعد أن وُفِّقتُ لفك رموزها، ذلك الإبداع الذي قام به الفنان الصانع، وعرفت أن مبدعاً من هذا الطراز لا يُعقل أن يكون مزيفاً، ولو أراد أن يزيف فإنه من باب أولى أن يزيف ويقلد شيئاً معروفاً ومشهوراً، حتى يسهل عليه تمريره على الراغبين، لا أن يعمل لوحة شديدة التعقيد تحتوي على عشر صور متداخلة، بحيث إنه يصعب حتى على أهل الاختصاص في علوم الآثار التعرف إلى محتوياتها للوهلة الأولى، بل إن قراءة الحروف التي فيها استغرقت مدة وأخذت جهداً غير قليلين من الرجل الذي أشهد أنه أستاذٌ كبيرٌ وعالمٌ مخضرمٌ في علم اللغات القديمة وفقه اللغة، ألا وهو الأستاذ الدكتور/ يحيى عبابنة.
هذه اللوحة كان لي شرف تحليل رموزها للمرة الأولى، ومن الواضح أنه ليس لي أو لغيري إنكار ما تحتويه من رموز وجزئيات، ولكن سيكون هناك اختلاف في تفسير هذه الجزئيات. فقراءتي للوحة هي قراءة إسلامية، وقد قدمت دليلاً على تفسير كل جزء في هذه الجزئيات، وأقول إن الشخصية الأبرز في هذه الجزئيات، هي نبي الله موسى عليه السلام، والشخصية الثانية هي المسيح الدجال. ومن عنده تفسير آخر فليقدمه مع الدليل. وحال هذه القطعة الأثرية حال جميع الآثار في العالم، فهي جزء من إرث الأمم السابقة، وهي ملك للعالم أجمع، لكن هذه المنطقة من العالم ألا وهي البلاد العربية هي مصدر الديانات السماوية ولما كانت هذه القطعة تحكي قصة وبعداً دينياً، فإن أهل هذه المنطقة سيكون تفسيرهم لجزئياتها هو الأقرب للحقيقة، كما أن صانع اللوحة صنعها في هذه البلاد وضمنها أحرفاً من لسان أهل هذه البلاد، وهي أحرف ثمودية، وسريانية، وكنعانية. إنني في هذه الرسالة لا أتطرق كثيراً لشخصية نبي الله موسى عليه السلام، لأنه غني عن التعريف، ولكنني اجتهدت أن أُعَرِّف وأدلل على المسيح الدجال، لأنه أمرٌ مستقبلي وربما أننا أهل هذا الزمان سنشهد خروج هذا الحدث الكبير، وإنني أتمنى أن يتفجر من هذا الحجر الأثري نهرٌ أسميه (نهر فقه مواجهة الدجال) وهذه المسؤولية تقع على عاتق العلماء لأنهم ورثة الأنبياء. إن أمر خروج الدجال معروف عند الأمة الإسلامية حيث أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه، ولكن العِلمَ بالشيء ليس كمعايشته (وليس الخبر كالمعاينة)، وإننا نلاحظ أن الخطباء والوعاظ والعلماء والدعاة قليلاً ما يتكلمون في أمر المسيح الدجال، على الرغم من خطورته، وإنني أحمد الله عز وجل الذي ساقني لهذا النقش، وهداني لتحليل رموزه، وأسأله سبحانه أن يتقبل مني هذا العمل وأن ينفع به المسلمين والعالم أجمع.

النقش العجيب
هذه اللوحة يرجع عمرها إلى ما يقرب من ثلاثة آلاف سنة، وهي مصنوعة من حجر البازلت الصلب، ويعتقد أنه عثر عليها في جنوب سورية، أو خرائب اليهود في المدينة المنورة، وهي ربما تكون واحدة من القطع التي صنعها الجآن بأمر من نبي الله سليمان عليه السلام؛ حيث أن الوقائع التي تعبر عنها اللوحة من خلال الصورة لا يدركها إلا نبي يوحى إليه.
قال تعالى: " يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَٱلْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ ٱعْمَلُوۤاْ آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ ٱلشَّكُورُ " سبأ الآية 13
واللوحة تحتوي على صورة مقطع جانبي أيمن لوجه نبي الله موسى عليه السلام، تشترك معه تسع صور أخرى يمكن رؤيتها كلما وضعت اللوحة في اتجاه مغاير، من هذه الصور التسع، صورة تمثل المسيح الدجال، ذلك الشر الذي حذر منه جميع الأنبياء أممهم، ولكن لم يصفه نبي لقومه كما وصفه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم لأمته، حيث سيكون لهذه الأمة شرف الالتحام والاقتتال وجها لوجه مع ذلك الطاغوت الكبير.
صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: تغزون جزيرة العرب، فيفتحها الله عز وجل، ثم فارس، فيفتحها الله عز وجل، ثم تغزون الروم، فيفتحها الله، ثم تغزون الدجال فيفتحه الله.
لقد كان يكفي الموحدين في الأزمنة السابقة أن يقال لهم: اجتنبوا الطاغوت.. أياً كان هذا الطاغوت، أما الآن وقد آن أوان خروج ( المسيح الدجال) ليزعم أنه الله، فقد صار مستوجبا على الذين يعبدون الله الواحد الأحد الذي في السماء معرفة شخص المسيح الدجال، وصورته، ومن أين سيخرج، ومن هم أتباعه...!؟.
طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى