مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

* زيف التاريخ اليهودي المخزي - مُلك داود وسليمان .. ملكٌ إسلامي.

اذهب الى الأسفل

* زيف التاريخ اليهودي المخزي -  مُلك داود وسليمان .. ملكٌ إسلامي. Empty * زيف التاريخ اليهودي المخزي - مُلك داود وسليمان .. ملكٌ إسلامي.

مُساهمة  طارق فتحي السبت يوليو 23, 2011 4:49 pm

تاريخ اليهود المخزي
مُساهمة  طارق فتحي في الثلاثاء 4 أكتوبر 2011 - 7:39
التدمير الأول للمعبد (المسجد الأقصى):
بعد وفاة سيدنا سليمان(عليه السلام)، وقع نزاع بين أبنائه على وراثة ملكه، وكان نتيجة هذا الصراع، انقسام المملكة إلى مملكتين، الأولى في الجنوب وتسمى (يهوذا) وعاصمتها (أورشليم) واستمرت من (931 ق.م – 586 ق.م). والأخرى في الشمال وتسمى (إسرائيل) وعاصمتها (نابلس) أو (شكيم) واستمرت من (931 ق.م – 724 ق.م).
في إطار الصراع الإقليمي بين الدول المتحاربة في المنطقة، تمكن ملك الآشوريين (سرجون الثاني) من الزحف إلى مملكة (إسرائيل) عام (722) ق.م، وتدميرها تدميراً كاملاً، وإبادة شعبها قتلاً وتشريداً.
أما مملكة (يهوذا)، فقد زحف إليها الملك الكلداني نبوخذ نصر من بلاد آشور (العراق)، وحاصرها وأعمل فيها خراباً وتدميراً، حيث نهبها ودمر المعبد سنة (587) ق.م، وسبى أكثر السكان إلى بابل، فيما فرَّ الآخرون إلى مصر وغيرها من الأقطار . وقد عرفت هذه المدة تاريخياً بـ (عصر السبي البابلي) . وفي السبي البابلي، مكث اليهود سبعين سنة، حيث تعلموا الآرامية، ومنها تطورت العبرية، وبالعبرية المقتبسة من الآرامية، وضع الكهنة اليهود في الأسر البابلي توراتهم، وهي بلا شك ليست لغة سيدنا موسى(عليه السلام) المصرية التي نزلت بها التوراة الأصلية.
ويشير بعض المؤرخين إلى أن هذا الغزو لديار بني إسرائيل وتشريدهم، وهدم معبدهم جزاءً وفاقاً لتخليهم عن هدي الرسالات وحقائق الدين، وتحولهم من دور الإصلاح المنوط بأتباع الرسل إلى دور الإفساد الذي أرسلت الرسل لتطهير الأرض منه، وجرت سنة الله التي لا تتبدل على أمة بني إسرائيل، إذ عوقبوا على الإفساد الذي أظهروه بواحاً، فيشير البعض إلى أن المعبد الذي بناه سليمان(عليه السلام) لعبادة الله تعالى، حوله بنو إسرائيل بعد وفاته إلى مكاناً للهو والدعارة والممارسات الآثمة.
العودة من السبي وإعادة بناء الهيكل:
بعد سقوط مملكتي إسرائيل ويهوذا، احتل ملك الفرس (قورش الإخميني) بلاد بابل، ومن ثم أصبح له السلطان على أرض (يهوذا). فأطلق الفرس على شعب يهوذا اسم (اليهود) وعلى ديانتهم (اليهودية)، ومنذ ذلك التاريخ أصبحت كلمة (اليهود) تعني من اعتنق اليهودية ولو لم يكن من بني إسرائيل .
سمح قورش لليهود بالعودة إلى فلسطين عام (538) ق.م، فقاموا بإعادة تعمير المدينة المقدسة، وأعادوا بناء المعبد مرة أخرى على نفقة بيت الملك في عهد دارا (داريوس) سنة (515) ق.م .
التدمير الثاني للمعبد (المسجد الأقصى):
في سنة (332) ق.م، تمكن الاسكندر المقدوني من السيطرة على فلسطين، ليبتدأ عهد الإغريق في المنطقة (332 ق.م – 64 ق.م)، فتأرجح وضع اليهود بين مد وجزر، حتى كان عهد الملك السلوقي أنطيوخس الرابع (175 ق.م – 164 ق.م)، فدمر الهيكل، ونهب كل ما فيه، وأجبر اليهود على اعتناق الوثنية الإغريقية حتى اندلعت ثورة اليهود المكابيين .

إعادة بناء المعبد للمرة الثانية:
نتيجة لاستمرار الصراع بين اليهود المكابيين وأعدائهم، استغل الرومان الفرصة فقاموا باحتلال فلسطين سنة (63) ق.م، واستولوا على القدس بقيادة القائد الروماني (يامبيوس)، وتم تنصيب (هيرودس) الروماني ملكاً على فلسطين . حاول هيرودس تهدئة الأوضاع واسترضاء اليهود، فأعاد بناء المعبد (الهيكل) على نسق هيكل سليمان، وذلك بين العامين (20- 18) ق.م، وظل المعبد على هذا الحال حتى جاء نبي الله زكريا وابنه يحيى وعيسى بن مريم ابن خالة يحيى عليهم الصلاة والسلام .
المعبد في عهد يحيى وزكريا عليهما السلام
ورد في القرآن ما يدل على أن المعبد كان قائما في عهود هؤلاء الأنبياء، حيث كانت مريم عليها السلام قد وهبتها أمها لخدمة بيت المقدس، قال تعالى: (إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم. فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم. فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا، قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب. هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء. فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيداً وحصوراً ونبياً من الصالحين).
فالنذر كان لخدمة المعبد المقدس، ولكن جاء المولود أنثى هي مريم عليها السلام، وكفلها زكريا(عليه السلام) الذي كان رئيس الهيكل حينئذ، وفي محراب الهيكل دعا زكريا (عليه السلام) ربه بأن يرزقه الذرية الطيبة، فجاءته البشرى بيحيى(عليه السلام) وهو قائم يصلي في المحراب.
ثم إن زكريا(عليه السلام) قد نشره اليهود بالمنشار فقتلوه، كما قتلوا ولده يحيى(عليه السلام) عندما وشوا به إلى ملك ظالم في عصره .
وقتل هذين النبيين عليهما السلام اعتبر من الإفسادات الكبرى لليهود، وما دام هؤلاء القتلة ما انفكوا يقتلون الأنبياء والصالحين الذين كان المعبد مصلاهم ومكان تقربهم إلى الله، فأيهما أحق به، هم - أي اليهود-، أم المسلمون أتباع خاتم المرسلين ووارث مساجد ومعابد إخوانه الأنبياء عليهم السلام؟!!!
المعبد في عهد عيسى عليه السلام:
جاء عيسى(عليه السلام) وأحوال بني إسرائيل في غاية الفساد والإفساد، فعقائدهم قد طمست، وأخلاقهم قد رذلت، وسيطرت عليهم المادية الجشعة، حتى إنهم اتخذوا من المعبد سوقاً للصيارفة والمرابين، وملهى لسباق الحمام . فأخبرهم (عليه السلام) بأن العقوبة قادمة إليهم بسبب هذا الإفساد . وفي هذا فقد أورد (إنجيل متى: 23) موقف عيسى(عليه السلام) حيث قال [ يا أورشليم.. يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها، كم أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحها ولم تريدوا، هو ذا بينكم يترك لكم خراباً ].
ومما يدل على أن المسجد الأقصى كان قائما في عهد عيسى(عليه السلام)، ما ثبت في السنة الصحيحة من حديث الحارث الأشعري(رضي الله عنه)، أن الرسول(صلى الله عليه وسلم) قال: "إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بها، ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها، وإنه كاد أن يبطئ بها، فقال عيسى: إن الله أمرك بخمس كلمات لتعمل بها وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها، فإما أن تأمرهم وإما أن آمرهم. فقال يحيى: أخشى إن سبقتني بها أن يخسف بي أو أعذب، فجمع الناس في بيت المقدس، فامتلأ المسجد وقعدوا على الشرف، فقال: إن الله أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهن، وآمركم أن تعملوا بهن.. أولهن: أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً.. إلى نهاية الحديث".
وواجه عيسى(عليه السلام) إفساد كهنة الهيكل من اليهود، محذراً إياهم من مغبة جشعهم وظلمهم، حيث ورد في (إنجيل لوقا: 19/45-47): [ولما دخل الهيكل ابتدأ يخرج الذين كانوا يبيعون ويشترون فيه قائلاً لهم: مكتوب أن بيتي بيت الصلاة، وأنتم جعلتموه مغارة لصوص]. ولما استيأس عيسى(عليه السلام) من استجابتهم لنصائحه، أخبرهم بأن هذه النعمة سوف تسلب منهم لأنهم لم يؤدوا شكرها.. سوف يهدم المعبد.. حيث ورد في (إنجيل متى /24/1،2): [ ثم خرج يسوع، ومضى من الهيكل، فتقدم تلاميذه لكي يروه أبنية الهيكل، فقال لهم يسوع: ماذا تنظرون؟ الحق أقول لكم، إنه لا يترك ها هنا حجر على حجر لا ينقض ].
ثم كانت مؤامرة اليهود على سيدنا عيسى(عليه السلام)، وتحريضهم على قتله، إلى أن رفعه الله تعالى إليه.

المعبد والتدمير الآخر:
صدقت نبوءة سيدنا عيسى(عليه السلام) في هدم المعبد، وذلك عندما أقدم أحد ملوك الرومان وهو الإمبراطور (طيطس) عام (70 م)، على إحراق المدينة المقدسة، وتدمير المعبد الذي أقامه هيرودس، ولم يبق فيه حجر على حجر، ولكنه أبقى الحطام مكانه، ليأتي بعده طاغية آخر هو (أدريانوس) فأزال معالم المدينة وحطام الهيكل، وأقام مكانه معبداً وثنياً سماه (جوبيتار) على اسم (رب الآلهة) عند الرومان، وكان ذلك سنة (135 م).
تدمير الهيكل الروماني:
بقي الهيكل الروماني على الهيئة الوثنية، إلى أن تمكنت المسيحية من أرض فلسطين، فدمره المسيحيون في عهد الإمبراطور (قسطنطين).
انتهاء زمن الهيمنة اليهودية والنصرانية على أرض المسجد الأقصى:
ظل مكان الهيكل خالياً من بناء مقام فيه بقية عهد الرومان النصارى حتى حدث الإسراء بالنبي محمد(صلى الله عليه وسلم) في عهد الحاكم الروماني هرقل (610-641م)، وحتى الفتح الإسلامي للقدس في عهد الخليفة عمر بن الخطاب(رضي الله عنه) سنة 636م، ولم يكن لليهود آنذاك وجود، بل إن (صفرونيوس) بطريك النصارى اشترط في عقد تسليم المدينة المقدسة أن لا يدخلها أحد من اليهود.
وهكذا أغلق التاريخ ملف بني إسرائيل من يهود ونصارى فيما يتعلق بحيازة تلك الأرض المباركة ووراثتها وسدنة معبدها، لتنتقل الأرض والمعبد فيما بعد إلى حيازة ووراثة وصبغة الأمة الإسلامية، وارثة الرسالات وحامية المقدسات، بعد أن أسرى بالنبي الخاتم محمد(صلى الله عليه وسلم) من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، إيذاناً ببدء العهد الإسلامي للأرض المقدسة.
بمعنى آخر، وبناءً على ما سبق، فالحركة الصهيونية عندما عملت على إنشاء دولة (إسرائيل) في القرن العشرين على أرض فلسطين، كان قد مضى على وجود آخر الجماعات اليهودية المتمردة ثمانية عشر قرناً، كما كان قد مضى على نهاية مملكة سليمان تسعة وعشرون قرنا ً، فأي حق تاريخي بحاجة إلى النقاش بعد ذلك؟‍‍‍‍‍‍؟‍‍

الهيكل.. عقيدة صهيونية وممارسة عملية:
عندما قامت الدولة اليهودية، نشطت الحركة الصهيونية في ترويج مسألة الهيكل لليهود من خلال جعله شعاراً رسمياً للدولة اليهودية (نجمة داود)، وتأويل نصوص توراتية وتلمودية لكي تتواءم ومقتضيات هذه المسألة، وتجنيد الطاقات والإمكانات المادية والبشرية الهائلة، للبدء في مرحلة البحث عن الهيكل وأنقاضه، فأنشئت مراكز الأبحاث الخاصة بذلك، وأقيمت الدراسات المختلفة المتعلقة بمكان وشكل وتصاميم الهيكل . وعلى الصعيد العملي، فقد قامت العصابات الصهيونية وبدعم حكومي بعمل عشرات الحفريات تحت أسوار وساحات المسجد الأقصى، في الوقت الذي كانت فيه مجموعة هندسية أخرى تشيد هيكلاً جديداً في منطقة وادي عربة مشابهاً للهيكل القديم، وهي بانتظـار اللحظـة المناسبة لنقله وتثبيت أركانه على أنقاض المسجد الأقصى - حسب مصادر صحفية .
وعلى الصعيد العملي أيضاً، فقد نشطت عشرات المنظمات المتطرفة والتي تحمل أسماء ذات علاقة بالهيكل المزعوم، في التآمر على المسجد الأقصى وترويع المصلين المسلمين فيه، وكثير هي الحالات التي تم فيها ارتكاب الاعتداء تلو الآخر، والمجزرة تلو الأخرى على ساحات المسجد وداخل أسواره، ومن أشهر هذه المنظمات:
جماعة (غوش إيمونيم): ومعناها كتلة الإيمان وتطلق على نفسها حركة التجديد الصهيوني، ومؤسسها موشي ليفنغر.
منظمة (يشيفات أتريت كوهانين): أي (التاج الكهنوتي)، ومؤسسها الحاخام إبراهام يتسحاق كول.
حركة الاستيلاء على الأقصى.
منظمة (سيودس شيسون): وتظهر بشكل جمعية خيرية تدعمها وزارتي المعارف والدفاع الصهيونيتين.
مجموعة (أل هار هاشم): ومعناها (إلى جبل الله).
جماعة (أمناء الهيكل).
مؤسسة (الهيكل المقدس).
حركة (إعادة التاج لما كان عليه).
مجموعة (حشمونائيم).
حركة (أمنا): أي الأمانة أو الميثاق.
حركة (كاخ).
جمعية صندوق جبل الهيكل.
حركة "الموالون لساحة المعبد".
إضافة إلى العشرات من الحركات والمنظمات السرية والعلنية الأخرى..
الحفريات:
لأهمية الموضوع، لا بد من التعرض للحظة للحفريات الصهيونية المستمرة في منطقة المسجد الأقصى، بحثاً عن آثار الهيكل المزعوم، وفي هذه المسألة موضوعان:
هيكل سليمان عليه السلام: ويعتقد اليهود أنه مكان المسجد الأقصى المبارك وهو اعتماد لا أصل له لأسباب جمة، على رأسها أن مساحته - وفق تقديرات مهندسيهم- تفوق موقع المسجد الأقصى. وثانيها أن لا أثر صغير أو كبير للهيكل في مكان المسجد، وهو اعتراف المسؤولة عن الحفريات الصهيونية في المكان "إيلات مازار" المتخصصة بالبحث عن الهيكل بقولها: "إننا لا نعرف عن مكان الهيكل شيئا ولم نصل إلى ذلك بتاتا".
وسبب آخر، أن الحفريات لم تقتصر على البحث عنه في حفرية واحدة أو اثنتين، بل تعددت لتبلغ أكثر من خمسة وستين حفرية في المدينة منذ العام 1967م، وقد عرض معظمها "دان باهط" في أطلسه عن القدس مع تواريخها.
أما الموضوع الثاني، فهو الحفريات ذاتها، وهي نوعان: الأول ظاهر للناس عامة و الثاني خفي عنهم . أما الظاهر فهو النفق الذي افتتح في شهر أيلول من العام 1996م، والواقع تحت سور المسجد الأقصى الغربي، وعلى امتداد بدايته من ساحة حائط البراق وهو ما يدعوه اليهود بالحائط الغربي لهيكل سليمان الذي لا دلالة ظاهرة عليه، وينتهي شمالي مئذنة الغوانمة في طريق المجاهدين المسماة بـ (طريق الآلام).
وأما الحفريات الخفية –على ما يبدو– فهي أوسع رقعة، ولا تقل عن الأولى خطراً، بل تزيدها، وهي تحت ساحات المسجد الأقصى من الغرب إلى الشرق، وأخرى باتجاه مبنى المسجد الأقصى وأخرى باتجاه قبة الصخرة، وهذه الحفريات لها آثار مادية ومعنوية على المسجدين وساحاتهما وعلى روادهما من المصلين المسلمين.
الخاتمة:
وأخيراً، وبناء على ما سبق، فإن الهيكل الذي بناه سليمان عليه السلام في بيت المقدس، لم يكن لليهود باعتبارهم يهوداً، ولم يبنه سليمان لهدف عنصري أو طائفي أو قومي .. إنما لعبادة الله وطاعته. وهذا معنـاه أن الإسلام بمعناه الخاص الذي جاء به محمد(صلى الله عليه وسلم) هو الوارث لحكم سليمان (عليه السلام)، لأن هدف محمد(صلى الله عليه وسلم) أن يسلم معه الناس لله رب العالمين.
ورث المسلمون فلسطين وحققوا الهدف السابق لسليمان(عليه السلام)، في إسلام الناس معهم لله رب العالمين، وشيدوا المساجد لتحقيق هذا الهدف، وبنوا المسجد الأقصى في بيت المقدس لتحقيق ذلك، فكان المسجد بيتاً لله، يسلم فيه الناس لله، كما كان هيكل سليمان بيتاً إسلامياً يسلم فيه الناس لله .. فلا حق لليهود في سليمان، ولا في فترة حكمه، ولا في هيكله، ونحن المسلمون الوارثون له..
وأما الإدعاء اليهودي بأن الهيكل قبل الأقصى، وأن المسلمين هم المعتدون، لأنهم بنوا المسجد الأقصى مكان الهيكل، وأن اليهود الآن يريدون إعادة الحق إلى نصابه، فإنه لمن الأكيد أن هذه إشاعات وأكاذيب باطلة.. فقد أخبرنا الله أن الأقصى بني قبل الهيكل باعتباره ثاني مسجد بني في الأرض كما قال الرسول(عليه السلام) في الحديث الشريف. كما أن بين إبراهيم(عليه السلام) باني الأقصى وسليمان (عليه السلام) باني الهيكل مئات السنين، وتخبرنا التقريرات الصادقة أن الوجود الإسلامي على أرض فلسطين أسبق زمنياً من الوجود اليهودي، فلا حق ولا ملكية لكل ما يفترون.

زيف التاريخ اليهودي
يعد تاريخ اليهود سلسلة شديدة التعقيد من التزييف والتزوير والجرائم تستحق الرصد والتسجيل بشكل ميسور أمام القاريء العربي، وهو ما يقدمه لنا هذا الكتاب الجديد الذي يتيح لنا الولوج لخريطة معرفية عامة رسمها لنا مؤلفه أحمد فؤاد ـ الباحث المتخصص في الشئون الاسرائيلية ـ والذي يقدم لنا كتابا يتناول التاريخ اليهودي بشكل مكثف عبر العصور كلها دون الاسهاب في فترة على حساب الآخرى، حتى نكون على بينة بهذا العدو الذي تنبيء كل المؤشرات أن الصراع ضده سيستمر لسنوات طوال مقبلة، حتى ولو ارتدى صورا مختلفة اقتصادية منها أو ثقافية. وقد اعتبر المؤلف هنا أن هناك شيئا اسمه «تاريخ يهودي» على سبيل المجاز ـ وقد اشار لهذا بوضوح في مقدمة الكتاب ـ فقد تشتتوا اغلب فترات التاريخ وارتبط ذكرهم بتاريخ وثقافات الشعوب التي عاشوا بين ظهرانيها. واليهود ـ حسب الكتاب الذي نعرض له ـ خليط من عناصر مختلفة شردوا في بقاع العالم، وزاد اختلاطهم بالعرب الذين رحبوا بهم في القرن الثامن «وهي الفترة التي يعترف غالبية اليهود بأنها كانت العصر الذهبي في تاريخهم» .
وعلى أية حال فقد أحدث هذا الاختلاط ثلاث مجموعات يهودية مختلفة: الأولى الاشكنازيون ويشملون أغلب يهود وسط أوروبا وشرقها «كلمة اشكناز تشير وفقا لقاموس ايفن شوشان: الى شعب قديم ورد ذكره في التوراة وارتبط في الكتابات العبرية بألمانيا الحالية ». والمجموعة الثانية السفارديم وهم اليهود الذين طردوا من أسبانيا والبرتغال في نهاية القرن الخامس عشر واستوطنوا جنوب اوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا وهاجر قسم منهم الى بريطانيا وأميركا وكلمة سيفارد «المفرد» تشير الى أسبانيا. وقد انسحب هذا الوصف حاليا على اليهود الشرقيين الذين يعيشون منذ زمن بعيد في الشرق الأوسط وآسيا الصغرى. واليهود ينسبون انفسهم فى عنصرية لابراهيم «عليه السلام» وبينما يصفه الاسلام وديانات أخرى فى تسامح وموضوعية بأنه أبو الانبياء يطلق عليه اليهود «أبانا ابراهيم» أى أبو اليهود ! ولهذا تعتبر الكتابات الاسرائيلية الحديثة ان التاريخ اليهودى يبدأ بعهد ابراهيم الذي يقولون عنه عهد الآباء والاجداد«القرن 17 قبل الميلاد» ومع هذا نجد أن أنبياء اليهود أنفسهم يتعرضون للافتراءات والتشوية عبر كتابات متناقضة وغير منطقية وردت في العهد القديم بصورته الحالية.
وتروج الكتابات اليهودية الى أن تاريخ الشعب اليهودى يبدأ قبل 4000 سنة مع ميلاد سيدنا ابراهيم الخليل ونجله اسحاق وحفيده يعقوب عليهم السلام. وتدل الوثائق والآثار التى تم اكتشافها فى حفريات أرض ما بين النهرين، التى يعود تاريخها الى النصف الأول من الالف الثانى قبل ميلاد المسيح، على الظواهر البدوية الترحالية لطريقة الحياة كما ورد وصفها فى سفر الخروج من الكتاب المقدس. أما بالنسبة لموسى عليه السلام فبعد 400 سنة من العبودية والاسترقاق «وهو أمر نقرهم عليه حيث كانوا مجرد عبيد مهمشين» قاد النبى موسى عليه السلام، الذى اختاره الرب، حسب ما ورد فى أقاصيص التوراة، الشعب الاسرائيلى للانعتاق من العبودية والأخذ بيد شعبه من مصر للعودة الى «أرض اسرائيل» التى وعد الرب بها اباءها.
وقد توقف «أحمد فؤاد» أمام نظرة اليهود لسيدنا موسى عليه السلام الذي عاش في القرن الثالث عشر باعتباره مؤسس الديانة اليهودية قبل تحريفها والذي قاد بني اسرائيل خلال عملية الخروج من مصر «لم يدخل فلسطين ولا يزال الغموض يسيطر على ملابسات موته ومكان دفنه».
ويتضح للباحث ولنا أنه حتى موسى عليه السلام لم ينج من تطاول التوراة «المحرفة» عليه ونسبها اليه أفعالا وجرائم لا تصدر عن الانسان العادي فما بالنا بنبي كريم فهي تتهم موسى عليه السلام بخيانة الرب، و انه لم يقدسه وسط بني اسرائيل فحكم عليه بألا تطأ قدماه الأرض المقدسة أبدا «تثنية 28 ـ 52 واذا انتقلنا ـ مع الكتاب
ـ لمرحلة ما بعد موسى نجد أن الاسرائيليين يزعمون زورا أنهم خلال القرنين التاليين احتلوا معظم الأرض «أرض اسرئيل» وانهم نبذوا حياة البداوة والترحال والنقطة الأخيرة صحيحة الى حد بعيد متأثرين بحضارات الشعوب الأقدم في الأرض وهي الشعوب العربية. وقد تخللت عهود من السلام النسبى فترات من الحروب التى خاضها العبريون بقيادة زعماء عرفوا فى التاريخ اليهودى باسم «القضاة» الذين بلغوا مراكزهم هذه بفضل مهارتهم السياسية والحربية وليس تفقههم في الدين فقط.
اما سليمان «930 ـ 96ق. م »، الذى ورث والده الملك داود فقد وجه معظم طاقاته لتقوية ودعم المملكة. اذ عقد معاهدات مع ملوك الدول المجاورة تم دعمها سياسيا بالمصاهرة.
وقد اثبت بحث المؤلف مجددا جذور الحق العربي وأصالة «فلسطين» أمام. «امارة عابرة كانت مداسا للأمم» حيث خصص مساحة كبيرة لاستعراض حملة فرعونية لتطهير فلسطين، ثم انقسام اليهود وفقا للمصادر اليهودية نفسها.
ويقول الكتاب ان الاحتلال البابلى أدى الى نهاية الدويلة اليهودية «عهد هيكل سليمان الاول» واكتفى المنفيون بترديد فقرة من العهد القديم لا يزالون يكررونها حتى الآن فى تطرف «ان نسيتك يا يروشلايم انسى يمينى». وبشكل قاطع نرى أن الجلاء الى بابل اثر خراب الهيكل الأول «586 ق. م» يشكل بداية الشتات اليهودية.
الكتاب الجديد تتبع كذلك من مصادر نادرة مواجهة الاسلام المبكرة لمؤامرات اليهود بعد أن شعر اليهود بالاستياء لمبعث الرسول «ص» من قريش، لأنهم كانوا يطمعون في أن يكون منهم وكانوا يهددون القبائل العربية بالنبي الذي اقترب ظهوره بينهم ورغم معرفتهم بصدق نبوته الا أنهم كابروا.
ومن الفصول المهمة في الكتاب فصل يحمل عنوان «تحت الحكم العربى الأرقام تتحدث» حيث استعرض في استرسال مبسط تسامح الاسلام تجاه اليهود باعتبارهم أهل ذمة على مدار القرون الطويلة التالية لفتح فلسطين بعد وفاة الرسول باربعة أعوام، حتى قرر معظم اليهود الهجرة من البلاد. الأمر الذى أدى خلال القرن الحادى عشر الى ضعضعة الطائفة اليهودية فى هذه البلاد بشكل ملموس وفقدان تنظيماتها الادارية والدينية.
وتصدى كتاب«تاريخ اليهود» ـ في فصل آخر ـ لمزاعم المصادر الاسرائيلية المتشددة التي تقول: أن البلاد تحولت تحت حكم المماليك الى إقليم منعزل حيث تمت السيطرة عليها من دمشق. وأنه قد تم تدمير ميناءي عكا ويافا وسائر الموانيء خشية من غزوة صليبية جديدة.
فالحقائق تقول أن بيت المقدس شهد تحت حكم المسلمين على مر العصور نهضة في جميع المجالات نذكر منها النشاط الثقافي في مجال العلوم والنحو، ناهيك عن نهضة معمارية تشهد بها المدن الفلسطينية والمساجد العامرة والأسبلة والكتاتيب والمدارس الدينية التي نجت من تدمير الصهاينة. خلال القرون الأربعة التالية أدير الحكم فى فلسطين من اسطنبول على أيدي الاتراك العثمانيين وعاش فى البلاد حسب التقديرات الصهيونية الحديثة المبالغ فيها حوالى 1000 عائلة يهودية فقط. فى ديسمبر 1917 دخلت القوات البريطانية بقيادة الجنرال اللنبى القدس حيث أنهت نحو اثنى عشر قرنا من الحكم العربى المتصل.
وفيما يتعلق بظهور الصهيونية أكد الكتاب على عنصرية الفكر الصهيوني الذي يسعى لتحول الديانة لقومية. وعلى استغلال الصهيونية ما تصفه بالاضطهاد وملاحقة اليهود المستمرة فى اوروبا الشرقية ومبالغتها في تلك الأحداث، بل وتفجيرها قنابل وسط تجمعات يهودية لاخافة السكان ودفعهم للهجرة لفلسطين بزعم أن في ذلك تحرراً من وهم الانعتاق الشكلى في أوروبا الغربية ونتوقف أيضا أمام رصد أحمد فؤاد لاعترافات المؤرخين الجدد في اسرائيل بأن أسطورة القلة اليهودية التي هزمت الجيوش العربية في عام 48 غير صحيحة على الاطلاق فقد اعترفوا بما ذكره القائد الانجليزي «جون باجون جلوب» الذي أكد أن ميزان القوى كان يميل لصالح اليهود ففي مايو 1948 كانت القوات العربية مقسمة كالتالي: من مصر عشرة آلاف وخمسمئة مقاتل، سوريا بعثت بثلاثة آلاف مقاتل، العراق مثل سوريا «ثلاثة آلاف مقاتل» ولبنان ألف مقاتل بالاضافة لقوات المتطوعين اغلبها من مصر تحت اسم الجيش العربي. ومجموع هذه القوات بلغ واحدا وعشرين ألف عربي مقابل خمسة وستين ألف مقاتل يهودي. وطوال الحرب كان عدد اليهود أكبر.
ومن أسرار حرب أكتوبر التي افرج عنها مؤخرا في اسرائيل كشف الكتاب أن: قائد المخابرات العسكرية الاسرائيلية في حرب اكتوبر اعترف بأن المخابرات المصرية دست معلومات مضللة على جولدا مائير حيث أن مدير المخابرات الحربية الاسرائيلية في حرب اكتوبر «ايلي زعيرا» والذي يصفونه في اسرائيل بأنه «مهندس الهزيمة » وانه السبب الرئيسي فيما لحق بالجيش الاسرائيلي، نشر ـ بعد اكثر من ربع قرن من الصمت ـ كتابا يحمل اسم «حرب اكتوبر الاسطورة أمام الواقع».
وفي كتابه يدعى «زعيرا» ان السبب الرئيسي في الهزيمة هو وصول معلومات تم نقلها مباشرة الى رئيس الوزراء وبدون تحليل من المخابرات على اساس انها موثوق بها وكانت هذه المعلومات هي السبب الاساسي وراء التقديرات الخاطئة التي اتخذتها الحكومة، ويقول «زعيرا» ايضا انه يعتقد ان تلك المعلومات المضللة هي من تخطيط المخابرات المصرية وانها كانت جزءا من خطة الخداع والتموية المصرية التي تم تنفيذها استعدادا للمعركة.
في المقابل كانت المخابرات المصرية تعرف كل شيء عن الجيش الاسرائيلي قبل حرب أكتوبر فقد تناول مؤلف الكتاب أحمد فؤاد كذلك قصة كتاب مصري قامت باعداده المخابرات المصرية عن الجيش الاسرائيلي وضباطه قبل وخلال حرب اكتوبر التفاصيل بالكتاب تعكس بصدق أن الانتصار في حرب أكتوبر جاء نتيجه للتخطيط بشكل علمي والجهود الخارقة للعقول والسواعد المصرية.
فالكتاب الذي عثر الاسرائيليون على نسخة منه في أحد المواقع المصرية في سيناء هو كتاب ضخم مكتوب باللغه العربية تحت عنوان «شخصيات اسرائيلية » ويتضح من غلافه أنه صادر في يناير 1973 وهو يحمل كلمة «سري » قامت باعداده المخابرات الحربية المصريه ووزعت منه 3600 نسخه للقاده من ضباط الجيش. اما محتواه فقد كان مفاجأة مذهله للاسرائيليين حيث احتوى على أسماء وصور كل الضباط الذين كانوا يخدمون بالجيش الاسرائيلي في هذا الوقت بدءا من رئيس الأركان حتى رتبة رائد. وقد كتب بجوار كل صوره نبذات عن حياته ووظيفته وأحيانا سمات شخصية وأجتماعية.
الكتاب وصفته مصادر اسرائيلية بأنه مذهل ويكشف معرفة أدق التفاصيل حتى عن الضباط الصغار وينقسم الكتاب الى قسمين الأول عن شخصيات اسرائيليه عسكريه والثاني عن شخصيات اسرائيلية مدنية. وأكد «تاريخ اليهود» على استمرار المؤامرات رغم معاهدة السلام مع مصر فسرد وقائع تثبت هذا مثل قصة الجاسوس «لوك» الذي ترصدته أجهزة الأمن. وكشفه سائق التاكسي. وطارده أولاد البلد، وقصة الجاسوس الاسرائيلي الذي عاد على طائرة بيغين واستقبله السادات، مرورا بسرقة الجنيزا من القاهرة، ومحاولات الاختراق المستمرة.
وعلى صعيد مواز أبرز الكتاب تضحيات ابطال الانتفاضة فقد حصد الارهاب الصهيوني في الانتفاضة الأولى حوالي 300,1 فلسطيني و80 اسرائيلياً قتلوا في الانتفاضة حتى نهاية 1991. والعديد من البيوت الخاصّة الفلسطينية كانت قد نسفت عن طريق القوات العسكرية الاسرائيلية. وفي المقابل رصد اعتراف رئيس الأركان الاسرائيلي: نضرب المدنيين بالدبابات لأننا نمر بمرحلة مصيرية والجيش لا يستطيع وقف المقاومة الفلسطينية بسرعة. وحقيقة أن. الاقتصاد الاسرائيلي يترنح تحت وطأة الانتفاضة.
واختتم الكتاب رحلته مع القاريء بنبرة تفاؤل حيث ذكر: يقولون الانتفاضة الأولى والانتفاضة الثانية والواقع يقول انها انتفاضة واحدة لم تهدأ يوما نحتفل في هذه الأيام بذكراها الخامسة عشرة بعد أن دخلت كل قواميس العالم وأحرجت كل السماسرة والمتآمرين الذين أصبح علاجهم من الايدز السياسي أمراً بعيد المنال والحل هو عزلهم وتجنبهم لتستمر مسيرة التحرير على درب أثبت نفسه في لبنان بالأمس القريب بعد 18 سنة احتلال.
بقى أن ندعو لتشجيع عمليات رصد التاريخ الملوث لليهود وتسجيل جرائمهم وكذبهم وافترائهم فالكتاب يعد محاولة جيدة في مقابل ما يعرف بالأدب الريبورتاجي «الوثائقي» عن الجيش والمستعمرين وقتلاهم. خاصة وأنه قدم قائمة وافية لمذابح الصهاينة منذ مطلع القرن العشرين وحتى مذبحة جنين

مُلك داود وسليمان .. ملكٌ إسلامي
يعلم جُلُّ مثقفي العرب أن هناك ادعاءات وأساطير دينية وتاريخية روَّجت لها الحركة الصهيونية، وقامت على أساسها ما عُرِف بدولة "إسرائيل"؛ والتي منها "نبوءة الحق الإلهي لليهود في فلسطين".
و"الشعب المختار"، و"أسطورة الصحراء" وغيرها. هذه الادعاءات والأساطير تروّجها جُلُّ الأقلام اليهودية والصهيونية، وبعض الدوائر الغربية ـ وللأسف ــ بعض العرب بغير وعي!! لقد نجحت آلة الدعاية الصهيونية، ليس في تزوير تاريخنا فحسب، بل وفي دفع بعض العرب إلى ترديد الادعاءات والأساطير اليهودية والصهيونية وكأنها حقائق دينية أو تاريخية، فكثيرة هي الكتب العربية التي تردد تلك الادعاءات والأساطير، كأن نقرأ مثلاً: " كان هناك صراع بين المصريين وبين بني إسرائيل أيام النبي موسى عليه السلام"، أو " كان لليهود أو لبني إسرائيل، كيان سياسي أيام النبيين داود وسليمان عليهما السلام "، و" أن المدة التي ساد فيها الإسرائيليون في فلسطين (منذ دخول يوشع بن نون و حتى انهيار مملكة يهودا) هي نحو خمسة قرون، وهي أشبه بمدة بقاء هولندا في إندونيسيا أو إنجلترا في الهند"، أو "إن داود أول من بنى القدس واتخذها عاصمة لملكه، وأنه قتل ابن شاؤول، وأن ابنه سليمان قتل أخًا أكبر له يُدعى أدونيا و ورث داود"، أو "إن ملك داود وسليمان كان ملكًا محصورًا في منطقة ضيقة في فلسطين"، وغير ذلك.
و لهذا نجد أنه من الضروري توضيح عدة أمور تمثل حقائق تاريخية ودينية لنا نحن العرب، وهي – و للأسف – تغيب عن الكثير من كُتّابنا العرب، ولعل أبرز هذه الحقائق ما يلي:
- إن الأساطير الدينية التي تبنَّتها الحركة الصهيونية هي من صنع كهنة بني إسرائيل الذين كتبوا ما أسموه توراة موسى في بابل بعد موت النبي موسى بأكثر من ستة قرون، و ليست البتة كلام الله عز وجل، ولهذا لا يجب الاعتماد عليها في صياغة ما يسميه الصهاينة اليوم " تاريخ اليهود " أو " تاريخ بني إسرائيل القدماء".
- إن فلسطين سكنها، في الألف الثالثة قبل الميلاد، الكنعانيون (وهم من القبائل التي هاجرت من جزيرة العرب إلى ما يعرف اليوم بالشام) و قد بنى اليبوسيون – و هم من قبائل كنعان – مدينة القدس الحالية باسم " يبوس " أو" أورسالم" نسبة إلى مليكهم "سالم". و يرتد الاسم العبري للقدس إلى ذلك الاسم الكنعاني القديم.
- إن الله عز و جل جَعَلَ بلاد الشام – وفي القلب منها فلسطين – بلادًا مباركة للعالمين، وعلى هذه الأرض المقدسة وَهَبَ الله عز وجلّ النبي إبراهيم عليه السلام ذريةً مسلمةً صالحة، وجَعَلَ فيها النبوة والكتاب. وقد فضّل الله أبناء يعقوب (بني إسرائيل) على الأمم التي عاشوا بينها، وجعل النبوة في عدد كبير منهم، إلا أن الكثير منهم لم يقابل ذلك بالشكر بل بالعصيان والكفر، فسَلَبَ الله منهم ما حباهم من نعم، ولذا وصفهم في القرآن الكريم بأقبح الأوصاف.
- إن دعوة الأنبياء إبراهيم وإسحاق ويعقوب وموسى وداود وسليمان (عليهم السلام) هي دعوة التوحيد والإسلام، يقول الله عز و جل: " ووصى بها إبراهيم بنيه يا بنيّ إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا و أنتم مسلمون. أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك و إله آبائك إبراهيم و إسماعيل وإسحاق إلهًا واحداً و نحن له مسلمون. تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم و لا ُتسألون عما كانوا يعملون. و قالوا كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين. قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط ونحن له مسلمون". ( سورة البقرة: 132:136). و لهذا فلم يكن إبراهيم و لا إسحاق ولا يعقوب ولا الأسباط، وكذلك لم يكن موسى وداود وسليمان (عليهم السلام) يهودًا أو نصارى، و إنما كانوا أنبياء مسلمين. ومن هنا فمن آمن بدعوة التوحيد من بني إسرائيل هم من المسلمين وليسوا يهودًا ولا نصارى.
- وترتيبًا على ما سبق فإنه لم يكن ثمة صراع بين المصريين وبين بني إسرائيل أيام النبي موسى، وإنما كان هناك صراع بين أتباع دين التوحيد أي المسلمين .
- وعلى رأسهم النبي موسى- و بين الكفار من المصريين ومن بني إسرائيل. لقد أرسل الله عز وجل موسى بدعوة التوحيد إلى بني إسرائيل وإلى فرعون مصر وشعبه، وفي هذا يقول الحق سبحانه وتعالى: "ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين. إلى فرعون وملئه فاستكبروا وكانوا قومًا عاليين. فقالوا أنؤمن لبشريْن مثلنا وقومهما لنا عابدون" (سورة المؤمنون: 47:45 ).
- وفضلاً عما تقدم فإنه لم يكن لبني إسرائيل القدماء ولا لليهود ـ والفرس هم الذين أطلقوا لفظة اليهود على بني إسرائيل في القرن السادس قبل الميلاد ـ كيان سياسي أيام النبي داود والنبي سليمان (واليهود لا يعترفون بنبوتهما)، ذلك بأن ما أقامه النبيَّان ما هو إلا ملك إسلامي خالص، وذلك بعد أن انتصر داود على جالوت وقومه (عبدة الأوثان)… .وقد جعل الله داود عليه السلام خليفة للمسلمين في الأرض، وفي هذا يقول الله عز وجل: " يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض". ( سورة ص:26 )، وقد تولى الملك بعد داود ابنه سليمان، وفي عهده اتسع الملك الإسلامي؛ إذ سخّر الله عز و جل لسليمان الجن والإنس والطير والريح وغير ذلك إلى الحد الذي جعل ملكة سبأ في جنوب جزيرة العرب ترضخ لدعوة سليمان إلى الإسلام.
و إنْ كان نبي الله سليمان قد بنى مكانًا للعبادة لأتباعه، فهذا المكان هو المسجد وليس البتة هيكل (أو معبد) سليمان، و في ذات موقع هذا المسجد يقع اليوم مسجدًا الصخرة والأقصى، إذ أن المكان مكان للعبادة منذ أن ظهر الإنسان على الأرض، وما حوله مقدس ومبارك للعالمين بنص القرآن الكريم ( اقرأ الآيات من 1-3 من سورة الإسراء). و لهذا فلا يصح أن يعتمد العرب والمسلمون ( كما يفعل يهود اليوم وأنصار الحركة الصهيونية) على أسفار التوراة في سرد قصة داود و سليمان أو ما تسميه الحركة الصهيونية تاريخ اليهود.
- إن الله عز وجل أرسل – بعد انهيار ملك داود وسليمان – العديد من الأنبياء والرسل المسلمين الذين كان الله تعالى يرسلهم إلى كفار بني إسرائيل، ومن هؤلاء الأنبياء زكريا ويحيى وعيسى عليهم السلام، في نفس الوقت الذي شهدت فيه بلاد الشام (الأرض المقدسة للعالمين) العديد من الغزاة الأجانب عقابًا على انحراف أهلها عن شرع الله. لقد كان ذلك من باب تسليط الله الظالمين على الظالمين. ولقد ظلت الشام ولاية رومانية منذ أن دخلها الرومان في القرن الأول الميلادي حتى الفتح الإسلامي لها في القرن السابع الميلادي بعد بعثة خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم. [انظر في هذا الصدد: جمال عبد الهادي محمد مسعود (إعداد): الطريق إلى بيت المقدس: القضية الفلسطينية ( جزآن )، دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع، المنصورة، الجزء الأول، الطبعة الخامسة 1415 هـ، 1994 م، الجزء الثاني الطبعة الثالثة 1415هـ، 1994، وكذلك انظر في شأن تاريخ الجماعات اليهودية: عبد الوهاب المسيري؛ موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية (ثمانية أجزاء)، دار الشروق، القاهرة، 1999، وكذلك: أحمد عثمان ؛ تاريخ اليهود ( ثلاثة أجزاء )، دار الشروق القاهرة، 1994 ] .
هكذا فإن العبرانيين القدماء لم يكونوا أول من دخل فلسطين، ولم يكن الأنبياء إبراهيم وإسحاق ويعقوب وموسى وداود وسليمان وعيسى يهودًا أو نصارى وإنما كانوا أنبياء مسلمين، ومن آمن بالإسلام من بني إسرائيل وغير بني إسرائيل هم من مسلمي ذلك الزمان، أما الذين كفروا بالإسلام فهم كفار بني إسرائيل وكفار غيرهم من الأقوام، و ما كتبه كهنة وكفار بني إسرائيل في بابل، ثم في فلسطين، ليس كله كلام الله، و بالتالي فلا يمكن الاعتماد عليه في صياغة تاريخ " بني إسرائيل القدماء"، وفي تحديد رؤيتنا – نحن العرب – تجاه يهود عالمنا المعاصر وتجاه ما يعرف " بإسرائيل". و فضلا عن ما سبق فقد فنّد الكثير من الباحثين المحايدين صلة يهود اليوم ببني إسرائيل القدماء، إذ أن أصول جلّ يهود اليوم ترتد إلى قبائل الخزر التركمانية (وهي قبائل غير سامية) التي اعتنقت الديانة اليهودية منتصف القرن الثامن الميلادي (انظر على سبيل المثال ما كتبه العالم الراحل جمال حمدان في كتابه " اليهود أنثر بولوجيا " و ما كتبه آرثر كيستلر في كتابه المسمى " القبيلة الثالثة عشرة ويهود اليوم" ).
و من هنا فإن من لهم الحق في المطالبة بتراث ملك داود و سليمان هم أتباع الإسلام وليس الذين ينسبون أنفسهم اليوم إلى بني إسرائيل القدماء، و لهذا يجب علينا ألا نردد ادعاءات التوراة والحركة الصهيونية بأنه كان لليهود كيان سياسي في فلسطين قبل الميلاد، أو أنه كان هناك صراع بين بني إسرائيل والمصريين، وأن سليمان عليه السلام بنى هيكلا لليهود، أو غير ذلك من الأساطير، فذلك ما يود أن يسمعه "المفاوض" الإسرائيلي من العرب على طاولة ما يسمى اليوم "مسيرة التسوية السلمية".
إن تزوير تاريخ فلسطين وطمس معالمه، و تبديل المفاهيم وتغييرها، بل وصك مصطلحات ومفاهيم جديدة: حال القول إن "إسرائيل" هي واحة الديموقراطية الوحيدة في "الشرق الأوسط"، و أنها المارد الاقتصادي القوي في المنطقة مع تجاهل حقيقة أنها: كيان استيطاني عسكري عنصري توسعي عميل للقوى الاستعمارية الكبرى، تابع اقتصاديًا لها، وغريب حضاريًا عن المنطقة العربية والإسلامية
- يعد أداة مثلى في يد قادة الكيان الإسرائيلي بهدف خلق شرعية وجود الجماعات اليهودية في فلسطين أمام أفراد هذه الجماعات في جميع أنحاء العالم، وأمام الدول الغربية التي يعتمد عليها ذلك الكيان في بقائه واستمراره. أما أن يردد بعض العرب تلك الأساطير الدينية والتاريخية، وهذه المفاهيم والمصطلحات المختلقة فهذا يحدد
– في اعتقادي – ما وصلت إليه حالنا اليوم من جهة، ويؤكد علي الحقيقة التي لا مناص من أن يدركها المفاوض الفلسطيني -عشية بدء ما يسمي المفاوضات النهائية –والتي قوامها أن مسألة القدس لا يمكن أن يقررها الطرف الفلسطيني بمفرده في ظل ميزان قوة مختل كالذي نعيش، فالقدس مسألة عربية إسلامية قبل أن تكون فلسطينية، وذلك من جهة أخري. وهذا الأمر يحتاج إلى مزيد من البحث الجاد و الجهد الصادق؛ ولا سيما من الباحثين في حقلي التاريخ ومقارنة الأديان
اليهود على مر التاريخ كانت لهم مواقف سوداء لا يصفو منها شيء، مبنية على الغدر والخداع والكفر والبهتان والتقول على الله ورسوله بغير علم.
ولن نستطيع أن نلم بكل مخازي اليهود، وإنما حسبنا نماذج يتضح لك منها حقيقة هؤلاء القوم وما جبلت عليه نفوسهم منذ القدم.
طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى