مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

* رمضان في العراق -امثال عراقية -الرشيدية - طقوس الزواج في العراق

اذهب الى الأسفل

* رمضان في العراق -امثال عراقية -الرشيدية - طقوس الزواج في العراق Empty * رمضان في العراق -امثال عراقية -الرشيدية - طقوس الزواج في العراق

مُساهمة  طارق فتحي الأربعاء أكتوبر 21, 2015 4:43 pm

رمضان في العراق عادات وتقاليد باقية لم تتغير
مُساهمة طارق فتحي في الثلاثاء 20 نوفمبر 2012 - 19:41
قرب علينا شهر رمضان شهر الخير والعطاء شهر الصبر والفلاح ، رمضان الشهر المميز الذي ينتظره المسلمين بشوق ومحبة في كافة البلاد العربية والاجنبية ، لما له من اهمية خاصة تميزه عن بقية اشهر السنة الاخرى .
ولشهر رمضان في العراق نكهة خاصة حيث تبدأ التحضيرات لهذا الشهر الكريم قبل بدايته فيقوم الناس بشراء المواد الغذائية التي يحتاجونها في تحضير وجبات الافطار والسحور وهي تكون متنوعة تشمل المواد الغذائية الاساسية والحلويات والعصائر التي تجهز في اكثر الاحيان في البيت .
والشيء المميز في العراق ان غالبية الناس يلتزمون بشعائر شهر رمضان من صيام وصلاة وقراءة القران فالذين لايصلون اصلا يلتزمون بالصلاة ويقرأون القرآن ، وحتى النساء غير المحجات يرتدين الحجاب خلال شهر رمضان ، فنجد فيه الالتزام الواضح بين الكل حتى بين صغار السن ممن هم دون سن التكليف ، إذ يحرص أولياؤهم عادة على أمرهم بالصيام وغيره من العبادات تدريبًا لهم على العبادات منذ الصغر .
اما المساجد فتمتليء بالمصلين من مختلف الفئات العمرية الذين يؤدون صلاة التراويح ، ويؤشر ذلك بسبب زيادة الوعي الديني والابتهال والتقرب الى الله ليذهب عن العراق الاحتلال الامريكي الذي عاث بارضه فساداً ، الارض التي شرفها الله سبحانه وتعالى بنزول غالبية الانبياء والمرسلين ، وكثرة مراقد الائمة والصحابة الاطهار فيها .
ولهذا الشهر في العراق عادات وتقاليد منذ القدم تتمثل بكثرة الزيارات بين الاقارب والجيران تتبادل فيها الدعوات على وجبة الافطار ، والتي من شانها زيادة الالفة والمحبة بين العوائل العراقية ، ولكن في الوقت الحاضر بدأ العراقيون تقليل هذه الزيارات بسبب الوضع الامني المتدهور في بغداد فهذا الشي اصبح صعب تحقيقه بين الاقارب الذين يسكنون في مناطق متباعدة ( لان قبل متظلم الدنيا لازم نكون بالبيت ) .
لعبـة المحيبـس
مع حلول شهر رمضان المبارك من كل عام تنتشر لعبة المحيبس التراثية في الشارع العراقي الشعبي بشكل لافت للنظر وتستهوي هذه اللعبة آلاف العراقيين من لاعبين ومشجعين، و تمارس في الأحياء والمقاهي الشعبية منذ مئات السنين . وقد اشتهرت في اقدم المحلات البغدادية القديمة كالكاظمية والاعظمية والجعيفر والرحمانية فتقام مباريات بين ابناء المنطقة الواحدة ، وبين المناطق المتجاورة مثل المباريات التي تقام كل عام بين منطقة الكاظمية ومنطقة الاعظمية .
تتكون اللعبة من فريقين كل فريق يتكون من عدد من الأشخاص قد يتجاوز العشرين و يجلس الفريقين بصورة متقابلة وبشكل صفوف و يقوم أحد أشخاص الفريق الأول بوضع خاتم (محبس) بيد أحد أشخاص فريقة و يتم أختار أحد الأشخاص من الفريق الثاني ليعرف ( يحزر ) مكان الخاتم ، و يتم تسجيل النقاط لكلا الفريقين حسب عدد المرات التي تمكن خلالها من معرفة مكان الخاتم ، والفريق الذي يحقق الحد الأعلى من النقاط (21 نقطة) هو الفائز .
ومن طقوس هذه اللعبة أن يتناول الفريقان والجمهور بعد انتهائها بعض الحلويـات العراقيـة المعروفـة ( بالزلابية والبقلاوة ) التي يتحمل ثمنها الفريق الخاسر .
تهدف لعبة المحيبس تقوية أواصر المحبة والصداقة بين أبناء الحي الواحد ، والتعارف وتوطيد المحبة والألفة بين ابناء المناطق المختلفة
اما في الثلث الأخير من شهر رمضان يبدأ الناس بالاستعداد لاستقبال عيد الفطر المبارك من خلال تزيين البيوت لاستقبال المهنئين من الجيران ، الأقارب ، والأصدقاء ، وتقوم ربات البيوت بصنع الحلويات والمعجنات خاصة ( الكليجة ) لتقديمها مع العصائر للضيوف الذين يأتون في العيد . كما يتم تجهيز ألعاب الأطفال (المراجيح ، الزحليكات ، دولاب الهواء ) في الساحات والمناطق الشعبية .

بالنسبة للأفطار طبعاأهم شي التمر واللبن المطروق يعني لبن زبادي وماي وملح وثلج ويخلط بالخلاط والبعض يضع انواع شرابت خاصة الصوم في الحر وطبق الشوربة طبعا وشوربة العدس هي المفضلة وتليها الماش وشوربة الماجي بالشعرية
بعد تناول التمر والماء وكوب اللبن اذا مو كوبين او ثلاث خاصة الرجال وطبق شوربة يقوم الناس بالصلاة وطبعا المرأة تصلي بسرعة او تحضر السفرة قبل الأذان بالنسبة الي احضر كل شي قبل الأفطار حتى لاأستعجل بالصلاة
الافطار الاكثر هو رز ومرق مرق باميا او فاصوليا يابسة اوخضرة او تبسي با>نجان او قسم يحب نواشف وطبعا الدولمة كثير من العوائل من يكون عندها ضيوف تعمل الدولمة وطبعا الاكثر يكون فطورهم التشريب لحم اودجاج والاعلب تشريب حمرة متكونة من لحم الغنم وطماطة ومعجون وحمص ونومي اسود تكون روعه وبحبوها ثريد.
وبعد الفطور شي الاكيد الشاي
بعدها اي بعد الفطور الحلويات او ممكن البعض بعد صلاة التراويح عندما يحضر الرجل من الجامع نحضر الحلويات والشربت والفواكه الحلويات ممكن تعمل بالبيت تتفنن المرأة مثل عوامات او لقمة القاضي او زلابية والأغلب يشتري من السوق اهم حلويات هي بقلاوة -زلابية-والاطيب هي زنود الست المشهورة بالعراق
والزيارات تكون بالليل وكل ضيف من يأتي يحضر طبق حلوى وبالأضافة الى ذلك يتم بين الجيرات تبادل الأطباق الرمضانية وماشاء الله الخير في رمضان كثير.
بالنسبة للسحور قسم يحب ان يأكل الرز والمرق وقسم نواشف قسم بيض مع بطاطة حسب الذوق واكيد تمر والشاي
البعض يبقى لاينام حتى الفجر والبعض ينام ويصحى قبل السحور.
والصبح الاستيقاظ لربات البيوت يكون متأخر وتبدأبالتحضير للفطور والقسم يبدأبالتحضير قبل الفطور بكم ساعة

(لا حظت برجيلها ولا خذت سيد علي)
ما قصة المثل العراقي
أصله : أن إمرأة مليحة حسناء ، ذات طهر وعفاف ، كانت قد زُوّجت إلى رجل فقير ، قليل الرزق ، ضيق ذات اليد . وكان ودودا لزوجته ، حريصا على هنائها وسعادتها ما وسع جهده ، وماتسمح به حالته . وبعد مرور بضع سنوات على زواجهما ضاقت المرأة ذرعا بفقر زوجها ، وضيق عيشها معه ، فملّ عشرته ، ونفرت من العيش معه . فذهبت تفتّش عن فتاح فال يكشف لها طالعها ، وطالع زوجها ، ويكشف لها – إعتقادا منها – عن مستقبل حياتها معه . فدلّتها بعض النسوة على ملا إسمه السيد علي ، كان مشهورا بقراءة الفأْل . فرأى سيد علي حسن المرأة وجمالها ، فزاغت عينه .. فقرر أن يستحوذ عليها لنفسه ، وأن يوقعها بين براثنه .. فحسِب لها النجم وسأل لها ملك الجن ، ثم أخبرها أن نجمها ونجم زوجها لا يتلا ئما .. وأن الطلاق من زوجها هو خير ماتستطيع أن تفعله ، وإن كان الطلاق هو أبغض الحلال عند الله . ثم لمّح لها في حديثه أنه مستعدّ للزواج منها وإسعادها ، إذا ما افترقت عن زوجها وأكملت عدّتها . فصدّقت المرأة كلامه ، ووثقت من وعده لها . فذهبت إلى زوجها فطلبت الطلاق منه ، فطلّقها مرغما أسِفا . ثم أن المرأة عادت إلى سيد علي ، وطلبت منه أن يبرّ لها بوعده فيتزوجها. فراح يماطلها ويدافعها ، حتى أحس ت المرأة بمكره وعلمت بخداعه ، ووثقت من عزوفه عن الزواج منها ، فرجعت إلى زوجها آسِفة ، نادمة ، باكية ، وطلبت منه أن يعيدها إلى عصمته مرّة أخرى . وكان الرجل – من شدة فقره – عفيفا ، ذا إباءٍ وشممٍ ، فأبى ذلك . فعادت المرأة إلى أمها حزينة باكية ، لتعيش م عها ، ولتقاسمها قسوة الفقر ، وأهوال الفاقة . وعلم الناس بذلك الأمر ، فقالوا ي المرأة (( لا حظت برجيلها .. ولا خذت سيد علي )) ، ولاموا المرأة على سوء تصرفها ، وعدم قناعتها بما قسم الله تعالى لها من رزق . وذهب ذلك القول مثلا

راد يكحلها عماها
قصه المثل راد يكحلها عماها, امثال شعبية وقصصها
تعد هذه القصه من أغرب القصص التي حدثت لأحد رجال الباديه ؛ حينما
تزوّج للمرّه الثـانيه من امـرأة وكـان لـديه قبلها زوجـة وأولاد ؛ وبعد
فتره من زواجـه شكّ بأن زوجته الجديده لا تحبّه وكان ذلك مجرّد وهم
طرأ عليه ؛ فقد كـانت المرأه لا تكلّمه ألا نادراً ؛ ولم يـرهــا تـضـحــك
أو تبتسم أمامه مطـلقاً ؛ لذلـك اعـتقد بأنها تحــب غـيره ؛ فأتعـبته
الظـنون الى أن لجـأ الى امرأةٍ عـجـوز معروفـة بالحـكمه ؛ فأخـبرها بأمر
زوجـته طـالباً منها طريقه يتأكد بها من مـشـاعر زوجــته ؛ فقالت له
العـجـوز : عـلـيك أن تصـطـاد أفعى وتخـيط فمها وتضـعـها فوق صدرك
أثناء نومـك ؛ وعـندما تحـاول زوجـتك إيقاظك اصطنع الموت ؛ وفعل
مثلما أمـرت به العـجـوز ؛ وحـينما جـاءت زوجـته لتوقظـه مـن الـنوم لــم
ينهـض أو حـتى يتحــرك ؛ وعـندما رفـعــت الـغـطـاء ورأت الأفعـى ظـنّت
بأنها لـدغــتـه ومــات ؛ فـأخــذت تصـرخ وتنادي ابنه من زوجـته الأولى
واسـمـه ( زيد ) وحـينما كانت في هــذه الحـاله قـالت هـذه القصيده :
يا زيد رد الزمل باهـل عبرتـي
على ابوك عيني ما يبطل هميلهـا
اعليت كم من سابقٍ قـد عثرتهـا
بعود القنا والخيل عجـل جفيلهـا
واعليت كم من هجمةٍ قد شعيتهـا
صباح .. والا شعتها من مقيلهـا
واعليت كم من خفرةٍ في غيا الصبا
تمنّاك يا وافي الخصايـل حليلهـا
سقّاي ذود الجار اليا غاب جـاره
واخو جارته لا غاب عنها حليلهـا
لا مرخيٍ عينـه يطالـع زولهـا
ولا سايـلٍ عنهـا ولا مستسيلهـا
وبعـد أن سمع الزوج هذه القصيد ؛ تأكد من مشاعر زوجـته ومدى الحـب
الذي تخـفيه حـياءاً لا أكثر ؛ فنهض من فراشه فرحـاً ليبشّرها بأنه لم
يمـت ؛ لكن الزوجـــه توارت حـياءاً لأنها كشفت عن مشاعرها ؛ وعندما
عـلـمـت بأن الأمر ليس سـوى خـدعـه مـن الـزوج ليخــتـبر حــبّها ؛ غـضبت
وأقسمت بألاّ تعود اليه الا بشرط ( أن يكلّم الحـجـر الحـجـر .. وأن يكلم
العـود العـود ) وهـي بذلـك تقـصـد استحــالـة ان تعـود ايه مرة أخـرى ؛
فأصـبح في حــيرةٍ أكبر كما قـال المـثـل ( راد يكـحّــلـهـا عـمـاها ) ؟!!
فذهـب بعد أن أعـيته الحـيره الى العجوز مرة أخرى لتجـد له حـلاً ؛ فقالت
له العجـوز أحـضـر الرحـى فهـي عـندما تدور تصـدر صـوتاً وكـأنما يكلّم
نصفها نصفها الآخر ؛ أما العود فأحـضر ربابه فإذا كان لزوجـتك رغبة
بك فستعود الـيك ؛ وفعلاً عادت له زوجـته بهـذه الطريقه

الرشيدية في الذاكرة
الأكراد في الرشيدية
كانت من معطيات إنقلاب تموز محاولة إرضاء كل الفئات ومنها عودة الزعيم الكردي المبعد إلى الإتحاد السوفيتي "ملاّ مصطفى البرزاني" والشاعر "الجواهري" الذي كان يشجع الزعيم :
فضيق الحبل واشدد في خناقهم فربما كان في إرخائه ضرر
أثار عودة الزعيم الكردي الحميّة في نفوس الأكراد فخرجوا إلى الشوارع محتفلين وهم يرددون (زعيمنا الثاني ملاّ مصطفى البرزاني) إلاّ أنّ هذه الصداقة لم تدم طويلاً حتى اختلفا وأعلن الأكراد العصيان ، وكان نتيجة هذه نشوب الحرب وإسالة الدماء الزكية بعد أن كانت المنطقة الشمالية تتمتع بالأمن والإستقرار مما جعل العوائل الكردية تترك قراها وأماكن معيشتها هرباً من نيران الحرب ، كانت القرية الكردية بين المطرقة والسندان من هنا الثوار يفرضون الأتاوات على القرى أو طلب الطعام والمأوى ومن جهة الدولة تعتبرهم خونة لإنهم يتعاملون مع العصاة .
وأخذ الناس يتعاطفون مع هؤلاء المنكوبين وفتح أهل الرشيدبة بيوتهم وساكَنُوهم أو ترك صاحب المنزل دارهُ لأخيه وسكن مع أهله وقاسموهم رغيف الخبز ، وكانت هناك علاقات إجتماعية ومعرفة مثلما استقبلنا أصدقاء والدي كذلك فعل غيرنا .
يتمتع الأكراد بالحيويّة والنشاط والنظافة وإتقان العمل وحب النظام وإعطاء الشيء حقه ، كما وأنهم يستجيبون إلى التغير بسرعة ، ويتمعون بروح شفافة ومرحة وخفة الحركة وعدم المماطلة في أداء الحقوق ، كما انهم أناس مسالمين تُؤمن جيرتهم ، لذلك وجدوا في الرشيدية أرضاً خصبة فهناك البساتين المنتشرة والتي تستقطب الأيدي العاملة وهناك شاطئ النهر لاستخراج وتصفية الحصى والرمل قبل ظهور معامل الغسل حيث كان بأمكان أيّ إنسان أن يغربل سفرة من الرمل أو الحصى للبناء بنصف دينار ويحملها للسيارة بنصف دينار وكانت تلك ثروة لارتفاع قيمة الدينار ، إندمج الأكراد بالمجتمع الرشيدي فما كان أيّ إحساس أو تميّز أو شعور بالغربة وخاصة لامتلاكهم صفة التبلور والتغير وبسرعة فائقة أتقنوا اللغة التركمانية نساءً ورجالاً وجرى بين الطرفين المصاهرة ولم يحدث أيّ نزاع أو خلاف مع طوال هذه الفترة إلى يومنا بينهم وبين السكان الأصليين ، وسرعان ما استطاع الأكراد اجتياز مرحلة الهجرة وأن تكون لهم مصالحم الخاصة وأن يمتلكوا العقارات علماً أنّ مرحلة الستينيات لم يعرف أهل الرشيدية تأجير المساكن وكان ذلك مجاناً إلى مطلع السبعينيات وتحسّن الأحوال الماديّة للأكراد ، وكانت أول عائلة كردية سكنت في الرشيدية وكان ذلك قبل أحداث الشمال عائلة (بابي محمود) ، وكان يعتبر نفسه من الأغوات ولا يركب أيّة سيارة إلا في المقعد الأمامي بزيه الكردي وقليُونهِ الطويل ، رُزق خمسة أولاد نشأوا وتزوجوا من بنات الرشيدية كان لأحدهم شأن على مستوى العلوم الفيزياوية .
كانت للحركة الكردية تأثيرها الواسع على الحياة الإجتماعية والإقتصادية ، لأنّ الدولة فرضت الحصار الإقتصادي للمنطقة الشمالية ، كانت سيطرة الموصل في دورة جسر السويس ثم انتقلت إلى المجموعة وأخيراً في بعويرة (حيّ العربي) تمنع إخراج أيّة مادة غذائية أو وقود إلا بكتاب رسميّ ، وإذا حاول أيّ مواطن إخراج 1كغم من السكر لأهله مُزّق ونُثر في السيطرة ، واشتهر بهذا أحد العسكرين (س) من القرى المجاورة بصلابته وعدم رحمته مع أنّه معروف لأهل الرشيدية ، كان ذو بشرةٍ سمراء وشوارب كثيفة وغليظة وعينين غائرتين منحه الله فرصة لكي يكون من المحسنين ولكنه أبى أن ينال رضى الله ورضى مواطنيه ، والحياة فرص على العاقل أن يقتنصها قبل أن تعبر عليه ، أذكر قبل أيّام كنت في مطعم وجاء رجل مسنّ ذو عمامة خضراء وجالسني في نفس المنضدة ، وأُوتي له بالمقبّلات وهو يستمهلل العامل (أمهلني لأخذ نفسي) شعرت به وأردت أن أقول للعامل قدم له ما يريد وقبل أن أنطق نطق من هو ورائي وطلب له الطعام وبتُّ منذ ذلك اليوم كلمّا تذكرت أنّ الله ساقه إليّ ولكني تماهلت حتى التقفه غيري وأورث في نفسي الحسرة كلمّا تذكرته ، وهكذا في الحياة فرص يمنحها الله للعبد ، ومن الأمور التي جرت لنا في السيطرة أنه حصلنا على إجازة سبع براميل كاز وايل وتأخرت المحطة بالتزويد وأجلنا لليوم الثاني وأعلمنا السيطرة بذلك ولكننا حينما وصلنا السيطرة صُودرت البراميل وحُجزت السيارة لكون التأريخ يعود إلي يوم أمس ، وكانت لي دراجة هوائية أُعبّر بها لأهلي السكر والشاي ، كان السكر بالكيلوات والشاي بالأواقي حيث يُوزن السكر بأكياس ورقية ثم تُغلق كما تُبرم الكليجة ، 1كغم السكر ب(60فلس) . — مع ‏يونس فيصل كينجو الجرجري‏ و ‏‏3‏ آخرين‏.

بمناسبة عيد الام
من التربية الإجتماعية التي ترسخ في نفس النشىء حب الأمهات ، (هذا الموروث الشعبي وهو قصة حب بين الفتى والفتاة التي تطلب مهراً غالياً ليدلل الفتى أنّ حبها أعظم من أي شيء حتى من أمه وحياتها لذلك تطلب من الفتى قلب أمه ويرضخ لطلبها ) ، (المحب أعمى وأطرش) .
ويحتال الفتى ويُخرج أمه إلى فلاة من الأرض ويذبحها ويستخرج قلبها وهو يمشي وإذا به يتعثر ويناديه قلب أمه هل أصابك مكروه ياولدي ؟ وينتبه الفتى لحاله وأخذ ينظف القلب بدموعه والقلب يناديه هل تعورت هل أصابك مكروه ؟ وأخذ يلوم نفسه ويشعر بجرمه في حق أمه لذا يقرر الإنتقام من نفسه ويخرج خنجره ليغرسه في صدره وإذا بالقلب يصيح مرة أخرى : (لقد ذبحتني مرة فلا تذبحني مرة أخرى !)
والأخرى أنّ سيدنا موسى سأل ربه من رفيقي في الجنة ؟ فقال الله جل جلاله : فلان القصاب ، وسأل عنه "عليه السلام" فوجده مع السكارى ! قال له موسى : أنا ضيفك اليوم ، وإذا به يقطع قطعاً من اللحم من أفضل ما يمكن ويقول لموسى "عليه السلام" هيا لنذهب ، وبعد الوصول يشوي اللحم الذي ثرمه ويذهب إلى منتصف الغرفة لينزل زنبيلاً معلقاً في منتصف السقف وإذا فيها إمرأة ينظفها ويغيّر ملابسها ويطعمها ويقبلها ثم يعيدها إلى مكانها ، قال موسى : من هذه ؟ قال : أمي ، قال : وأنا موسى أعلمني ربي أنك رفيقي في الجنة ، قال : أنا المغمور بالذنوب معك يا نبي الله !؟ فتاب من ساعته .
ومن كلام ربِّ (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) الحساب في انتظار من يخالف أمر ربِّ العالمين ولات حين مناص ، وآيات كثيرة وأحاديث في حقهما وخاصة الأم (أمك ثم أمك ثم أمك ثم أباك) وقال "عليه الصلاة والسلام" : (إذا ماتت الأم نادى منادٍ من السماء يا ابن آدم اليوم ماتت التي كنا نكرمك منأجلها فاعمل صالحاً .......) ، وقيل لأحد الصالحين الذي يمسح وجهه بقدم أمه ماذا تفعل ؟ قال : أتمرغ في روضة من رياض الجنة ، وهذا رجل قد حمل أمه على ظهره ويطوف بالكعبة وهو يسأل ابن عباس رضي الله عنه : هل وفيت حقها ؟ يجيبه : كلا ! ولو بزفرة واحدة أو بطلقة واحدة وقد حملتك وهي تحب ذلك وأنت تحملها وأنت كاره .
أمك تبكي ألماً لوجعك ، تسهر الليل وأنت غاطٌ في نومك ، آهاتك رصاصتٌ تثقب قلبها ، لو بكيت كان صوت بكائك زلزالا ًيعصرها ويغيّر لون وجهها ، إبتسامتك أجمل ما ترى عينها من ورود الدنيا وزهورها ، إشراقة وجهك أجلّ من نور الشمس ، تسهر لكي تنام وتجوع لكي تشبع ، أنت صوتها عندك من أجمل الألحان ، وحضنها جنة فيها لك النعمة والأمان ، تهرع إليها من كل مكروه ، تتنازل عن حياتها لكي تعيش بأمان ، تعطي دائماً ولا تأخذ ، تبذل كل شيء لك دون مقابل ، إذا غبت عنها لا تصبر حتى تضمك إلى صدرها ، تحنّ إليك وأنت صغير ، وتصغر في عينها وأنت كبير ، إذا قيل لها أنت مريض امتلىء كل جسمها بالأوجاع والآلام ، تود أنّ ما بك من ألم ووجع فيها وأنت مرتاح وريان ، حتى لو تراكمت عليها الأسقام فهي في نشوة طالما أنت تتمتع بالصحة والأمان ، هذه أمك عنوان الحنان ومنبع الرقة والإحسان وهبة الرحمن لبني الإنسان .
يذكر التأريخ أنّ رسول الله "صلى الله عليه" توفّت أمه وعمره ستّ سنوات ، بطريق عودتهم من عند أخواله بني النجار بالابواء بين مكة والمدينة وبعد خمسين سنة وبعد صلح "الحديبية" مرّ على قبر أمه فبكى حتى أبكى الصحابة "صلى عليه وسلم" .
وبعد هذا لسنا محتاجين أن يكون هناك يوم يذكّرنا بأمهاتنا لأني لا أستشرف عملي قبل أن أطّلع على وجهها وأن أقتبس من محيّاها الرضى ومن دعائها التوفيق والأمان ثم أعود من عملي لأشعر بدفئ حرارة انتظارها لأُقبل تلك اليد التي طالما مرت من شعر رأسي وظهري وبطني إلى أخمص قدمي أذكرها ولا أنساها حتى بعد موتها أدعوا لهما في ركعة وسجدة .
عيد الأم ليس لنا نحن المسلمين لإنّ أمهاتنا لم تغادر قلوبنا لحظة إنما لاؤلئك الغربيين الذين أنستهم نظمهم الإجتماعية ولاستغراقهم بالشهوات والأنانية حتى اشتكت الأمهات من جفوة الأبناء والبنات واخترعوا لهم يوماً للأم ليتذكر الأبناء أمهاتهم بهاتف أو وردة ، أقسم بالله لو غبنا أو كنا قادمين من سفر أرسلنا إليها باقة ورد لألقتها بسلة المهملات لانَّ رؤية وجهك عندها أجمل من كل ورود الدنيا .
لذلك لا يليق بنا ونحن سليلوا أولئك الأمجاد أن نقتدي بمن دوننا من الأمم إلا بالمعارف والعلوم ، أما بهذه المظاهر التافهة التي لا تسمن ولا تغني من جوع (عيد الام ، عيد المعلم ، عيد العمال ، عيد الربيع أو الشجرة ....... إلا عيد الجيش واستعراض القوة لطمئنة الناس وإرهاب الأعداء) وهذه الأعياد لم تقدم شيئاً لمنتسبيها ، كان معلم الخمسينات كالوزير مفتّحةً أمامه جميع الأبواب محترم ومكّرم وصار له عيد ولم يأبه به أحد وصاحب ، السلطة الذي لا يملك الإبتدائية يوسع له ، وهو ختم علوم الأوّلين والآخرين يكون مجلسه آخر القوم ، وأشدها تفاهة ونكراناً ما يسمونه عيد الحب لإشاعة السوء بين المراهقين المغفلين ، ما لنا بجنود الرومان وقساوستهم (فلنتينا) ؟ أليس في تراثنا أجمل قصص الحب وأطهرها ؟ قال "صلى الله عليه" وسلم : (لتتبعُن سنن من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع ولو دخلوا جحر ضبٍّ لدخلتموه) قالوا : اليهود والنصارى يا رسول الله ؟ قال : فمن ؟

زمن الفوضى
كنت أسمع أنّ الحزب الشيوعي يقود المظاهرات لإسقاط نوري سعيد والنظام الملكي في العراق ، لذا سطع نجمه وبان له أنصار من بين الإنقلابين ، وكان من الطبيعي أن يزيحوا من أمامهم جميع التيارات وينفردوا بالزعيم أنصاراً ومستشارين ، ويثبت لنا التاريخ أنّ العنصر العربي والشرقي أشد الخلق دموية حينما يخلو من وجدانه تقوى الله وخوفه لذا تراه يقتل وينهب ولا يدع لأخيه الإنسان أية قيمة .. الغربي إذا أقمت دعوى ضد أية مؤسسة من مؤسساته أنصفتك الدولة ، مثلاً هذه الحفرة في الطريق أتلفت ممتلاكاتي أو أنّ أزيز الطائرات المارة فوقنا أقضّت مضجعي سرعان ما استجابوا وغيروا وبدّلوا لإنّ للمواطن قيمة ينبع من احترام الفرد لنفسه ، علماً أننا أولى الناس بإكرام الإنسان ، أيّ إنسان ، من أيّ دين ومذهب ، لأننا نعلم أنّ الحساب مقصور على الله هو يزكّي الأنفس وهو ربّ الجميع ، ألا نتعلم من قيم ديننا ما يملئ حياتنا طمأنينة وسعادة ؟ هذا عبدالله بن عمر "رضي الله عنهما" يمشي بين الأدغال بخطى وئيدة مخافة أن يجفل الأحياء الراقدة بين الحشائش ، وهذه إمرأة دخلت النار في هرة حبستها لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض (أين هذه من قيم جميع الأحزاب ؟) وهذه إمرأة داعرة غفر الله لها وأدخلها الجنة حينما رأت كلباً يأكل الثرى من شدة العطش فنزلت البئر وملأت خفها وسقت الكلب ، هذه قيمنا في الحيوانات وهناك الكثير الذي عُتم عليه ، فأية صلاة وصوم وحج ينفع مع قسوة القلب الذي ينسيه (المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص) و(ولا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) وينسيه العقوبة المشددة المرهبة لمن كان في قلبه ذرة إيمان يردعه عن ارتكاب مثل هذه الجريمة البشعة ولو بنصف كلمة حيث يلقى الله مكتوب على ناصيته آيس من رحمة الله ، وقد فرض الله للقتل خمس عقوبات متوالية زاجرة لانظير لها لدى بقية الأمم (من قتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه : جهنم ، خالداً فيها ، وغضب الله عليه ، ولعنه، وأعد له عذاباً أليماً) ونصوص زاجرة كثيرة للحفاظ على هذا الكيان المقدس الذي سجدت له الملائكة .
فبعد فشل الحزب الشيوعي بإدارة البلاد وجرى ما جرى من قتل وسحل وتعليق على أعمدة الكهرباء ونهب الممتلكات لأعيان البلد دارت الدوائر على الذين كانوا بالأمس يصولون ويجولون واليوم لا يدرون أين يختبؤون وتشكلت فرق الإغتيالات لاؤلئك الذين ساهموا بارتكاب تلك الجرائم و هم ليسوا غرباء كلٌّ يعرف غريمه ، وكنتَ تمشي وترى من يقتل من كان يمشي قريباً منك تحت نظر القوات الأمنية التي تتغافل عن القاتل ، وفقدت الدولة السيطرة على الشارع وبات الإنسان يقتل لأتفه الأسباب كون رباطه أحمر أو لون حذائه أحمر ، وهاجر كثير من الناس ، ومرةً أعجبتني "قمصلة" جميلة جداً جداً لكنها حمراء اشتريتها ب(800فلس) من شارع غازي وأريتها للمرحوم "عبد السلام الحبّار" كان من أقدم خياطي ملابس الرجال في الموصل تخرج على يديه كثير مِن من امتهن ويمتهن هذه المهنة ، ونصحني أن أعيدها لأنني قد أُقتل بسبب لونها مع العلم أنّي كنت صغيراً في الصف الأول المتوسط من متوسطة الكفاح أوّل متوسطة في الجانب الأيسر مديرها المرحوم "فيصل الجبوري" الذي كان يقف على الباب يحاسب المتأخر ، وكان البرد شديداً وقد وضعت كتبي تحت إبطي ويدي في جيبي من شدة البرد ، وإذا به واقف يحاسب المتأخرين وناداني (تعال ليش متأخر ؟ استاذ مواصلات ، وإذا به يصفعني في وجهي صارخاً : طلّع إيدك من جيبك) وفي اليوم الثاني قُتل في النبي شيت رحمه الله ، وتولّى إدارة المدرسة الأساذ "إبراهيم عبد الرحمن" من أهل النبي ، كان يدرّسنا الدين وكنا نحبه حباً شديداً ولكنه بعد أن تولى الإدارة غير تعامله معنا وأصبح إنسانا آخر لا يعرفنا ولا نعرفه ، وكان يخرجنا إلى الساحة ويلقي كلمة وبعدها نهتف جميعاً يسقط الزعيم الأرعن عبد الكريم قاسم (نحن ننقل وقائع ما عشناه وليس لنا أي اتجاه سياسي) ثم تخرج المظاهرة تنظم إليها المدرسة التي تمر بها منددين بحكومة الزعيم والكل يهتف يسقط الزعيم والأمن مفقود والغدر قائم ومن له ثأر من أهل القرى إنتقم من غريمه بإطلاقة ترديه أرضا يتلوى على الأرض بدمائه والناس في هلع يهربون أنّ هناك شيوعيّ قُتل وهكذا حتى قيام ثورة 14رمضان 8 أذار 1963 .
ومن الأمور التي كلما تذكرتها حيّرتني وربما ألمّت بها نفسي أنه كان لنا مدرس رياضيات نشط في المدرسة كأنه مديرها ، يصفّ الطلاب ويدخلهم الصف ، تعامله مع الطلبة كما يقال شعبي مرح ومحبوب ، إسمه "متي ميخائل" أو "ميخائيل متي" يسكن حي الثقافة ، كنا نخرج من المدرسة ونركب باص المصلحة رقم 9 نهاية الخط باب المجموعة (لنكمل الوصول إلى البيت في الرشيدية مشياً على الأقدام إذا لم تصادفنا سيارة) وكان دائماً يدفع عنّا ثمن البطاقة وبإصرار وأحياناً نحن مجموعة من الطلبة يدفع عن الكلّ ، وقلت في نفسي كيف نكافئه ؟ وخطر ببالي أن أهدي له من لبن غنمنا الطبيعي اللذيذ ، ونحن من ثقافتنا أهل الرشيدية إكرام المعلم وإجلاله ، وتوجّهت حاملاً هديتي على صدري إلى الفرع الذى كان يدخله وسألت عن بيته وطرقت الباب واستقبلني وعرّفني على والديه الطاعنين بالسنّ وأحضرت أمه فنجان القهوة فلما شربت أردت الإنصراف فأبى إلا أن يعرّفني على بيته ومكتبته وأنا أتعجب ، ما أهميتي لكي يعرّفني كل هذا وأنا مجرد طالب ؟ ومع استغرابي وعدم إدراكي سبب إكرامه خرجت من بيته حائراً وكان ذلك آخر لقاء وفي اليوم الثاني لم يداوم ! وقيل أنه هرب .

حركة الشواف
تحدثنا في القسم الأول عن تفرد الزعيم بالسلطة وإبعاد العراق عن محيطه العربي وزج خصومه في السجون ، وكان ذلك لا يروق لمعظم أبناء الشعب لإنّ الإنتماء الديني والقومي يلعب دوراً مهماً في حياة الناس وخاصة كمدينة مثل مدينة الموصل وغيرها من مدن العراق حيث إذا وقع أي اعتداء أو ظلم في أقصى غرب الوطن العربي ترى الناس يحتجون ويتظاهرون ولربما يُسقطون الحكومة ، ليس كما الآن مدن في العراق تُقصف وتهجر وأخرى تحي الليالي الحمراء ، فأمسنا قد عاد ، أين تلك الروح التي إذا أنَّ الجنوب أو أيّ بلد وجد الصدى في الشمال ، لا أعني الموصل والبصرة وإنما الموصل مع صنعاء وأغادير مع أم درمان .
لذا فإنّ ثورة المرحوم الشوّاف مع رفاقه كناظم الطبقجلي ورفعت الحاج سري وغيرهم من الضباط الأحرار وجدت هوى في نفوس الناس خاصة بعد الممارسات التي كانت تصدر من الحزب الشيوعي وزيارة وفد الحزب للموصل (حمامات أو أنصار السلام) التي لم تكن إلا ذئاب الإجرام .
فشلت الثورة بالقصف الجوي ، بعد ما قُتل قائد الثورة أو انتحر زحفت للموصل جموع الغوغاء واستباحوا المدينة قتلاً وشنقاً وسحلاً بالشوارع وهم يهتفون (ماكو مؤامرة تصير والحبال موجودة) وعُلقت الجثت على أعمدة الكهرباء ونُهبت البيوت ولم يشترك من الرشيدية إلا شخصان أحدهم أذكر أنه جاء بمعالق ذهبية من إحدى البيوت ، كلاهما كانا منبوذين عاشا بذلّ وماتا شر ميتة .
وقُتل رجال الدين وكان منهم الشيخ توفيق النعيمي والشيخ هاشم عبد السلام بعد ما مثلوا بوجهه وحلقوا نصف لحيته وسحلو ابنته حتى تمزقت الثياب عن جسمها ، وكذلك فعلوا مع الشهيدة حفصة العمري (هذا مايفعله دائماً من انسلخ من قيمه ولم يرع حرمة وكان عائشاً في ذل الهوان ولم يتعلم قيم مجتمعنا الاصيلة ، إنّ المرأة كيان مقدس لا يهينها إلا من لا غيرة له على أهل بيته ، فاقد لأية كرامة لإنّ الكريم لا ينال من امرأة حتى ولو بصقت في وجهه) .

واصطفت سياراتهم من خزّان ماء الرشيدية إلى دار الحاج حميد ولي وهم يهتفون (دين محمد بطّالوخ ... تلكيف أخذ استقلالوخ) وكذلك (عيني اكريّم للأمام ديمقراطية وسلام) وكذلك (أرواح الشعب فدوة لابن قاسم) وكذلك (ماكو زعيم إلا كريم) يريدون نهب وسحل بعض وجوه وبيوتات الرشيدية ولكن الله من رحمته لأهل الرشيدية قد قيض من يرد عنهم الأذى وإلا سيارات مليئة بالغوغاء مصطفة بطول كيلو متر ما كان يحصل لو أطلق يد هؤلاء واستبيحت لهم القرية إلا مجازر ودمار وخراب ، تصدى لهم المرحوم محمود مير كان رجلاً ذكياً فاهماً بالغاً مراتب قيادية في الحزب الشيوعي ، وهو أول من أدخل صناعة الأبواب والشبابيك إلى مدينة الموصل ، حج واستقام في آخر حياته على الدين وقال لهم هذه منطقتي وأنا أتكفّل بهم إن كان هناك أحد من الرجعية ، وأعادهم من حيث أتوا ، ونحن أهل الرشيدية نذكر له هذا الصنيع ، وكنا ونحن أطفال نتجول بين السيارات نمزق صور الزعيم وإذا شاهدنا السائق نقول له (عمو ماكو بيتنا صورة حلوة مثل هذي) أريد أخذها ، وبات الناس لا يستطيعون السير في الشوارع أو الجلوس في المقاهي أو الذهاب إلى الموصل إلا وعلى صدر أحدهم صورة الزعيم وإلا يُتهم بالبعثية والرجعية ويُقتل أو يُقبض عليه ليُقدم إلى محاكم فورية تكون النتيجة القتل والسحل ، واشتهر في هذه المحاكم (عدنان أو عبد الرحمن القصاب لا أذكر الإسم جيداً) أحد رموز الشيوعية في الموصل ، ومن الطرائف أنّ المرحوم (كَر صالح) عاد من الموصل وعلى صدره صورة الزعيم وشاهده صالح آغا وعلى صدره صورة الزعيم وقال له ما هذا الصنم ؟ (ما عيب) كيف تصلي لله وهذا على صدرك ؟ فأجابه (انت إذا رجّال روح باجر إلى الموصل ولا تشيل هذا الصنم على صدرك) ، وفي اليوم التالي ذهب المرحوم صالح آغا وعاد وعلى صدره صورة الزعيم قيل له : (ها أشو الصنم على صدرك ؟) قال : وأنا جالس في جيخانة (نوري أمام بناية البلدية مكان تجمع أهل الرشيدية) جاء (عجي) وبيده رزمة من الصور ووضع واحدة على صدري وقال : (طلع عشرة فلوس ، فقلت : له ما أريد) ، فأخرجها من صدري وغرزها في عقالي وقال : (تنطيني والا أصيح هذا بعثي !) ، وقال : أُجبرت وأعطيته ما يريد ، وكانت الطيبة مجسدة فيهما لا يهمهما شيء في الدنيا إلا الطاعة لله والبحث عن الرزق الحلال ، إشترى كَر صالح ساعة جيب قديمة وتراثية من عدنان عمر آغا "رحمه الله" وهو من كركوك يسكن الموصل وأعاب عليه صالح آغا (أشنو هذا السكراب دروح زا) ، وما كان منه إلا أن فتح الغطاء عن محرك الساعة وهو يلمع ووضع فيها قطعة من التراب المتكتل بقدر رأس الدبوس واذا بالساعة تطحن التراب وتحيله إلى غبار ! والله إنهم كانوا ملائكة بالقياس لأهل زماننا ، تغمدهم الله برحمته جاورونا وزرعوا معنا البساتين لم نجد منهم ومن أولادهمإلا الطيبة .

طقوس الزواج عند العراقيين
‏ الزواج بين السنة والعادات والتقاليد :-
حثَّ الإسلام على الزواج كجزء متمم للإيمان ، وأية تدل على عظمة الله وهي سنة من سنن الأنبياء ، يقول تعالى (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إنَّ في لآيات لقوم يتفكرون) .
على ضوء الآية الكريمة نفهم ما يأتي :-
1- يجب التفكير بهذه الظاهرة الإنسانية كآية وعلامة لعظمة الله تعالى وتدبيره لشؤون خلقه أن جعلهما من جنس واحد وليس من أجناس مختلفة كما في بعض المخلوقات
2- جعلها سكناً تستقر بها النفوس وهي جنة الدنيا لمن أنعم الله عليه يحصّنه من الأمراض النفسية والملل والكآبة
3- أودع المحبة والمودة في قلبيهما فمهما اختلفا تبقى المودة الرابط القوي التي تجمع بينهما
4—إنّ هذه المودة ممزوجة بالرحمة والحنان لائتلاف القلوب والشعور بالراحة والطمأنية ، وهي مودة من نوع خاص من الله لا مثيل له لا حب الولد ولا الوالد ولا الصديق ، تتجذر بالقلوب حتى تُزهر نشوةً وأنساً تشعّ على أفراد الأسرة وينشأون نشأة سليمة في ظل أبوين متحابين لا يشذون ولا ينحرفون وهي بعض أسباب نجاح وتفوق الأبناء في معترك الحياة .

1-أولياء الأمور :
للكبار دور في تقرير المصير سلباً وإيجاباً لا الولد يستطيع ان يرفض ولا الفتاة ، واذا قرر الكبار أنَّ الطفلة فلانة للطفل فلان إنتهى وأصبح كالعقد المبرم لا أحد يجرؤ رفض ذلك ولا أحد يستطيع طلب يدها لكونها قد سُميت لفلان ، وهذه مخالفة لقوله "صلى الله عليه وسلم" لبنات جعفر الذي أستشهد في مؤته (لها الخيار إذا بلغت) ، واشتكت فتاة أنّ أباها زوّجها من إبن أخيه ليرفع به خسيسته ففسخ "صلى الله عليه وسلم" هذا العقد ، ولذلك إذا تم مثل هذا الزواج غالباً ما ينتهي بالطلاق وعدم السكون والراحة النفسية وكثرة المشاكل بينهما ، وأحياناً تنعدم الكفاءة بينهما بين متعلمٍ وجاهلٍ ومجنونٍ وعاقلٍ ، ومع الأسف جهل الأولياء بمشاعر الأبناء يورثهما التعاسة طول العمر وتنمو بينهما المشاكل مما يؤدي إلى شرود الأبناء ولا يكونوا أسوياء كمن تربى بين أبوين متحابين .
والدين يُبيح النظر والإستقصاء قال "صلى الله عليه وسلم" (انظرها فإنها أدوم للعشرة) ، وما رأيت زواجاً لا يلتزم بهذه الحالة إلا تبعه الزواج الثاني وترك تحمّل مسؤولية تربية الأطفال للأم المهجورة ، وسرعان ما يتنصل الكبار مما حدث من مشاكل وكل ما يحدث بسبب تدخلهم ، والسنّة تبارك الزواج برضى الأطراف فلا زواج إلا بوليّ ولا زواج إلا برضى الولد والبنت ، الأول شرط ، والثاني ركنٌ (الإيجاب والقبول) وإلا لمَ القاضي (العاقد) والشهود
٢- المهر :
شرطٌ في صحة الزواج (إلتمس ولو خاتماً من حديد) والله أمر بالقرأن أن يكون المهر حقاً من حقوقها وهديةً من الله لها ، قال تعالى : (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن نفس منه شيئاً فكلوه هنيئاً مريئاً) عن طيب نفس منها دون حياء أو إجبار أو إشارة أو تعريض (ما عدنا بيت ، أو يراد تزويج أخوكِ ------ ونحو ذلك) تعطي منها أو كلها لأبيها أو لاخيها أو لزوحها هي حرةٌ في مهرها هذه السنة ، أما العادة فإن الوالدين هما اللذن يتصرفان دون الرجوع إليها وأخذ رأيها .

الصبــــــــــــــاحية‏
*الصباحية : اليوم التالي لليلة الدخلة ويسمى عندنا(أصما كسما) :-
يتوافد الأصدقاء والأقرباء وهم يعلمون أنهم سيحاكمون أمام حاكم ظالم بفرض غرامات عليهم لتهمة ملفقة لابتزازهم ، هذه العادة ينفرد بها الرشيديون وأهل النبي يونس ويسمّون الحاكم (حسن باشا) ، وهي من الثقافة العثمانية الذين تركوا أثراً كبيراً في الجانب الأيسر من مدينة الموصل ، وكان القائد (يوزباشي) يحكم من زاخو إلى حمام العليل (بدار القلم الذي سنفرد له حديثاً في الفصول القادمة) .
تنعقد المحكمة من الصباح بجلوس القاضي الذي يحيطهُ مجموعة من الشباب ومن أصدقاء العريس هم شرطته الذين ينفذون أوامر القاضي ويتحملون الأذى والضرب من قبل الذين ألقي القبض عليهم وسياقتهم للحاكم الجائر الذي قد علّق حبلاً غليضاً ، ويكون الحبل ليّنا حتى لا يتأذى من يُعلق من رجليه ، ويُعلق حتى يرضخ لأمر الحاكم الجائر ويقرُّ بذنبه ويدفع الغرامة ، ولربما يطلب العون فلا يعينه أحد ولا يتكفله أحد ، حتى الأب لا يعرف ولده ولا الولد يقر بمعرفة أبيه ، ومن يفعل ذلك يُعلق بالحبل معه وتُشدّد عليه الغرامة والعقوبة .
يستمر القاضي بمقاضاة القادمين واحداً بعد الآخر بعد أن يجلس أحدهم ويطمئن على نفسه وهو يضحك على ما يجري أمامه ، وإذا بالقاضي يغمز على حين غفلة منه لزبانيته وإذا بهم يسحبونه للقاضي ويضعون إحدى قدميه في الحبل والقاضي يقول لالا يعني إضربوا يا زبانية (كل هذا يجري بضحك ومرح وفرح دون مرارة أو غضاضة حيث يعتبر الحضور "الأصما كسما" جزءً من الحقوق والواجبات) ، يقول القاضي وهو يضرب شرطيه لم أتيتم بهذا المسكين هذا بريء ؟ لا ياسيدي هذا الذي وضع حجرة 50 طن في المجاري وأدى إلى غرق الرشيدية ومن بعدها بيسان والحي العربي ، ثم بعده بتهمة مثلاً بذر حَباً فأكل الطير منه لأن الحَب كان مسموماً ، ثم غمزة أخرى من الحاكم لشرطته وهو ينظر إلى العريس في غمضة عين يكون رجله معلقاً بالحبل يتبعه أصدقاؤه يحاكمون معه كلٌ بجريرته أو يشترك الكل بتهمة واحدة وغالباً ما تكون التهم من جنس مهنته فإن كان في التعليم يُقال له (رسبت ويلادنا راح من عمرهم سنة يا ظالم) أو تغيب كثيراً ولا تنهي المنهج ، وإن كان في الكهرباء (ليش تقطع الكهرب عنا حتى وكع شايبنا وانكسرت رجله ، ادفع ثمن علاجه) وهكذا تلقى التهم جزافاً لإثارة الضحك وأخذ الغرامة ، ويعتمد هذا على نباهة القاضي وذكائه وفطنته في اختلاق الأباطيل التي تُدين المتهم ، ولا ينقذ العريس إلا العروسة حيث ترسل قطعة ذهبية لتكون فدية نجاته .
والحاكم في غمرة طغيانه يحكم هذا ويُجّرم ذاك يصول ويجول ويأمر ويتحكم إذا بمجموعة متمردة تهجم عليه ويرفعونه من عرشه ، ويحلُّ واحدٌ مكانه ويُمدّد المسكين وتوضع إحدى قدميه في الحبل ويحاكم على ظلمه ، وسرعان ما تنضم شرطته مع الإنقلابين ويشهدون على ما ارتكب من ظلم حتى يقر ويعترف ويدفع غرامة ذلك .
تستمر المحكمة إلى الظهر ويتناولون الغذاء وتبقى هنالك حفلة عصرية تنتهي مع المغرب ومعها تنتهي مراسيم الزواج .
بقي شيء لابد من ذكره أنه لم يكن يُقدّم للعرسان هدايا عينية كتحفيات أو زجاجيات ونحو ذلك ، وإنما طعام تحمله المرأة على رأسها وغالباً يكون الطعام برغل مع لحم مع أي نوع من المرق ، وكان لحم الدجاج الذ وأرغب سابقاً ، ويبقى أهل الدار في مناسبات الفرح والتعازي مدة شهر ينهال عليهم الطعام يأكلون منها ويُهدون للجيران .
طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى