مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الفرق بين بقاء وفناء الجنة والنار

اذهب الى الأسفل

الفرق بين بقاء وفناء الجنة والنار  Empty الفرق بين بقاء وفناء الجنة والنار

مُساهمة  طارق فتحي السبت ديسمبر 27, 2014 5:19 pm

1
"الفرق بين بقاء الجنة، والنار، شرعا، وعقلا" فأما شرعا، فمن وجوه:
أحدها: أن الله أخبر ببقاء نعيم الجنة ودوامه، وأنه لا نفاد له ولا انقطاع في غير موضع من كتابه، كما أخبر أن أهل الجنة لا يخرجون منها، وأما النار وعذابها فلم يخبر ببقاء ذلك، بل أخبر أن أهلها لا يخرجون منها.
من المعلوم ان الشيخ الألباني خالف ابن تيمية في مسألة فناء النار ، وقال بخلودها..
و هل "لا يخرجون" لا تعني البقاء ؟ كما أخبر تعالى عن أهل النار أنهم خالدون فيها ، بمعنى أنها خالدة معهم. مثلما أن أهل الجنة خالدون فيها. و خطاب الخلود الأبدي ورد على الاثنتين الجنة و النار، فكيف نقول بفناء إحداهما وخلود الأخرى ؟ و إذا قلنا بفناء النار أو خروج أهلها منها ، يكون هذا عكس للتخويف الذي أراده الله، مما يسهل المعصية بحجة أننا لن ندخل النار إلا أياما معدودات، ولكن إذا عرف الإنسان انه قد يكون خالدا في النار أبدا، سيحصل له خوف قوي يصده عن طريق الشيطان والكفر. ولهذا في القرآن يتكرر التخويف من الخلود في عذاب النار، لأجل الزجر. ولئلا يفتح الشيطان أي أمل، لأن الشيطان يعدهم و يُمنّيهم، ومن ضمن ما يمنيهم أنهم لن يدخلوا النار الا اياما معدودات، وأن النار مصيرها أن تفنى، و أن رحمة الله سبقت عذابه.
الأساس هو النية وليس الفعل هو الأساس، وقد يخطئ الإنسان بحسن نية، وقد يغلبه هواه ويستغفر الله ويندم. المهم هو القلب السليم وعكسه هو القلب المريض. والقلب يعني النية الأساسية.
القول بفناء النار خلاف للقرآن .وقال تعالى (ولقد ذرأنا لجهنم)، وهذا يعني أن النار ليست دار إصلاحية يتطهرون فيها ثم يدخلون إلى الجنة كلٌّ حسب محكوميته ! و الشيطان أيضا خالد فيها، فهل سينتهي عذاب الشيطان إذا فنيت النار؟ أم أنه سيعود إلى الجنة بعد أن يتطهر؟ من يريد الإصلاح هو المحتاج لإصلاح الفاسدين، والله غني عن العالمين. وهذا من النظرة العلمانية الداخلة في الدين، أن تقاس الآخرة على الدنيا. عرضَ الله عليهم الصلاح و الهدى، فرفضوا واستحبوا العمى على الهدى، فكيف يصلحهم بالتطهير الناريّ وقد رفضوا أصلا؟ هل يصلحهم رغماً عنهم ؟ أم هل يرحم ملعونين؟ وكيف يرحمهم وقد لعنهم؟
ثم أليس اللعن هو الطرد و الإبعاد عن رحمة الله ؟ ومن حكم الله عليهم بالعذاب فقد لعنهم، وكل أمةٍ تلعنُ الأمة التي قبلها في النار. فالرحمة ليست شاملة، واللعن استثناء بأنه إبعاد عن الرحمة.
فناء الجنة وفتاء والنار
أنه أخبر بما يدل على أنه ليس بمؤيد في عدة آيات.
الله اخبر عن الجنة والنار، بنفس الخبر، فكيف صارت الجنة هي الخالدة والنار غير خالدة؟
أن النار لم يذكره فيها شيء يدل على الدوام.
وماذا بعد قوله تعالى: (خالدين فيها أبدا ما دامت السموات والأرض) ؟
إن النار قيدها بقوله: {لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً} ، وقوله: {خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} وقوله: {مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} ، فهذه ثلاث آيات تقتضي قضية مؤقتة، أو معلقة على شرط، وذاك دائم مطلق، ليس بمؤقت ولا معلق.
قوله (إلا ما شاء ربك) وردت في الجنة أيضا، وقال (وما هم بخارجين منها) عن النار ، وقال (الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12) ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا(13) ) ، فما معنى أنهم لا يموتون ولا يخرجون من النار؟ وقوله (لابثين فيها أحقابا) المقصد منها التكثير وليس التقليل كما تصور، لأن الحقبة هي أطول فترة زمنية يستطيع العقل أن يتصورها. ولاحظ ليست حقبة ولا حقبتين، بل أحقاب. أي ما لا يُعدّ من الزمن .
وما دام أن كلمة (الا ما شاء الله) وردت في الجنة والنار، اذن حكمهما واحد، واعتباره أن كلمة (الا ما شاء الله) دليل على فناء النار، لابد ان يتخذها دليلا على فناء الجنة ايضا ، لأنها وردت في كليهما. وهذا ما كان يقوله الجهمية بفناء الجنة والنار. بينما هو اتخذها دليلا على فناء النار وسكت عن ورودها في وصف الجنة.
أنه قد ثبت أنه يدخل الجنة من ينشأه في الآخرة لها ويدخلها من دخل النار أولا ، ويدخلها الأولاد بعمل الآباء ، فثبت أن الجنة يدخلها من لم يعمل خيرا، وأما النار فلا يعذب أحد بذنوبه، فلا تقاس هذه بهذه.
لو كان الابناء يدخلون الجنة بعمل اباءهم، لدخلها ابن نوح الذي غرق في الطوفان، ولكان ابنه أولى أن يدخل الجنة من أولاد غيره، لأن نوحا دعا ربه فيه، و كافح في سبيل الله ألف سنة إلا خمسين عاما، فعمله يكفي لدخول أجيال من أبنائه وأحفاده إلى الجنة، ودعوة الأنبياء مستجابة في الأساس.
وقال تعالى (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى)، وقال (ولا تزر وازرة وزر أخرى). و كون الله يخلق أحدا ويُدخله الجنة، لا يعني الاستنتاج الذي ذهب اليه ابن تيمية بأن الجنة يدخلها من لم يعمل خيراً، هذا استنتاج غير منطقي. فأشجار الجنة لم تعمل خيرا، ومع ذلك دخلتها، وكذلك حورها و ولدانها لم تعمل خيرا من قبل و لم تـُمتحن، فإن كان يدخلها احد من أهل الدنيا بلا عمل، يكون كلامه صحيحاً.
أن الجنة من مقتضى رحمته ومغفرته، والنار من عذابه، وقد قال: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} .
وقال: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} .
وقال: {رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} .
فالنعيم من موجب أسمائه التي هي من لوازم ذاته فيجب داومه بدوام معاني أسمائه وصفاته. و أما العذاب فإنما هو من مخلوقاته، والمخلوق قد يكون له انتهاء مثل الدنيا وغيرها، لاسيما مخلوق خلق تتعلق بغيره.
هنا يبدو أن ابن تيمية يتكلم بكلام المعتزلة، في تقسيمهم للصفات الإلهية إلى مخلوقة وغير مخلوقة.مع أنه معارض لهم فيما نعرف، فجعل الإنعام من الصفات الذاتية لأنها مستمرة، بينما العذاب مخلوق! فالصفة المستمرة عند المعتزلة ذاتية ،كالعلم والسمع والبصر، والصفات التي قد تكون أو لا تكون يعتبرونها مخلوقة، و من هنا اعتبروا الكلام صفة مخلوقة وبالتالي القرآن مخلوق عندهم، مع أن من أسماء الله : الجبار و المنتقم. ومثل ما أن من أسمائه المنعم و الرحيم.
أنه قد أخبر أن رحمته وسعت كل شيء، وأنه {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} ، وقال: "سبقت رحمتي غضبي" "وغلبت رحمتي غضبي" .
وهذا عموم، وإطلاق، فإذا قـُدِّر عذابٌ لا آخر له، لم يكن هناك رحمة البتة.
نعم، إذا كنا نقرّ باللعن، والله لعن، واللعن معناه الطرد عن الرحمة، ولا يمكن أن تكون هناك رحمة شاملة للمفسد والمصلح وللخيّر والشرير، ولو كانت الرحمة مطلقة لشملت إبليس أيضا، فهو عبارة عن مذنب.  هذا ليس من العدل ولا من الحق، والآخرة دار الحق، والحق يقتضي أن يأخذ كلٌّ جزاءه، والرحمة مثل التوبة، والتوبة رحمة في الدنيا، ومن ستـُقبل التوبة منه هو من جاء بقلب سليم، وله أخطاء وذنوب لم يكن يحبها حتى ولا يطمئن لها، ويتمنى أن يتوب عنها، فالتوبة هي رحمة في الدنيا، والمغفرة رحمة في الآخرة، والمغفرة في الآخرة رحمة لمن لم تكتمل شروط التوبة عليه في الدنيا, وإلا لماذا يتوب الله عمن أساء؟ مع أن له حق في أن ينتقم منه لو لم تكن رحمة؟ هذا لأنه كتب على نفسه الرحمة لمن يستحقها من المسيئين، منطقيا ليس كل مسيء يستحق الرحمة، وإلا لما كان هناك حق ولا باطل. وبالتالي يتساوى الحق والباطل، وهذا ما تنادي به العلمانية والمادية و الإلحاد وعدم التفريق بين الخير والشر.

أنه قد ثبت مع رحمته الواسعة أنه حكيم، والحكيم إنما يخلق لحكمته العامة، كما ذكر حكمته في غير موضع ، فإذا قدر أنه يعذب من يعذب لحكمة كان هذا ممكنا، توجد في الدنيا العقوبات الشرعية فيها حكمة، وكذلك ما يقدره من المصائب فيها حكم عظيمة، فيها تطهير من الذنوب، وتزكية للنفوس، وزجر عنها في المستقبل للفاعل ولغيره، ففيها عبرة، والجنة طيبة لا يدخلها إلا طيب، ولهذا قال في الحديث الصحيح: "إنهم يحسبون بعد خلاصهم من الصراط على قنطرة بين الجنة والنار، فإذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة"
والنفوس الشريرة الظالمة التي ردت إلى الدنيا قبل العذاب لعادت لما نهيت عنه لا يصلح أن تسكن دار السلام التي تنافي الكذب والظلم والشر، فإذا عذبوا بالنار عذابا يخلص نفوسهم من ذلك الشر كان هذا معقولا في الحكمة كما يوجد في تعذيب الدنيا، وخلق من فيه شر يزول بالتعذيب من تمام الحكمة، وأما خلق نفوس تعمل الشر في الدنيا وفي الآخرة لا تكون إلا في العذاب، فهذا تناقض يظهر فيه من مناقضة الحكمة والرحمة ما لا يظهر في غيره.

الآخرة هي دار الفصل بين الحق والباطل وبين الأخيار والأشرار، و مختارو الخير و مختارو الشر، وهذا هو الحق، والآخرة دار الحق، وسيعود كل شيء إلى وضعه بعد أن كان مختلطاً في الدنيا، فلا يمكن أن يعود أهل الشر الذين استحبوا الباطل على الحق، ويعودوا ويجلسوا في الجنة مع من اختاروا الخير أصلا وكانوا مظلومين في الدنيا ومشفقين.
اجتماع الحق مع الباطل في الجنة لا يمكن، لأن أي اجتماع بين الحق والباطل من الباطل، وستكون الدنيا تكررت في الآخرة، وهذه فكرة علمانية دنيوية لا تنطبق على الآخرة، وهي دار الفصل.
وكيف يقول أن الشر في النفوس الظالمة يذهب عنها الشر والظلم بالتطهير بالنار، بينما الله يقول (ولو رُدوا لعادوا لما نُهوا عنه) ؟ هذا دليل واضح من القرآن أن النار لا تكفي للتطهير.
والقرآن يقول أن هناك نفوسا خلقت لجهنم، ولا يفيد فيها حتى عذاب جهنم، قال تعالى (ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس) ، وقال أيضا عن نفس تلك النفوس : (ولو رُدوا لعادوا لما نهوا عنه) هذا كلام الله، والله أحكم الحكماء. ولا يصح أن نسقط الحكمة كما نراها في الدنيا على عالم الغيب، وإلا لوقعنا في إشكالات كثيرة، من مثل : لماذا يخلق الله العصاة وهو يعلم أنهم سيعصون؟ الله أحكم و أعلم وأعدل، فهو لم يظلم أحداً، ومنحهم الإختيار. ولا يُهلك أحداً إلا على بينة. وحتى لو لم نعلم الحكمة يبقى الله أحكم، هذا ما نعتقده، ولا نسقط عقولنا على حكمة الله.
ابن تيمية الان يقدِّم العقل على النقل مع أنه يرفضه. ويكره الفلسفة وهو يتفلسف الآن، و يكره منهج المعتزلة وينهج منهجهم في تقسيم الصفات!
شؤون الدنيا و حكمة الدنيا خاصة بالدنيا، و ابن تيمية لا زال يقيس على الدنيا بناء على قوله : (كما هو عذاب الدنيا). هذا غير أن العذاب عقلياً ليس مُخلِّصاً من الشر بالضرورة، وليس كل من عُذّب تاب. حتى لو كان العذاب في الدنيا، فكثير من المجرمين و العصاة يعذّبون و يعودون إلى الجريمة مرة أخرى ..
ولو كان التعذيب يُطهّر من الذنوب، لكان عذاب قوم عاد و لوط وغيرهم مطهّراً لهم أو مخفّفا من ذنوبهم، لكن الله يقول (ولعذاب الآخرة أكبر). إذن سقطت فكرة التعذيب لأجل التطهير، والقرآن ذكر أن العذاب هو حق و جزاءٌ وِفَاق لما فعلوه و اختاروه، فهم اختاروا سبيل الضلال على بينة، و سبيل الضلالة يؤدي إلى جهنم. ولم يذكر القرآن أن العذاب من أجل التطهير، وإلا لكانت النار كافية لتطهير ذنوب الجميع بما فيهم إبليس.
و فكرة التطهير بالعذاب فكرة دنيوية مادية لا نجدها في القرآن، ويتبنى المجتمع الدنيوي هذه الفكرة لأنه يخاف من تكرار الجريمة و يستفيد من الشخص إذا صلح، و هذه الحكمة التي يقصدها ابن تيمية، وهي حكمة مجتمع دنيوي،لا تنطبق على الآخرة ولا على الله، فهو غني عن الناس. والله هو الحق، والآخرة مطهرة عن الباطل، لأن الله سيجمع الباطل فيركمه في جهنم كما ذكرت الآية، ولا يكون هناك أي باطل. هذا بعد المغفرة والشفاعة. حينها يتحقق الفصل بين الحق والباطل، والله سمى الآخرة دار الفصل ولم يسمها دار الإصلاح أو التطهير. والجنة والنار تشيران إلى الفصل بين شيئين.
إننا نجد في ذكر عذاب النار في القرآن : (جزاءً وفاقا)، لأن من يُسجن أو يُعاقب في الدنيا يُعتبر أنه أخذ حقه من العقاب و انتهى الأمر ويبدأ من جديد، ولا يُحاسب على الذنوب السابقة. أما الآخرة فهي دار الحق وليست دار الإصلاح، لأن الإصلاح انتهت فرصته بالموت، فقد قال تعالى (وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ) .
لا إصلاح بعد الموت، ولو كانت النار إصلاحاً لما تمنى الكفار أن يعودوا للدنيا ليعملوا صالحا. بل لتمنوا أن ينقضي وقت التعذيب وينتهي بسرعة.
وقال تعالى (وقالوا يا مالك ليقض علينا ربك) فأجابهم (قال إنكم ماكثون). فلو كانت للتطهير لما قال أن أهلها خالدون فيها. في الآخرة الباطل له مكان يحتويه والحق له مكان يحتويه.
طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى