مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

* تفسير سورة مريم 3

اذهب الى الأسفل

* تفسير سورة مريم 3 Empty * تفسير سورة مريم 3

مُساهمة  طارق فتحي الأحد يناير 09, 2011 8:18 pm

تفسير سورة مريم
اعداد : طارق فتحي

( يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ ) أي لا تطعه في عبادتك هذه الأصنام ، فإنه هو الداعي إلى ذلك والراضي به .
لأن من عبد غير الله فقد عبد الشيطان .
• فمعنى عبادة الشيطان طاعته .
كما قال تعالى (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ) .
وقال تعالى (إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَّرِيداً ) .
( إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً ) أي مخالفاً مستكبراً عن طاعة ربه ، فاطرده وأبعده ، فلا تتبعه تصر مثله .
• قال السعدي : وفي ذكر إضافة العصيان إلى اسم الرحمن ، إشارة إلى أن المعاصي تمنع العبد من رحمة الله ، وتغلق عليه أبوابها ، كما أن الطاعة أكبر الأسباب لنيل رحمته .
( يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن ) على شركك وعصيانك لما آمرك به .
( فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً ) يعني فلا يكون لك مولى ولا ناصراً ولا مغيثاً إلا إبليس ، وليس إليه ولا إلى غيره من الأمر شيء ، بل اتباعك له موجب لإحاطة العذاب بك .
كما قال تعالى (تَاللّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) .
• قال الزمخشري : ربع عليه السلام بتخويفه سوء العاقبة ، وبما يجره ما هو فيه من التبعة والوبال .
• قال بعض العلماء : وإيراد الكلام بلفظ [ يا أبت ] في كل خطاب دليل على شدة الحب والرغبة في صونه عن العقاب ، وإرشاده إلى الصواب .
( قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ ) يقول تعالى مخبراً عن جواب أبي إبراهيم لولده إبراهيم فيما دعاه إليه أنه قال [أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ ] يعني إن كنت لا تريد عبادتها ولا ترضاها ، فانته عن سبها وشتمها وعيبها .
( لَئِن لَّمْ تَنتَهِ ) عن شتم آلهتي ، ودعوتي إلى عبادة الله .
( لَأَرْجُمَنَّكَ ) قتلاً بالحجارة .
( وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً ) أي زمناً طويلاً .
• بهذه الجهالة تلقى [ آزر ] الدعوة إلى الهدى ، وبهذه القسوة قابل القول المؤدب المهذب ، وهذا شأن الكفار مع أهل الإيمان.
• لكن مع هذه القسوة فإن إبراهيم قابل ذلك بغاية الرفق ، وأجابه إجابة عباد الرحمن عند خطاب الجاهلين وقال :
( قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ ) أي لا يصلك مني مكروه ، ولا ينالك مني أذى ، بل أنت سالم من ناحيتي وذلك لحرمة الأبوة .
( سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي ) أي لا أزال أدعو الله لك بالهداية والمغفرة ، بأن يهديك للإسلام ، الذي به تحصل المغفرة .
وقد وفّى إبراهيم بهذا ، كما قال تعالى ( واغفر لأبي إنه كان من الضالين ) .
لكن لما بيّن الله له أنه عدو لله تبرأ منه ، كما قال تعالى (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ ) .
والاستغفار للمشركين حرام .
كما قال تعالى (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ
الْجَحِيمِ) .
وقال الرسول (  استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي ) .
( إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً ) أي لطيفاً رحيماً رؤوفاً بحالي .
فلما أيس إبراهيم من قومه وأبيه قال :
( وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ) أي أجتنبكم وأتبرأ منكم ومن آلهتكم التي تعبدونها من دون الله
( وَأَدْعُو رَبِّي ) أي أعبد ربي وحده لا شريك له .
( عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيّاً ) وعسى هذه موجبة لا محالة ، فإنه عليه السلام سيد الأنبياء بعد محمد  .
• قال السعدي : وهذه وظيفة من أيس ممن دعاهم ، .... أن ينشغل بإصلاح نفسه ويرجو القبول من ربه ويعتزل الشر وأهله .
( فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلّاً جَعَلْنَا نَبِيّاً ) يقول تعالى : فلما اعتزل الخليل أباه وقومه في الله ، أبدله الله من هو خير منهم ، ووهب له إسحاق ويعقوب يعني ابنه وابن إسحاق كما قال تعالى في الآية الأخرى ( ويعقوب نافلة ) وقال (وَمِن وَرَاء إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ ) .
( وَكُلّاً ) من إسحاق ويعقوب .
(جَعَلْنَا نَبِيّاً ) جعلهم أنبياء وخصهم الله بوحيه .
(وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا ) أي أعطينا الجميع – إبراهيم وإسحاق ويعقوب – كل الخير الديني والدنيوي ، من المال والولد والعلم والعمل .
(وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً ) أي رزقناهم الثناء الحسن والذكر الجميل في الناس .
قال الطبري : إنما قال علياً ، لأن جميع الملل والأديان يثنون عليهم ويمدحونهم ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .
• اللسان في القرآن يراد به ثلاث معاني :
أولاً : يراد به الجارحة نفسها .
كقوله تعالى ( لا تحرك به لسانك لتعجل به ) .
ثانياً : يراد به اللغة .
كقوله تعالى ( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ) .
ثالثاً : يراد به الثناء الحسن .
كما في هذه الآية ( وجعلنا لهم لسان صدق علياً ) .
الفوائد :
1- الثناء العظيم على إبراهيم .
وقد وصف الله وأثنى على إبراهيم بالقرآن بصفات كثيرة :
منها : قانتا لله ، أمة ، حنيفا :
قال تعالى : ( إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين ) .
ومنها : شاكر .
قال تعالى : شاكراً لأنعمــه .
ومنها :حليم ، أواه .
قال تعالى : ( إن إبراهيم لحليم أواه ) .
ومنها : شجاعاً .
قال تعالى : ( وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين ) .
ومنها : سلامة قلبه .
قال تعالى : ( إذ جاء ربه بقلب سليم ) .
ومنها : تحقيقه لعقيدة الولاء والبراء .
قال تعالى : ( إذ قال لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون ) .
2- الاهتمام بدعوة الأقارب .
3- اتباع الأسلوب الحسن في الدعوة والتدرج .
4- من أساليب الدعوة التركيز على إبطال معبودات المشركين وبيان عجز الآلهة المدعوة من دون الله وتفاهتها ، ولهذا ذم الله آلهة الكفار بأنها لا تسمع ولا تبصر .
5- أن الذي لا يسمع ولا يبصر لا ينفع أن يكون إلهاً .
6- إثبات أن الله يسمع ويبصر .
7- التحذير من عبادة الشيطان وذلك بطاعته واتباع خطواته .
8- حكمة الله في عدم هداية والد إبراهيم .
9- أن الهداية بيد الله .
10- مصداق قوله تعالى ( إنك لا تهدي من أحببت ) .
11- مصداق قوله تعالى ( يخرج الحي من الميت ) فأخرج إبراهيم من هذا الأب الكافر .
12- أن الناس إذا جاءهم الدعاة منهم من يقبل ومنهم من لا يقبل .
13- أسلوب من أساليب حرب الدعاة وهو التهديد بالقتل والرجم .
14- أن الجاهل لا يرد عليه بل يترك ( سلام عليك سأستغفر لك ربي ) .
15- تحريم الاستغفار للمشرك وهذا بالإجماع .
16- فضل العزلة وترك الناس إذا كثر الفساد وعجز عن الإصلاح وخاف على دينه .
17- فضل اعتزال أهل الشر ليتفرغ للعبادة ولو كانوا أقرب الناس إليه .
18- الجزاء من جنس العمل ، فمن ترك شيئاً لله عوضه الله ، فإبراهيم اعتزل وهاجر لله فعوضه الله بالأبناء وصاروا أنبياء ، وبالذكر الحسن .

( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصاً وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً (51) وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً (52) وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً ) .
---------------------
( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى ) أي واذكر يا محمد لقومك في القرآن خبر موسى الكليم .
( إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصاً ) بالفتح أي مصطفى ، اصطفاه الله ، كما قال تعالى (  قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي ) ، وقرأ البعض بكسر اللام [ مخلِصاً ] من الإخلاص في العبادة .
قال السعدي : والمعنى متلازمان ، فإن الله أخلصه لإخلاصه ، وإخلاصه موجب لاستخلاصه ، وأجل حالة يوصف بها العبد الإخلاص منه ، والاستخلاص من ربه .
( وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً ) جمع له بين الوصفين ، فالرسالة تقتضي تبليغ كلام المرسل ، وتبليغ جميع ما جاء به من الشرع دقه وجله ، والنبوة تقتضي إيحاء الله إليه وتخصيصه بإنزال الوحي إليه .
( وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ ) أي ونادينا موسى من جهة جبل الطور من ناحية اليمين حين كلمناه بلا واسطة .
• فيه إثبات الكلام لله وسيأتي بالفوائد الأدلة .
( وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً ) الفرق بين النداء والنجاء ، أن النداء هو الصوت الرفيع ، والنجاء ما دون ذلك .
( وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً ) هذا من أكبر فضائل موسى وإحسانه ونصحه لأخيه هارون ، أنه سأل ربه أن يشركه في أمره وأن يجعله رسولاً مثله فاستجاب الله له ذلك .
كما قال تعالى (وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي ...... قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى ) .
وقال تعالى (وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ )
قال ابن كثير : قال بعض السلف : ما شفع أحد في أحد شفاعة في الدنيا أعظم من شفاعة موسى في هارون أن يكون نبياً .
الفوائد :
1- الثناء على موسى بهذه الصفات الجميلة .
2- فضل الإخلاص ( على قراءة مخلِصاً ) .
3- أن الإخلاص سبب للاختيار والتوفيق .
4- إثبات الكلام لله إثباتاً يليق بجلاله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل ولا تشبيه .
والأدلة على إثبات الكلام لله كثيرة :
قوله تعالى ( وكلم الله موسى تكليماً ) .
وقوله تعالى ( ومنهم من كلم الله ) .
وقوله تعالى (قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي) .
وقوله تعالى ( يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي .. ) .
وقوله تعالى ( وكلمه ربه ) .
وقوله تعالى ( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ) .
قال شارح الطحاوية : فأهانهم بترك تكليمهم ، والمراد أنه لا يكلمهم تكليم تكريم ، فلو كان لا يكلم عباده المؤمنين ، لكانوا في ذلك هم وأعداؤه سواء ، ولم يكن في تخصيص أعدائه بأنه لا يكلمهم فائدة أصلاً .
ومن السنة حديث أبي هريرة . قال : قال رسول الله  ( يقـول الله تعالى : يا آدم أخـرج بعث النار ، فيقـول : لبيك وسعديك ....... ) متفق عليه .
وعن عبد الله بن أنيس عن النبي  قال ( يحشر الله الخلائق يوم القيامة عراة حفاة غرلاً بهماً ، فيناديهم بصوت يسمعه من بعُد كما يسمعه من قرب : أنا الملك ، أنا الديان ) رواه أحمد .
ومن العقل : إن الوصف بالتكلم من أوصاف الكمال ، وضده – عدم الكلام – من أوصاف النقص ، والله منزه عن النقائص .
5- فضل الشفاعة في الخير .
6- كرامة موسى على ربه حيث جعل أخاه هارون نبياً لما طلب موسى ذلك .

(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً ).
----------
( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ ) أي واذكر يا محمد في القرآن خبر إسماعيل هذا النبي العظيم ، الذي خرج منه الشعب العربي ، أفضل الشعوب وأجلها ، الذين منهم سيد ولد آدم .
( إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ ) هذا ثناء عظيم من الله تعالى على إسماعيل بن إبراهيم أنه كان صادق الوعد ، أي لا يعد وعداً إلا وفىّ به.
وهذا شامل للوعد الذي يعقده مع الله أو مع العباد .
ولهذا قيل : إنما قيل له ( صادق الوعد ) لأنه قال لأبيه ( ستجدني إن شاء الله من الصابرين ) فصدق في ذلك .
قال ابن الجوزي : فإن قيل : كيف خص بصدق الوعد إسماعيل ، أليس في الأنبياء من ليس كذلك ؟
الجواب : أن إسماعيل عانى في الوفاء بالوعد ما لم يعانه غيره من الأنبياء ، فأثنى عليه بذلك ، وذكر المفسرون أنه كان بينه وبين رجل ميعاد ، فأقام ينتظره مدة ، قيل : حولاً ، وقيل : ثنتين وعشرين يوماً ، وقيل : ثلاثة أيام .
( وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً ) أي جمع الله له بين النبوة والرسالة .
( وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ ) هذا أيضاً من الثناء الجميل والصفة الحميدة والخلة السديدة حيث كان صابراً على طاعة ربه ، آمراً بها أهله .
كما قال تعالى لرسوله (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ) .
وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ ) أي مروهم بالمعروف وانهوهم عن المنكر ولا تدعوهم هملاً ، فتأكلهم النار يوم القيامة.
وفي الحديث عن أبي هريرة . قال : قال رسول الله  ( رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته ، فإن أبت نضح في وجهها الماء ، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها ، فإن أبى نضحت في وجهه الماء ) رواه أبو داود .
وعن أبي سعيد . قال : قال رسول الله  ( إذا استيقظ الرجل من الليل وأيقظ امرأته فصليا ركعتين ، كتبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات ) رواه أبو داود .
قال السعدي : فيأمرهم بالصلاة المتضمنة للإخلاص للمعبود ، وبالزكاة المتضمنة للإحسان إلى العبيد ، فكمل نفسه وكمل غيره خصوصاً أخص الناس عنده .
( وكان عند ربه مرضياً ) وذلك بسبب امتثاله لمراضي ربه واجتهاده فيما يرضيه ، ارتضاه الله وجعله من خواص عباده وأوليائه المقربين ، فرضي الله عنه ، ورضي هو عن ربه .
الفوائد :
1- الثناء العظيم على إسماعيل بهذه الصفات العالية :
صادق الوعد – وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة .
2- وجوب الوفاء بالوعد .
3- ذم إخلاف الوعد ، وقد اختلف العلماء في حكمه :
فقيل : مكروه ، وهذا قول الأكثر .
وقيل : محرم ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية لأدلة :
أولاً : أنه من علامات المنافقين .
كما في حديث أبي هريرة ( آية المنافق ثلاث : ... وإذا وعد أخلف .. ) متفق عليه .
ولقوله تعالى (كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ) .
وهذا القول هو الراجح .
4- أنه يجب على ولي الأمر أن يأمر أهله ( من زوجته وأولاده وغيرهم ) بالصلاة وطاعة ربه .
وقد قال  ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ) متفق عليه .
وقال  ( الله سائل كل راع هل حفظ أم ضيع ) .
5- أهمية الصلاة .
6- أهمية الزكاة حيث تأتي دائماً بعد الصلاة .
7- السعي في أن ينال الإنسان مرضاة الله .

( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً . وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً . أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً  ) .
---------
( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ ) أي واذكر يا محمد بالقرآن إدريس على وجه الثناء والتعظيم .
( إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً ) أي ملازماً للصدق في جميع أحواله .
قال السعدي : جمع الله له بين الصديقية الجامعة للتصديق التام والعلم الكامل ، واليقين الثابت ، والعمل الصالح ، وبين اصطفائه لوحيه واختياره لرسالته .
( وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً ) أي رفع الله ذكره في العالمين ، ومنزلته بين المقربين ، فكان عالي الذكر ، عالي المنزلة .
وقد جاء في الحديث ( أن النبي  مر به في الإسراء والمعراج وهو في السماء الرابعة ) .
( أُوْلَئِكَ ) يقول تعالى : هؤلاء النبيون ، وليس المراد المذكورين في هذه السورة فقط ، بل جنس الأنبياء عليهم السلام استطرد من ذكر الأشخاص إلى الجنس .
ومما يدل على أن المراد بهذه الآية جنس الأنبياء :
أنها كقوله تعالى في سورة الأنعام (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ . وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ . وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ . وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ . وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ . ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ..... إلى قوله :  أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ) .
وقوله تعالى ( منْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ) .
( الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ ) أنعم الله عليهم نعمة لا تلحق ، ومنّة لا تسبق ، من النبوة والرسالة ، وهم الذين أمرنا أن ندعو الله أن يهدنا صراط الذين أنعم عليهم ، وأن من أطاع الله كان ( مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ) .
وأن بعضهم :
( مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ ) أي من نسل آدم .
( وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ ) أي ومن ذرية من حملنا مع نوح كإبراهيم فإنه من ذرية سام بن نوح .
وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ ) كإسحاق ويعقوب وإسماعيل .
( وَإِسْرَائِيلَ ) أي ومن ذرية إسرئيل كموسى وهارون وزكريا ويحيي وعيسى ابن مريم .
( وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا ) أي ممن هديناهم للإيمان واصطفيناهم لرسالتنا ووحينا .
( إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن ) أي حالهم عند تلاوة كتاب الله ، المتضمنة للإخبار بالغيوب ، وصفات علام الغيوب ، والإخبار باليوم الآخر ، والوعد والوعيد .
( خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً ) أي خضعوا لآيات الله ، وخشعوا لها ، وأثرت في قلوبهم من الإيمان والرغبة والرهبة ، ما أوجب لهم البكاء والإنابة والسجود لربهم .
• البكاء من خشية الله من سمات الأنبياء ومن علامات السعداء :
قال تعالى ( ويخرون للأذقان يبكون ) .
وقال تعالى (أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ . وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ) .
وقد بكى  عندما قرأ عليه ابن مسعود آية من سورة النساء .
وكان عمر في وجهه خطان أسودان من البكاء .
وكان عثمان إذا ذكر القبر يبكي حتى تبتل لحيته .
وكان ابن عمر إذا قرأ (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ) بكى حتى يغلبه البكاء .
وبكى عمر بن عبد العزيز وعمره عشر سنوات .
وقد بين تعالى في مواضع أخر أن هذا أيضاً في المؤمنين .
كما قال تعالى (قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً) .
وقال تعالى (وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) .
وقال تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) .
قال السعدي : في إضافة الآيات إلى اسمه ( الرحمن ) دلالة على أن آياته من رحمته بعباده وإحسانه إليهم حيث هداهم بها إلى الحق ، وبصرهم من العمى ، وأنقذهم من الضلالة .
قال ابن كثير : أجمع العلماء على شرعية السجود ههنا اقتداء بهم واتباعاً لمنوالهم .
الفوائد :
1- الثناء على إدريس .
2- فضل منزلة الصدق .
3- أن أفضل النعم نعمة النبوة والإيمان .
4- من صفات الأنبياء والصالحين أنهم إذا سمعوا آيات الله تأثروا وبكوا خشية لله وخوفاً منه .
والبكاء من خشية الله له فضائل :
أولاً : أنه سبب للنجاة من النار .
قال رسول الله  : ( لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع ) . رواه الترمذي
وقال  : ( عينان لا تمسهما النار ، عين بكت من خشية الله ، وعين باتت تحرس في سبيل الله ) . رواه الترمذي
ثانياً : البكاء مع الذكر سبب لإظلال الله للعبد .
قال  : ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ) . متفق عليه
ثالثاً : أن البكاء من خشية الله سمة من سمات الصحابة ، ويدل لذلك :
حديث العرباض بن سارية قال : ( وعظنا رسول الله  موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون ... ) .رواه أبو داود
• أمثلة على بكاء الصحابة :
( ثبت في ترجمة عمر بن الخطاب أنه كان في وجهه خطان أسودان من البكاء ) .
( كان عثمان بن عفان إذا وقف على قبر يبكي حتى تبتل لحيته ، وكان يقول : سمعت النبي  يقول : ما رأيت منظراً قط إلا والقبر أفظع منه ) .
( ثبت عن ابن عمر أنه ما قرأ قول الله :  ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله  إلا بكى حتى يغلبه البكاء ) .
( وبكى سلمان الفارسي عند موته ، فقيل له ما يبكيك ؟ فقال : إن رسول الله  عهد إلي عهداً فما أراني إلا قد تعديته ، قيل : وما عهد إليك ؟ قال : عهد إلي أنه يكفي أحدكم مثل زاد الراكب ، ولا أراني إلا قد تعديت ، وقد قومت تركت سلمان فما بلغت أربعين درهماً ) .
1- ينبغي على المسلم أن يحرص أن يقتدي بأخلاق الأنبياء وأن يتشبه بهم .

( فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (59) إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئاً ) .
----------
لما ذكر تعالى حزب السعداء وهم الأنبياء عليهم السلام ومن اتبعهم من القائمين بحدود الله وأوامره ، المؤدين فرائض الله التاركين لزواجره ذكر أنه :
( فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ ) أي جاء بعد هؤلاء الأتقياء قوم أشقياء ، رجعوا إلى الوراء وبدلوا ما أمروا به ، فكان من صفاتهم القبيحة أنهم أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات .
• والمراد بهم هنا الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم من الكفار الذين خلفهم أنبياءهم وغيرهم ممن ضيع الصلاة .
ويدخل فيها كل من ضيع الصلاة لأن القاعدة ( أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ) .
(أَضَاعُوا الصَّلَاةَ ) اختلف العلماء في معنى إضاعتهم للصلاة :
فقيل : المراد بإضاعتها تأخيرها عن وقتها ، وهذا قول ابن مسعود ورجحه القرطبي .
وقيل : المراد بإضاعتها تركها ، واختاره ابن جرير .
ولا شك أن كل ذلك من إضاعة الوقت وإن كان بعضها أشد من بعض .
• في هذه الآية تهديد شديد لمن ضيع الصلاة ، وقد جاء التحذير في آيات أخر :
قال تعالى (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ . الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) .
وقال تعالى (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً) .
( وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ) أي اتبعوا كل مشتهى يشغل عن ذكر الله وعن الصلاة .
فلما ضيعوا الصلاة كانوا لغيرها أضيع ، فضيعوا أنفسهم باتباع شهواتها ، والإقبال على ذلك ، فأصبح همّ أحدهم شهوة بطنه وفرجه من غير سؤال حرام أو من حلال .
• وقد ذم الله من اتبع شهوته :
قال تعالى (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) .
وقال تعالى (كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ) .
( فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً ) اختلف في معنى غياً :
فقيل : خسراناً ، وقيل : وادٍ في جهنم بعيد القعر خبيث الطعم ، وجميعها صحيح ، والعرب تطلق الغي على كل شر .
ثم استثنى الله تعالى فقال :
( إِلَّا مَن تَابَ ) أي إلا من رجع عن ترك الصلوات واتباع الشهوات ، فإن الله يقبل توبته .
لكن بشروط التوبة المعروفة :
الندم ، والعزم على عدم العودة ، الإقلاع عن المعصية
( وَآمَنَ ) بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر .
( وَعَمِلَ صَالِحاً ) وهو العمل المخلص الذي على وفق الشرع .
( فَأُوْلَئِكَ ) الذين جمعوا بين التوبة والإيمان والعمل الصالح .
( يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ) تلك الدار المشتملة على كل نعيم ، وعلى العيش السليم ، وإلى جوار الرب الكريم .
فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر .
( وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئاً ) أي ولا يُنقصون من أجور أعمالهم شيئاً ، بل يعطون أجورهم كاملة وافية مضاعفة .
الفوائد :
1- ذم من جاء من بعد الرسل وبدلوا وغيروا .
2- تحريم إضاعة الصلاة سواء بتأخيرها عن وقتها أو بتركها .
3- أهمية الصلاة وأهمية المحافظة على وقتها .
4- ذم من يتبع شهوته .
5- إثبات العقاب يوم القيامة .
6- إثبات البعث والحساب .
7- كرم الله حيث يقبل توبة التائبين مهما عصوا وأجرموا .
فضائل التوبة :
أولاً : أن الله علق الفلاح بها .
قال تعالى ( وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ) .
ثانياً : أن الله أمر بها .
قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً ) .
ثالثاً : أن الله يحب التائب .
كما قال تعالى ( إن الله يحب التوابين ) .
رابعاً : سبب للرزق .
كما قال تعالى ( وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعاً حسناً إلى أجل مسمى ) .
وقال تعالى ( ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدراراً ويزدكم قوة إلى قوتكم ) .
خامساً : أن الله يفرح بتوبة عبده .
كما قال  ( قال تعالى : لله أشد فرحاً بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة ) متفق عليه .
سادساً : اجتناب سخط الله .
قال تعالى : (فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ . لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) .
سابعاً : أن التوبة يحتاجها كل أحد حتى الأنبياء .
قال موسى ( سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) .
وقال تعالى عن إبراهيم (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ) .
وقال أيضاً ( وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) .
وقال  ( يا أيها الناس ! توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب في اليوم مائة مرة ) رواه مسلم .
وقال أيضاً ( والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ) رواه البخاري .
8- أن الإيمان شرط لقبول العمل .
وقد جاء في الحديث ( أن عائشة سألت رسول الله  عن ابن جدعان ؟ فإنه كان يصل الرحم ويطعم المسكين هل ذلك نافعة ؟ قال : لا ، إنه لم يقل يوماً من الدهر رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين ) .
9- يجب على الإنسان أن يحرص أن يكون عمله صالحاً وذلك بأن يكون مخلصاً وعلى وفق الشرع .
10- إثبات الجنة .
11- ذكر سبب من أسباب دخول الجنة .
12- كمال عدل الله وأنه لا يظلم أحداً .
كما قال تعالى ( ولا يظلم ربك أحداً ) .

( جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً (61) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلَّا سَلَاماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً (62) تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً ) .
-------------------
( جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ ) يقول تعالى : الجنات التي يدخلها التائبون من ذنوبهم هي جنات عدن : أي إقامة.
( بِالْغَيْبِ ) أي هي من الغيب الذي يؤمنون به وما رأوه ، وذلك لشدة إيقانهم وقوة إيمانهم ، فكيف لو رأوه لكانوا أشد طلباً للجنة وأعظم رغبة , وأكثر سعياً .
ويحتمل أن المعنى : الذين عبدوه في حال غيبهم وعدم رؤيتهم إياه والأول أصح لقوله ( مأتياً ) .
• الرحمن : أضافها إلى اسمه الرحمن لثلاث فوائد :
أولاً : لأن فيها من الرحمة والإحسان ما لا يخطر ببال .
ثانياً : أن الله سماها رحمة فقال تعالى (وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) .
ثالثاً : أنها تنال برحمة الله كما في الحديث ( لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله ؟ قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل ) .
رابعاً : ويدل أيضاً على استمرار سرورها وأنها باقية ببقاء رحمة الله التي هي أثرها وموجبها .
• من أسماء الجنة عدن [ وسيأتي أسماؤها بالفوائد إن شاء الله ) .
( إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً ) أي لابد أن يأتوْن ما وعدوا به . لأن الله لا يخلف الميعاد .
كما قال تعالى (وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) .
وقال تعالى (كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً) .
وقال تعالى (قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيراً) .
( لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً ) أي هذه الجنات ليس فيها كلام ساقط تافه لا معنى له كما يوجد في الدنيا .
اللغو : هو فضول الكلام ، وما لا طائل تحته ، ويدخل فيه فحش الكلام وباطله .
كما قال تعالى (لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلَا تَأْثِيماً ) .
وقال تعالى (لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلَا كِذَّاباً ) .
ِ( إلَّا سَلَاماً ) هذا الاستثناء منقطع والمعنى ، لكن يسمعون فيها سلاماً .
يسلم بعضهم على بعض كما قال تعالى (تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ) .
وتسلم عليهم الملائكة كما قال تعالى ( وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ . سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) .
والرب يسلم عليهم كما قال تعالى (سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) .
فالجنة دار السلام فليس فيها إلا السلام التام من جميع الوجوه .
( وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً ) أي أرزاقهم من المآكل والمشارب وأنواع اللذات مستمرة حيثما طلبوا ، وفي أي وقت رغبوا ، ومن تمامها وحسنها أن تكون في أوقات معلومة بكرة وعشياً أي في مثل وقت البكرات ووقت العشيات .ليعظم وقعها ويتم نفعها .
• وهنا سؤال : المعروف أن الجنة كلها نور ليس فيها ليل ، فلماذا قال البكر والعشي ؟
قيل : أن المراد بالبكر والعشي قدر ذلك الزمن .
وقيل : أن العرب تعبر عن الدوام بالبكرة والعشي والمساء والصباح ، كما يقول الرجل : أنا عند فلان صباحاً ومساءً بكرة وعشياً . وهذا أرجح .
قال ابن كثير : لا أن هناك ليلاً ونهاراً ، ولكنهم في أوقات يتعاقبون يعرفون مضيها بأضواء وأنوار .
( تِلْكَ الْجَنَّةُ ) أي هذه الجنة التي وصفناها بهذه الأوصاف بهذه الصفات العظيمة ، هي :
( الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً ) هي التي نورثها المتقين ، ونجعلها منزلهم الدائم الذي لا يبغون عنه حولاً .
• قال بعض العلماء : إنما سموا متقين لأنهم اتقوا ما لا يتقى .
وقد بيّن الله هذا الأمر في آيات كثيرة .
كقوله تعالى (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (سورة آل عمران: 133)
وقوله تعالى (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ) .
• فيه فضل التقوى ( وسيأتي فضلها بالفوائد إن شاء الله ) .
الفوائد :
1- إثبات الجنة ونعيمها .
2- إثبات اسم من أسماء الجنة وهو عدن ، وللجنة أسماء :
أولاً : الجنة .
وهو الاسم العام المتناول لتلك الدار ، وما اشتملت عليه من أنواع النعيم واللذة والبهجة والسرور .
قال تعالى ( سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ) .
وقال تعالى (وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ) .
ثانياً : دار السلام .
فهي السالمة من كل بلية وآفة ومكروه .
قال تعالى ( لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُون ) .
وقال تعالى (وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) .
ثالثاً : دار الخلد .
وسميت بذلك لأن أهلها لا يظعنون عنها أبداً كما قال تعالى ( عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) .
وقال تعالى (قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاء ومصيراً ) .
رابعاً : دار المقامة .
لأنهم مقيمون بها أبداً ، لا يموتون ولا يتحولون منها أبداً .
قال تعالى حكاية عن أهلها (الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ ) .
خامساً : جنة المأوى .
قال تعالى (أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) .
وقال تعالى (فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ) .
سادساً : جنات عدن .
أي جنات إقامة ، يقال عَدَنَ بالمكان أي أقام به .
قال تعالى (جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً ) .
وقال تعالى ( وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) .
سابعاً : دار الحيوان .
أي هي الدار التي لا تنغيص فيها ولا نفاد ، ولا تفنى ولا تنقطع .
قال تعالى (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) .
ثامناً : الفردوس .
والفردوس : اسم من أسماء الجنة ومعناه : البستان الذي يجمع كل ما فيه البساتين  
قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً ) .
وقال تعالى (الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) .
3- فضل الإيمان بالغيب .
قال تعالى ( .. هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ) أي ما غاب من الجنة والنار والقبر والبعث وغيرها .
قال السعدي : وليس الشأن في الإيمان بالأشياء المشاهدة بالحس ، فإنه لا يتميز بها المسلم من الكافر ، إنما الشأن في الإيمان بالغيب ، الذي لم نره ولم نشاهده ، وإنما نؤمن به لخبر الله وخبر رسوله ، فهذا الإيمان الذي يميز به المسلم من الكافر ، لأنه تصديق مجرد لله ورسله ، فالمؤمن يؤمن بكل ما أخبر الله به ، أو أخبر به رسوله ، سواء شاهده أو لم يشاهده ، وساء فهمه وعقله أو لم يهتد إليه عقله وفهمه ، بخلاف الزنادقة والمكذبين بالأمور الغيبية .... ) .
4- أن وعد الله حق وصدق ولا يتخلف .
5- إثبات اسم الرحمن من أسماء الله .
6- أن الجنة ليس فيها كلام لاغ لا فائدة فيه .
7- فضل الكلام الطيب لأنه من نعيم الجنة .
8- أن رزق الجنة دائم .
9- فضل عبودية الله .
10- فضل التقوى وأن أهلها يرثون الجنة .
وللتقوى فضائل منها :
أولاً : أنها سبب لتيسير الأمور .
قال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) .
ثانياً : أنها سبب لإكرام الله .
قال تعالى : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) .
ثالثاً : العاقبة لأهل التقوى .
قال تعالى : ( وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) .
رابعاً : أنها سبب في دخول الجنة .
قال تعالى : (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ) .
خامساً : أنها سبب لتكفير السيئات .
قال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً) .
سادساً : أنها سبب لحصول البشرى لهم .
قال تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ . لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ) .
سابعاً : أنها سبب للفوز والهداية .
قال تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) .
ثامناً : أنها سبب للنجاة يوم القيامة .
قال تعالى : (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً) .
تاسعاً : أنها سبب لتفتيح البركات من السماء والأرض .
قال تعالى : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ) .
عاشراً : أنها سبب للخروج من المأزق .
قال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) .
الحادي عشر : أنها سبب لمحبة الله .
قال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) .
11- الحث على التقوى والحرص عليها .

( وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً (64) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً ) .
----------
( وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ ) روى البخاري عن ابن عباس قال : قال رسول الله  لجبريل ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا ؟ فنزلت : ( وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ ).
أي ليس لنا من الأمر شيء ، إنْ أُمرنا ابتدرنا أمره ، ولم نعص أمره كما قال الله تعالى ( لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) .
فنحن عبيد مأمورون .
( لهُ ) أي لله .
( مَا بَيْنَ أَيْدِينَا ) أي ما يستقبل من أمر الآخرة .
( وَمَا خَلْفَنَا ) أي ما مضى من الدنيا .
( وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ ) أي ما بين الدنيا والآخرة . وهذا اختيار ابن جرير رحمه الله .
( وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً ) أي لم يكن ربك لينساك ويهملك ، كما قال تعالى (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى) .
( رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ) أي خالقهما وخالق ما بينهما ، ومالكهما ومالك ما بينهما ، والمدبر  لا معقب لحكمه ومن كان هكذا فالنسيان محال عليه .
( فَاعْبُدْهُ ) أي قم بعبادته لأنه مستحق للعبادة .
( وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ) أي اصبر نفسك عليها ، وجاهدها ، وقم عليها أتم القيام وأكمله بحسب قدرتك .
• اصطبر أصلها في اللغة : اصتبر ، فأبدلت التاء طاء لعلة تصريفية .
اصطبر أبلغ من اصبر ، لأنها تدل على معاناة ، فالمعنى اصبر وإن شق عليك ذلك .
( هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً ) الاستفهام للنفي ؟ أي هل تعلم لله شبيهاً ونظيراً وسمياً ؟ الجواب : لا ، فإذا كان كذلك فالواجب أن تعبده وحده .
• فيها نفي صفة السمي .
الفوائد :
1- إثبات علو الله لقوله ( وما نتنزل .. ) والنزول يكون من علو .
2- أن الملائكة عبيد مربوبون لله خلقوا لعبادة الله .
3- أن جميع الأمور بيد الله .
4- فضل محبة الصالحين .
5- استحباب دعوة أهل الخير والعلم والفضل إلى منزل الشخص .
وقد دعاء عتبان النبي   إلى منزلة .
6- فضل مجالسة الصالحين .
7- وجوب رد كل أمر لا يعلمه الإنسان إلى الله .
8- أن الملائكة بالسماء .
9- عموم ملك الله .
10- تعظيم الله ومراقبته .
11- عموم علم الله لكل شيء .
فالله يعلم الماضي والمستقبل ، والجزئيات والكليات ، والسر وأخفى ، لا يخفى عليه شيء .

المصدر : الشيخ اللهيميد
طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى