مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

* بداية الوعي والرهان الصليبي.

اذهب الى الأسفل

* بداية الوعي والرهان الصليبي. Empty * بداية الوعي والرهان الصليبي.

مُساهمة  طارق فتحي الجمعة يناير 07, 2011 6:30 pm

بداية الوعي والرهان الصليبي
مُساهمة  طارق فتحي في الجمعة 28 يناير 2011 - 23:42
اعداد : طارق فتحي
سابعا - لقد ساهمت الحرب الشرسة التي يشنها العدو الصليبي بزعامة أمريكا على الأمة الإسلامية في إيقاظ وعيها بحقيقة الحرب الدائرة، وأبعادها العقدية والسياسية والعسكرية والاقتصادية، أي أنها حرب حضارية تستهدف الأرض والإنسان، والقضاء على كل مسلم، ونهب خيرات البلاد الإسلامية، مما جعلها تستشعر جدية الخطر، ووحدة القضايا المصيرية وأيضا وجودها.
هذا الإحساس بالخطر المشترك دفعها إلى البحث عن هويتها الإسلامية التي افتقدتها منذ زمن بعيد، وإحياء لمجموعة من المفردات الإسلامية الغائبة عن واقعنا (التوحيد، الولاء والبراء، الجهاد...)، وكذلك إزالة حاجز الخوف الوهمي (لأن الله هو الرزاق والضار والنافع...) الذي كان مسيطرا عليه، وخرافة الدولة العظمى التي أسقطها المجاهدون بغزوتي نيويورك وواشنطن، والإدراك الجيد لضرورة المرحلة وأولويات العمل.
لكن يجب على العلماء والمفكرين والسياسيين أن يرابطوا على الجبهة العقدية والفكرية والنفسية، وأن يسعوا بكل ما في وسعهم لتحصين الأمة من خطرين راهن عليهما العدو الصليبي في الماضي القريب (الحرب الخليج الثانية، فلسطين...)، ويراهن عليهما الآن في حربه للمسلمين، وهما:
- أنه يراهن على نسيان الأمة السريع/ذاكرتها الضعيفة، وقلة صبرها وتحملها للمعارك والأعمال التي تتطلب نفسا طويلا، أي عدم قدرتها على مواصلة المعركة على المدى المتوسط والبعيد، كما وقع لها في الحرب الصليبية على العراق، وأيضا ما يقع في فلسطين والشيشان وأفغانستان...، وذلك لأنها عاطفية تتحمس وتنطفئ بسرعة، وتفتقد للقناعة العقائدية والسياسية.
- كما يراهن على المفاهيم العلمانية/المعتقدات الجديدة (حرية التدين، الحوار، التسامح، السلام...)، التي يتم توظيفها من أجل هدف استراتيجي يسمح له باختراق البلدان الإسلامية، وتدجين المسلمين، وتمزيق المجتمع، وتشتيت قوته، وتأمين مصالحه وتواجده...
إن هذا السلاح طبق مع الخلافة العثمانية، بل كان أداة فاعلة في الضغط عليها من أجل الخضوع لمصالحه، ويطبق الآن في البلاد الإسلامية تحت عناوين مختلفة (الديمقراطية، حقوق الإنسان، حقوق الأقليات...)، والمؤسف أن بعض المسلمين انطلت عليهم الخدعة، واستسلموا لها حتى لا ينعتوا بالتطرف والإرهاب.
ثامنا - مصر والقاعدة الخلفية لتحرير القدس/فلسطين:
إن مصر كانت تاريخيا بمثابة القاعدة الخلفية بالنسبة للمسلمين وأيضا للصليبيين، ومؤشر قوي على ميزان القوى والاتجاه المستقبلي للصراع، مما جعل العدو الصليبي يستهدفها دائما في حملاته وأيضا المسلمين.
وعليه، فإنها تعتبر منطقة استراتيجية ومركزية في نصرة/تحرير قضايا الأمة عموما وفلسطين بشكل خاص، أي كل من يسيطر عليها يكون قريبا من استكمال حلقات مشروعه.
انطلاقا من هذه الحقيقة التاريخية، والوعي أيضا بموقعها الإقليمي والعالمي، قام العدو الصليبي/الأمريكي بتحييدها في البداية من معادلة الصراع عبر اتفاقية "كامب ديفيد" مع بنته المذللة/آل صهيون، والمساعدات/الرشاوى، ليتم في نهاية المطاف توظيفها لحساب الهيمنة الصليبية والصهيونية كما هو حاصل الآن.
كما يدخل في هذا الإطار احتضانها مؤخرا لحماس والسلطة وباقي الفصائل، وإشرافها المباشر على الحوار من خلال مدير مخابراتها (عمر سليمان)، مما يطرح أكثر من استفهام حول مدى إدراك حماس لخطورة ما يدور حولها، إذ كيف يجتمع رجل سياسي من حماس مع رئيس المخابرات؟
إن النظام المصري والسلطة الفلسطينية منسجمان مع خطهما السياسي، أما حماس والجهاد فلا ندري ماذا وقع لهما.
لذا، فإننا نحذر حماس والجهاد من عاقبة مثل تلك اللقاءات/الفخاخ المشبوهة، التي لن تخدم القضية الفلسطينية بأي من الأحوال، حيث لن تجدي الكلمات الرنانة والتصريحات العنترية التي نسمعها في الفضائيات.
ولإحكام قبضته على مصر طرحت مسألة الأقباط كورقة سياسية ناجحة في الضغط والترويض والتطويع، والتي اتخذت شكلين:
أ - أقباط المهجر:
الذين يعبرون بشكل واضح عن طبيعة مواقفهم وحقيقة أهدافهم، وخلفية العدو من تحريك ملفهم، من خلال جريدة صوت الأقباط التي تقول:" إنه علينا أن نعمل بكل جهدنا وطاقتنا وأموالنا وذكائنا، وأن نطرد الشر ونقاوم كل سهامه الشريرة، وأن نستأصل الاستعمار الإسلامي من جذوره في مصر"
ب - أقباط الداخل:
الذين يمهدون عمليا وبشكل تدريجي للمشروع الصليبي، ويمكن ملامسة ذلك في الحقائق التالية:
- تعيين قبطي "يوسف بطرس غالي" لأول مرة في وزارة الاقتصاد التي تعتبر من وزارات السيادة.
- تدشين أول قناة فضائية قبطية تسمى "سيفن سات"، أي امتلاك لأدوات الإعلام.
- تعديل مناهج التعليم عن طريق مركز ابن خلدون "التجسسي"، لتمكين المصري من معرفة تاريخ الأقباط المجهول، وهذا طبعا تحت عنوان: "نحو حساسية أكبر لهموم الأقباط".
- رد الأوقاف القبطية وتفويض أمرها لهم.
- أصبح القبطي مواطن رقم واحد في البلد الإسلامي مثل الصهيوني، يتمتع بامتيازات خاصة، حيث أصبحت الدولة العميلة تملك حساسية خاصة اتجاهه مخافة الغضب/الرشاوى الأمريكي.
تاسعا - تحرير الجزيرة العربية مقدمة ضرورية لتحرير الأمة:
إن الجزيرة العربية تعتبر بمثابة العاصمة الدينية والروحية والعلمية للمسلمين، ورمز وحدتهم أيضا، حيث شهدت ميلاد رسولنا العظيم عليه أفضل الصلاة والسلام، وإقامة الدولة الإسلامية تحت قيادته، والمكان الذي انطلق منه نور الإسلام ورحمته، وكذلك استقبالها لملايين الحجاج من كل بقاع الأرض في مؤتمرها السنوي/الحج، والعمرة في رمضان الكريم، فضلا عن تواجد خيرة العلماء، وامتلاكها لسلاح النفط...
نظرا لمكانتها الدينية وموقعها الاستراتيجي في المشروع الإسلامي، فلقد أدرك العدو الصليبي من خلال التاريخ (الحروب الصليبية) والواقع (صراعه مع المجاهدين) ارتباط الإسلام /دينا والجزيرة العربية/مكانا والمسلمين/عالميا، مما جعله يستهدفها في مشروعه الصليبي الجديد كما صرح بذلك: "لن يتوقف جهودنا وسعينا في تنصير المسلمين حتى يرتفع الصليب في سماء مكة، ويقام قداس الأحد في المدينة".
ولإحكام السيطرة عليها تم التركيز في عملهم الصليبي على اليمن (جنوب الجزيرة) باعتباره البوابة الرئيسية المطلة على المحيط الهندي، حيث اجتمعت فيه كل المصالح الدينية والسياسية والاقتصادية، والعمق الاجتماعي والاستراتيجي لها.
إزاء هذا الهدف، اتبع العدو الصليبي الإستراتيجية التالية في اليمن:
أ - التنصير:
وذلك باستغلال ثالوث "الجهل والفقر والمرض"، والمؤسف أن بعض الجهات النافذة تساعده في ذلك.
ب - الحرب:
وذلك باغتيال المجاهدين، والمؤسف أن النظام الرسمي متحالف معهم، وكذلك الصمت المطبق لبعض الحركات السياسية...
ج - الحوار:
أو الخداع الاستراتيجي والسلاح التمويهي للحركة الصليبية، وذلك بعقد المؤتمرات والندوات تدعو إلى حوار الأديان والتقارب، والتنديد بالإرهاب/الإسلام، لكن المؤسف نجد المؤسسات الدينية الرسمية متعاونة معهم، بل وصلت بهم الوقاحة إلى تقديم الإسلام كقربان للعدو الصليبي، من خلال تطويع المسلمين وتدجينهم لفتح المجال أوسع للزحف الصليبي.
وعليه، فإن ما قام به المجاهد اليمني باغتياله للأطباء الأمريكيين، يعتبر دفاعا شرعيا وسياسيا عن اليمن والجزيرة العربية، وينم عن وعي شرعي وسياسي واستراتيجي عميق، والذي يستوجب التكريم والتشجيع، وليس الإدانة والشجب كما فعل المرتزقة والعملاء وبعض الجهلة والسذج.
عاشرا - الحركة الجهادية وأمل الأمة في التحرير:
ما أشبه اليوم بالبارحة وكأن التاريخ يعيد نفسه، حيث نفس الأوضاع العسكرية والسياسية التي عاشها أجدادنا في الحروب الصليبية، من عجز الحكام (مع اختلاف في التوصيف الشرعي)، وتعدد الكيانات الصغيرة/الدولة القطرية، واختلاف المصالح والولاءات (وصلت إلى حد تشابه موقف الدولة الفاطمية "الشيعية" بموقف الدولة الإيرانية "الشيعية"، فالأولى حاولت الاتفاق مع عدو الأمس ضد المسلمين "السنة" من أجل اقتسام الأرض والنفوذ، والثانية/إيران تحالفت مع عدو اليوم/بوش ضد حركة طالبان "السنية"، وهذا ما تقوم به الآن ضد العراق من أجل مصالحها)، وكذلك استياء الناس من الحكام وبغضهم الشديد للعدو الصليبي، وبداية نهوض بعض العلماء بواجب التحريض والتعبئة، ومبادرة الحركات الجهادية...
إن الحركات الجهادية هي الامتداد الشرعي والسياسي للجيش الإسلامي الغائب، الذي يعتبر من أوجب الواجبات لأن الأمة تؤثم إن لم تقم بإفرازه، وأن مهمته هي الجهاد في سبيل الله، والدفاع عن دين الأمة وكرامتها، وحمايتها من أي خطر قد تتعرض له في مشارق الأرض ومغاربها، وليس كما تفعل الجيوش النظامية التي تحمي العدو وتقمع الأمة، وأن القيادات الجهادية هي البديل الصحيح للحكام/المرتزقة، وأن العلماء الصادقين هم أهل الحل والعقد "المفتقد"، وأن الأمة هي الجيش الاحتياطي الذي يجب تجنيد كل القادرين فيها، والجهاد هو الإستراتيجية الصحيحة التي تنسجم مع المرحلة التي نعيشها، وأن عنوان المعركة/البرنامج المرحلي مواجهة الصليبيين وتحرير الأمة...، وهذا ليس عملا مبتدعا، بل ما يجب القيام به بدل التفرج والتباكي والتسول، أو الجدال الفارغ الذي يضر ويصب في مصلحة العدو.
وعليه، يجب إعادة صياغة بنية الأمة عقديا ونفسيا وفكريا وسياسيا واقتصاديا، على أساس أن الحرب من حقائق الحياة في هذا العصر وفي كل عصر، وإيجاد نظام إسلامي عالمي قادر على تعبئة الأمة وتجنيدها، والاستعداد الدائم للقتال والضرب بأيادي من حديد، ووضع كل الإمكانيات المادية والمعنوية من أجل الحركة الجهادية.
إن العدو يحاول أن يملأ الفراغ السياسي والعسكري خشية الحركة الجهادية، التي تنافسه وتشكل خطرا حقيقيا عليه، لأنها أكثر حيوية وأشد تصميما على مواجهة العدو الصليبي وتدميره بإذن الله تعالى، لذا فهو يسابق الزمن سواء في العراق أو أفغانستان...، كما فعل في الماضي القريب بالنسبة لفلسطين عندما كانت المؤشرات توحي بأن المنطقة مقبلة على فراغ سياسي وعسكري.
وفي هذا الإطار يعتبر الإمام ابن لادن القائد العام والشرعي للمجاهدين خاصة والمسلمين عموما، شأنه شأن القائد عماد الدين زنكي والإمام صلاح الدين الأيوبي، لأنه وضع كل ما يملك في سبيل جهاد الصليبيين وتحرير أراضي المسلمين، بل وكان سابقا في الوعي بالحركة الصليبية عكس الغوغائيين، ويملك أيضا استشرافا مستقبليا، فضلا عن تجاوزه للحكام/المرتزقة الجبناء الذين باعوا الدين والأرض، والحركة الجهادية هي الممثل الحقيقي للأمة كما كانت زمن الحروب الصليبية الأولى، لأنها تعبر عن نبضه وهمومه والشعارات التي ترفع في المسيرات خير دليل، وكذلك حديث الناس فيما بينهم بخصوص الأوضاع السياسية والعسكرية والاقتصادية، التي يستوجب دعمها والوقوف بجانبها ونصرتها بكل الوسائل، إنها معركة التوحيد والتحرير والكرامة والولاء والبراء، وكل من تخاذل سيدفع الثمن غاليا في الدنيا والآخرة، بل إنه يدفعه كل يوم تأخر فيه عن الالتحاق بالمسيرة الجهادية التحريرية.
وعليه، يعتبر المجاهدون في كل من الشيشان وفلسطين وأفغانستان والفلبين والجزائر واليمن وكشمير والبوسنة... النواة الصلبة للجيش الإسلامي القادم بإذن الله تعالى، الذي يستوجب على الأمة بأسرها الالتفاف حوله ومده بكل ما يحتاجه، أي أن تضع كل إمكانياتها المادية والبشرية رهن إشارته، لأنه ملك للأمة وللمشروع الإسلامي التحرري، وأن يقوم العلماء الصادقون بدورهم التحريضي والتربوي، وتفعيل المفاهيم الإسلامية (التوحيد، الولاء والبراء، والجهاد...) التي تحصن الأمة من التدجين والتطويع، وتحررها من العجز والضعف، وتدفعها لتتفاعل بكل قواها الكامنة، وتوحيدها لتكون أكثر فاعلية وحضور في خضم الأحداث/الصراع الجارية، لأنهم ورثة الأنبياء، وممثلو هذا الدين في الواقع، وفي المقابل شن الحرب على كل من يحاول التآمر على المجاهدين.
كما يجب على الوعاظ في عيد المسلمين/الجمعة أن يتناولوا قضايا الساعة، واحتياجات البلاد، ويتحدثوا عن مخططات الأعداء بأبعادها العقدية والسياسية والاجتماعية والحضارية، وأن يفضحوا الخونة والمرتزقة لأن خيانتهم عقدية وسياسية وحضارية، ويربطوا الأمة بالمجاهدين الأحرار.
إحدى عشر - الخاتمة:
حاولنا في هذا المقال أن نسلط بعض الأضواء على الحركة الصليبية في الماضي والحاضر، على أمل أن يكون ذلك حافزا للأمة، لكي تعود إلى دينها وتاريخها، وتتحرر من غسيل الدماغ والوجدان الذي تعرضت له من طرف العدو، فتتعرف على ممثليها الحقيقيين وأيضا على أعدائها، لتقرر في النهاية مواصلة المسيرة التي بدأها أجدادها، لتكون بحق امتدادا صحيحا لحركة الأنبياء وعلى رأسهم رسولنا العظيم عليه أفضل الصلاة والسلام.
ولتتعرف على الأسباب التي شجعت العدو على غزونا، وكيف تمت مواجهته وهزيمته، فضلا عن عدائه العقدي لنا، وطبيعة مشروعه الاستيطاني.
إن الأمة تمر من منعطف تاريخي خطير، فهي وكما يعلم الجميع مستهدفة في دينها وعرضها وأرضها، ودلائل ذلك نعيشها في كل البلاد العربية والإسلامية، لذا فعليها أن تختار مصيرها، إما أن تنهض وتجاهد العدو وتنال إحدى الحسنيين "النصر أو الشهادة"، فتغسل العار الذي أصابها، وتكتب تاريخها من جديد كما فعل المجاهدون الأولون، فيكون مصدر عز وكرامة لأبنائنا، أو تتجرع الذل والاستعباد والخضوع للعدو الصليبي، فتضيف صفحة سوداء في تاريخها، تجعل أبنائنا وأحفادنا يدفعون ثمنا مضاعفا كما يقع لنا الآن بسبب تقاعس أجدادنا، فنكون مصدر خجل وحياء لهم، فلا نستحق ترحمهم علينا.
وبالمناسبة ندعو كل المخلصين الذين يتواجدون ضمن الأنظمة العربية العميلة سواء في مصر أو السعودية أو سوريا واليمن...، أن يساعدوا المجاهدين بكل ما يستطيعون، وأن يوظفوا مواقعهم (السياسية والاجتماعية والأمنية والعسكرية...) في خدمة قضايا الأمة، وذلك بمساعدة المجاهدين ونصرتهم، لأن تبرير تقاعسهم غير مقبول في هذه المرحلة العصيبة التي تمر منها الأمة.•
وقفات تربوية
مع الحرب الصليبية الجديدة
أبو سعد العاملي
الحمد لله رب العالمين الذي جعل هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس وشاهدة على باقي الأمم، وجعل فيها من يحمل راية الحق إلى يوم الدين، رغم كيد الكائدين، القائل {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا}(البقرة: 217)، والصلاة والسلام على رسوله الأمي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.
لقد كتب الله على هذه الأمة أن تكون شاهدة على الأمم وخاتمة للرسالات السماوية، ومن تبعات هذه المهمة العظمى أن تلقى العنت والتكذيب بل وتواجه بالكيد والمكر والمحاربة من قبل أعدائها، وفي مقدمتهم رأس الحربة "التحالف الصليبي اليهودي"، {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا}(المائدة: 82).
ولقد عرفت هذه الأمة هجمات عديدة من قبل هؤلاء الأعداء، على مر العصور، أو مِنْ قِبَلِ مَن ألَّبه هؤلاء، فكانت الحرب بيننا وبينهم سجال، يوم لنا ويوم علينا، تكونت من حلقات وجولات عديدة، ما زالت رحاها تدور إلى اليوم، وقد استطاعت هذه الأمة أن تقاوم هذه المكائد كلها وتواصل سيرها في أداء رسالتها وترفع الحصار المضروب عليها لخنقها وتكبيلها عن أداء هذه الأمانة الكبرى، أمانة الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن أجل هذا فقط تكالبت أحزاب الكفر والنفاق وتحالفت لضرب كيان هذه الأمة وزعزعة صرحها، {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[البروج: 8].
أولاً: معالم هذه الحرب الصليبية
1 - شاملة في شكلها
حيث أنها تشمل جميع المجالات بدون استثناء، ففي المجال السياسي، نصَّب الأعداء عملاءهم من الحكام المرتدين على مناصب الحكم في بلداننا، وذلك غداة انتهاء مدة احتلالهم لكل البلاد الإسلامية، فأرادوا أن يضمنوا استمرارية هذا الاحتلال بأقل الخسائر الممكنة، ولكونهم أدركوا أهمية الحكم ومدى تأثيره على باقي الميادين الحيوية. ولا زالوا يقفون إلى جانب هذه الأنظمة بالتأييد والتوجيه في كل حين.
أما اقتصادياً فلا يخفى على كل عاقل الحضور الكبير والواسع لمؤسسات العدو الاقتصادية في بلداننا، ومدى تأثيرها على مجريات اقتصادنا، خاصة وأنهم قد وجدوا أنظمة سياسية تفتح لهم الأبواب على مصراعيها وتسهل لهم كل الإجراءات القانونية للسيطرة على ثروات البلاد وخيراتها المادية والبشرية، هذا من الداخل، أما من الخارج فلا زالت صادرات العدو تستحوذ على أسواقنا وتلقى الرواج الكبير بالرغم من وجود بضائع محلية منافسة لها في الجودة والسعر، إلا أن الأنظمة الحاكمة تفرض قيوداً وشروطاً عديدة وتعجيزية على الشركات المحلية لتظل الشركات الصليبية واليهودية هي المسيطرة في الساحة، أحب من أحب وكره من كره.
أما ثقافياً فلا زلنا نرزح تحت الغزو الصليبي - يهودي، وذلك عبر تدفق القنوات الفضائية المتعددة، التي تلقى الرواج بين أبناء الأمة في السر والعلن، وما زالت برامجنا الدراسية والتربوية مستوحاة من هؤلاء الأعداء، فنشأت بذلك أجيال خنوعة فاقدة لتراثها ودينها وهويتها، تتخذ من هذا الغرب المثل الأعلى في كل شيء، بدءاً بطريقة اللباس وانتهاء بطريقة التفكير.
أما من الناحية العسكرية، فهناك ارتباط وثيق بالصليبيين وتبعية عمياء لمؤسساتهم العسكرية، حيث أن جيوشنا تبقى مكتوفة ومشلولة في خوض أي صراع حتى تحصل على الضوء الأخضر من الخبراء العسكريين الصليبيين أو اليهود، بل إن القرارات الحاسمة والمصيرية في حروبنا (ضد بعضنا البعض أو في تدخلات جيوشنا المكبلة في مواجهة الشعوب الغاضبة) تُتخذ وتُدبَّر بليل في غرف عمليات الأعداء، بالمزيد من القمع والاضطهاد لهذه الشعوب. كما أن أسلحتنا هي الأخرى تبقى سجينة في الثكنات، تكدّس لسنوات حتى يعتريها الصدأ، أو نحصل على فتاتهم وأحط الأنواع وأقلها كفاءة بأغلى الأسعار وأعلى التكاليف.
هذه هي بعض الميادين التي تظهر فيها سيطرة العدو علينا، وتبين بالتالي شمولية هذه الحرب الصليبية الجديدة.
2 - شرسة في مضمونها
حينما تكون الأمة منصاعة للأعداء، مؤتمرة بأوامرهم ومنتهية عن نواهيهم، يكون هناك الرضا والود التامين من قبلهم {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}(البقرة: 120)، ذلك ما كنا نلحظه في العقود السابقة، حيث كان يبدو لنا هذا العدو حميماً ووديعاً (شعوباً وحكومات)، وكان الكثير منا يعتبره قدوة ومثلاً أعلى في الأخلاق والتعامل، لكن وجهاً قبيحا وخبيثاً كان يتوارى وراء هذه الهالة المزيفة، وبمجرد أن بدأنا نعصي أوامره ونحاول أن نفكر بعقولنا ونحدد مصائرنا بأيدينا ونعود إلى ديننا، بدأ يظهر هذا الوجه الحقيقي، وبرزت مخالبه ليعيدنا إلى حظيرة عبوديته وتبعيته، نبقى دوماً في موقف المنتظر لرحمته وعفوه وكرمه، وحينما قررنا الكفر به وبقوانينه، وبدأنا العزم في الإعداد لمقاومته ومحاولة طرده من أراضينا ومحاولة استرجاع حقوقنا والدفاع عن ديننا، رأينا ردود فعله شرسة إلى أقصى حد، ولم يستطع أن يصبر على تضييع هذه المكاسب، فبادر إلى استعمال كل أساليب البطش والمكر والتنكيل المتوفرة لديه {كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} (التوبة: Cool.
خاصة بعدما قامت إمارة الإسلام في أفغانستان، وتحدَّت معالم الكفر وتعاليمه، رأينا كيف ساهم الصليبيون واليهود في ضرب هذه الإمارة الفتية بكل قوة وهمجية، يقودهم فرعون العصر "أمريكا"، وكيف نكلوا بالمجاهدين وأنصارهم في عقر ديار هذه الإمارة وفي عقر ديار هؤلاء الأنصار، وبعدها سارعوا إلى ضرب حصار محكم ومتواصل على المجاهدين في كل مكان، ثم سجنوا من سقط في أيديهم بغير تهمة سوى الانتماء إلى معسكر الإيمان (الذي سموه بالإرهاب)، فلقي المؤمنون على أيدي هؤلاء الصليبيين وأحلافهم اليهود في فلسطين وفي كل بلاد الصليب أشد أنواع التعذيب والتنكيل، أمثال ما يلقاه المجاهدون في بلدانهم الأصلية على أيدي الأنظمة المرتدة. واختفت كل الشعارات الزائفة المتعلقة بما سمَّوه "بحقوق الإنسان"،كما خفتت أصوات كل المنظمات الحقوقية التي تدافع عن حقوق إنسانهم وغضت الطرف عما يعانيه مجاهدونا وأطفالنا ونسائنا وشيوخنا من تعذيب وتشريد وتقتيل وكأننا – في نظرهم - جراثيم ينبغي أن تزول من الوجود.
من يطّلع على حالة الحقد الدفين الذي يكنونه لنا، يدرك حقيقتهم، ويدرك بالتالي كم كنا مغبونين ومخدوعين في هؤلاء الكفار، {يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ}.
ألم نر آلاف الأطنان من القنابل المحرمة (وفيها اليورانيوم المنضب) التي سقطت على بلاد الرافدين منذ عقد من الزمن – ولا تزال - ثم على الإمارة الإسلامية مؤخراً، ولا زالت الأرض والإنسان والنبات والحيوان يعانون من نتائج هذا القصف العشوائي المشين والبغيض؟!
ألم نر الدعم اللامحدود – سياسياً وعسكرياً واقتصادياً- الذي يقدمه هذا الغرب الصليبي الحاقد للكيان الصهيوني في فلسطين، ليدمّر كل ما له علاقة بالتواجد الإسلامي على هذه الأرض المباركة؟! ولا زالت هذه الجرائم تُرتكب هناك على مرأى ومسمع من العالم، بل وبمباركة من هذا العالم الصليبي البغيض {كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً}.
3 - تجميع للأحزاب
من أهم سمات هذه الحرب أنها جمعت كل الأطراف المعادية للحق في جبهة واحدة، بالرغم من الاختلاف الظاهر بينهم في المناهج السياسية، إلا أنهم أبوا إلا أن يجمعوا كيدهم ويأتونا صفاً واحداً من كل حدب وصوب، ليرموننا عن قوس واحدة، وكأن التاريخ يعيد نفسه ليتكرر يوم الأحزاب بقيادة أمريكا، وقد استطاع المجاهدون بقيادة "تنظيم قاعدة الجهاد " أن يحفروا خنادق عديدة، ليحتموا من هجمات هذه الأحزاب، وسلموا من بطشهم وضرباتهم العشوائية، وهاهم اليوم يتواجدون في موقع المهاجم، وتنقلب الصورة، لنجد هذه الأحزاب في موقع المدافع، وفي موقع الخائف الوجل الذي يترقب الضربة في كل لحظة، ويترقب الموت في كل مكان.
إن الأحزاب قد اجتمعت على صعيد واحد، وتناست كل خلافاتها لتحاربنا كافة، وتحقق قول الله تعالى {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} (التوبة: 36)، ولم يعد هناك ما يخفيه هؤلاء من إعلان العداء لنا وجمع للصفوف وتكاثف للجهود – سياسياً وعسكرياً -، وتحدوا كل أعرافهم وقوانينهم في احترام المواثيق والعهود مع المسلمين، وضحوا بالكثير من المصالح المادية الآنية مقابل القضاء على الخطر الإسلامي لكي يضمنوا المصالح الآجلة. لقد تحقق قول رسول الله : "الكفر ملة واحدة"، فمهما تعددت ألوان هذا الكفر واختلفت وجهاته السياسية، فإنه في الأخير يبقى كياناً واحداً لونه الطاغي هو الكفر والباطل في مواجهة الإسلام والحق.
4 - خبيثة في أهدافها
لم تعد أهداف هذا التحالف الصليبي اليهودي مجرد أهداف اقتصادية أو سياسية فحسب، هذا على الأقل ما كان يبدو لنا في العقود السابقة، وفيما عُرف بمرحلة الاحتلال لبلداننا الإسلامية، بل تعدّتها إلى أهداف أخرى خفية، بدأت تنجلي خلال هذه الحرب الأخيرة، موافقة لقول الله عز وجل {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} (البقرة: 217)، وقوله سبحانه {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً}(النساء: 89). وأكبر دليل على هذا هو مبادرتهم العاجلة وحرصهم المستميت على ضرب الإمارة الإسلامية وإبادة معالمها وأسسها وعزلها عن أنصارها، بالرغم من أن هذه الإمارة لم تبد أي نية في مهاجمتهم أو بدئهم بالحرب، وكانت جل أطوار هذه الحرب هجومية {ألا تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَأُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (التوبة: 13).
فكما هو معلوم أن كل بلداننا محتلة - من إخمصها إلى قدميها – من قبل التحالف الصليبي اليهودي، وكل الأهداف المادية التي كانوا يحلمون بها قد نالوها وزيادة، ولكن لن يشبعوا ولن يوقفوا حملتهم الشرسة هذه إلا بتحقيق أكبر وأخبث الأهداف على الإطلاق {حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا}(البقرة 217).
ومن أجل تحقيق ذلك جندوا جيوشاً جرارة من العسكر والقساوسة والمثقفين، وأرسلوهم إلى بلداننا لتنخر فيها كما ينخر السوس في الخشب، تحت غطاءات ناعمة وخادعة، وكل هذا من أجل إخراج العباد من عبادة الله وحده إلى عبادة أوثانهم ومذاهبهم وأهوائهم.
5 - طويلة في أجلها
هي حرب طويلة في أجلها ومدتها {وَلاَ يَزَالوُنَ يُقَاتِلُونَكُمْ}، وقد تعلمنا من تاريخ الصراع الدائر بيننا وبينهم أن أعداءنا لا يفترون عن قتالنا ومحاربة إطفاء نور الله في الأرض {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (الصف: Cool، خاصة وأن طبيعة المعركة هي معركة وجود بين الحق والباطل، إذ لا يمكن أن يتعايشا جنباً إلى جنب.
كما أن لهذه الحرب حلقات متعددة، قد تهدأ لبعض الوقت لكنها لا تنقضي حتى يتم القضاء على الطرف المقابل بصفة نهائية. وبين هذه الحلقات فترات ترصُّد وإعداد لا تقل أهمية وحماسة من فترة الحرب نفسها. والعدو شأنه شأن إبليس، لا يفتر ولا يمل ولا ييئس في حربه لأصحاب الحق، وهو لا يخفي هذه النية ويعلنها صراحة ودون تلميح بأن الحرب ستكون طويلة الأمد حتى يتم القضاء نهائياً على الإرهاب وجذوره وروافده.
ونحن نعتقد أنه لن يغير من هذه الاستراتيجية قيد أنملة، حيث يحس بالخطر يداهمه من كل جانب وفي كل لحظة، ويعمل بالقاعدة المعروفة: "خير وسيلة للدفاع الهجوم"، ولكننا على يقين بأنه لن يستطيع فتح جبهات عديدة في نفس الوقت، ولن تكون لديه القدرة على تحمل تبعات هذه الحرب أطول مما يخطط ويحاول أن يوحي لنا.
ستكون حرباً طويلة الأمد على جميع الجبهات، ولا ينبغي التفكير في عكس هذا، حتى لا نتقاعس، بل يجب أن نعد للأمر عدته ونكون في مستوى الصراع، ولا ننخدع بشعارات العدو الزائفة، من قبيل التعايش أو ما يسمونه بحوار أو التقاء الحضارات.
6 - حرب كاشفة وفاضحة
قد يبدو للوهلة الأولى أن هذه الحرب شر مطلق لا خير فيها، وبأنها أضرار ولا نفع فيها، لكن الحقيقة غير ذلك، فكل أمر لابد أن تجد فيه الخير والشر {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} (البقرة: 216)، ومن أجل هذا فنحن مطالبون بالوقوف طويلاً وبكل تأنِّ ورويِّة أمام تأثيرات هذه الحرب، لنعرف كيف نحوِّل سلبياتها إلى إيجابيات ونتمكن بالتالي من كسب معاركها المتعددة بأقل الخسائر الممكنة وفي أقرب الآجال.
أولاً: أظهرت حقيقة العدو للأمة بعامة، وللعوام بخاصة، حيث كنا نرى نوعاً من التخدير لدى الكثير من أبناء الأمة اتجاه الصورة الحقيقية للعدو. سواء على مستوى الأخلاق والتعامل، حيث أنه كان قدوة للبعض في العديد من المجالات، وموضع احترام للبعض الآخر، ذلك أنه في السنوات الماضية، كان هناك نوع من التخفي والمداراة لدى العدو في حربه لنا، أما اليوم فقد كُشفت أوراقه وظهرت نواياه جلية لكل ذي عينين.
ومن جانب آخر، كشفت لنا هذه الحرب العديد من الهفوات والثغرات في كيان هذا العدو، والكثير من الضعف الناتج عن المتناقضات المتواجدة في مؤسساته ومختلف شرائحه. وبأن هناك أماكن حساسة في كيانه لا يستطيع أن يحميها، وبنيات تحتية تبدو صلبة في الظاهر لكنها أوهن مما نتصور بكثير. ومهما ادعى هذا العدو عكس ذلك وحاول أن يواري سوءاته، فلن ينفعه ذلك في شيء، لأن شباب الأمة قد أفلحوا في إدراك حقيقته واطلعوا على مواطن ضعفه، وسلكوا طريق التحرر والجهاد، غير عابئين بهذا العدو، بل إنه يبدو لهم أوهن وأصغر وأضعف.
ثانياً: فضحت العدو الداخلي أمام الجميع، هذا العدو الذي يتمثل اليوم في هذه الأنظمة المرتدة التي تسلطت على رقاب العباد وسيطرت على خيرات البلاد، ومعها جيوشها من العسكر والمخابرات والمفكرين الخونة، وأعوانهم من أصحاب المصالح المادية، كلهم يقفون في صف الأعداء الصليبيين، ويعلنون عداءهم ومحاربتهم للفئات المجاهدة ولكل من ينصرهم في السر والعلن، ويتم هذا بطرق مباشرة، تحت غطاء محاربة الإرهاب والتطرف، وأحياناً بدون أي غطاء.
ثالثاً: كشفت فرقة النفاق، وأبرزت دورها الخبيث والخطير في دعم الأعداء، بصورة مباشرة وغير مباشرة، هذا الدور الذي تقوم به بعض التجمعات "الإسلامية" المشبوهة، وخاصة تلك التي تقف في مواجهة أصحاب الحق وتساند أصحاب الباطل، بحجة محاربة التطرف ومحاولة نشر الإسلام المسالم، وأقصد هنا - أساساً - رؤوس هذه التجمعات، وأستثني قواعدهم التي نأمل فيها الخير الكثير، فقد رأينا الكثير منهم يتعاطفون بل يتمنون أن يكونوا في صفوف المجاهدين وأن يساهموا بأموالهم وأوقاتهم وأيديهم في هذه الحرب الجديدة.
ويلي هؤلاء خطورة بعضُ علماء السلطان اللاهثين وراء فتات الأنظمة المرتدة من مناصب اجتماعية ملوثة أو سياسية ملغومة. ثم تأتي في الدرجة الأخيرة الفئات المتقاعسة التي لا تجيد سوى البكاء على الأطلال، وتقضي جل وقتها في الحنين إلى أمجاد الأمة بالأحلام والأماني، وتتمنى ظهور أو عودة صلاح الدين الجديد الذي سيخلص الأمة مما هي فيه من ذل وصغار واستعباد، ونحن نقول لهذه الفئات وننبهها إلى أن العيب والنقص فيها هي، فها هي جماعات الجهاد قائمة لمن أراد حقا الدفاع عن دينه وكرامة أمته، وها هو صلاح الدين العصر موجود بينها، إنه الإمام "أسامة بن لادن" – حفظه الله – بكل جدارة واستحقاق، فقد تجمعت فيه كل مواصفات القيادة والريادة، عسكرياً وسياسياً، فماذا ينتظر هؤلاء المتقاعسون يا ترى لكي ينضموا إلى قافلة الجهاد المباركة تحت إمرة هذا القائد الإمام الفذ؟!
كل هؤلاء المثبطين (حكاماً ورؤوس طوائف وأحزاب وعلماء سوء ومتقاعسين) أصبحوا اليوم في عزلة مشينة، وهاهي بضاعتهم قد كسدت حتى تعفنت. ولم يعد يثق فيهم أحد من أبناء الأمة، وصار هؤلاء الشباب يعتمدون – بعد الله تعالى - على العلماء العاملين بعلمهم، الصابرين المحتسبين، الذين يخشون الله وحده ويقفون إلى جانب المجاهدين.
وعلى ضوء ما سبق ذكره، يمكننا تسمية هذه الحرب بالفاضحة أو الكاشفة، فكما كشفت سورة براءة فئات المنافقين على عهد رسول الله ، فإن هذه الحرب قد كشفت فئات من المنافقين والمخذلين والمتقاعسين لم يكونوا لينكشفوا بغير هذه الحرب، فرب ضارة نافعة.
ثانياً: مكتسبات تربوية والدور المطلوب
نصل الآن إلى أهم نقطة في هذا الموضوع، وهي التي تتعلق بالجانب التربوي لأصحاب الحق ولأنصارهم، لنقف على أهم المكتسبات التربوية لهذه الحرب الصليبية الجديدة، ونختم بالدور المطلوب من شباب الأمة بخاصة وكل الفرقاء والشرائح الأخرى.
أولاً: كشفت حقيقة الطائفة المنصورة وأبرزت خصائصها، لتظهر جلية للأمة. وهذه الخصائص لا يمكن أن تبرز – بالشكل الواضح – إلا خلال المواجهة مع الأعداء، وفي زمن تيه هذه الأمة وتقاعسها وقعودها عن الجهاد. ومن أهمها:
1 – " قائمون بأمر الله: أي ملتزمون بشرعه وأمره، وذلك بالجهاد والقتال وإعلان الحق والتزامه والأمر والنهي به، والدفع عن أهله إذا دخل عليهم الصائل فهذا أوجب الفرائض بعد الإيمان.
2 - مُكذّبون من الغالبية: أي أنهم في غربة من الناس لما درس من أمور الدين، فإن مجيبهم قليل ومعارضهم كثير، كما جاء في كثير من أحاديث الغربة.
3 - مُخذَلون من العموم: أي غير منصورين فعلياً حتى ممن وافقهم في الرأي فإنه لا ينضم إليهم عملياً إلا القليل.
4 - ماضون ثابتون لا يضرهم التخذيل والتكذيب: أي أنهم أصحاب همة وثبات وعناد في الحق يدْعون فيُكذّبون إلا من القليل، ويعملون فيخذلون إلا من النادر، ومع ذلك فهم معلنون للحق ثابتون عليه.
5 - يقاتلون إلى قيام الساعة: وهذه من أخص خصائصهم، والنصوص طافحة في ذلك بشكل علني ثابت يصعب معه التمحك لنفي صفة القتال عنهم وجعلهم من أهل المناظرة أو العلم بلا قتال كما قال البعض.
6 - قاهرون لعدوهم: إما أنهم قاهرون لهم بالنصر الحقيقي والظفر في نهاية الصراع – كما بشر بذلك الله سبحانه وتعالى ورسوله الله  في كثير من الآيات والأحاديث – بالرغم من أنهم قد يُهزمون في بعض معاركهم ومواقعهم، وإما أنهم قاهرون لهم بعدم تراجعهم عن الحق رغم هزائمهم المؤقتة، فهم ثابتون ثباتاً يقهر العدو.
7 - منصورون من الله تعالى: بوعده سبحانه {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَاد} (غافر:51) فهم منصورون حقيقة في الدنيا أو منصورون بالمعنى بنجاتهم عند الله وقبول أعمالهم وحسن خاتمتهم.
8 - ظاهرون على الحق: أي منصورون، وهو من الظهور أي العلو والغلبة، وقد يكون من ثنايا المعنى ظاهرون من الظهور وهو الاستعلاء بالدعوة ورفع الراية علناً لا خفاء، والله أعلم.
9 - فقههم الله في الدين: وجاء إشارة إلى هذا في مقدمة بعض الروايات، ودليل فقههم هو القتال والجهاد كما قال تعالى {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (العنكبوت: 69)، وقد فسرها بعض السلف كابن المبارك وأحمد رحمهما الله بأن الفقه والفتح في الفهم هو في علماء الثغور.
10 - رزقهم الغنيمة: كما في رواية سلمة بن نفيل – وهي في أحمد والنسائي- ذكر أن رزقهم في أيدي من أضل الله قلوبهم، وهذا دليل على صفة الرزق وأمر غير مباشر بالسعي له وهو الغنيمة.
11 - يقاتلون باستمرار ولا ينقطع وجودهم: إلى قتال الدجال ونزول عيسى بن مريم حيث يكون آخرهم مع الإمام المهدي عليه السلام وتحت قيادة نبي الله عيسى بن مريم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام" .
ثانياً: تفجير طاقات الأمة لمساندة هذه الطائفة على الأقل عاطفياً، وإن كنا نرى دعماً مالياً ولوجستياً بل وحتى عملياً عن طريق الانضمام إلى صفوف هذه الطائفة وتكثير سوادها.
فحينما يرى شباب الأمة نماذج فريدة من أمثال كوكبة الشهداء الماضين على درب الجهاد والاستشهاد، وأخص بالذكر هنا، شهداء غزوتي نيويورك وواشنطن، ومن سبقهم أو من لحق بهم في معارك الجهاد والاستشهاد، سواء على أرض أفغانستان أو الشيشان أو فلسطين أو غيرها من بلاد الإسلام، وبلاد الإسلام أصبحت اليوم كلها أرض لهذه الحرب الصليبية الجديدة، قلت: حينما يرون مثل هذه النماذج فإنهم يتسابقون للانضمام إلى صفوف المجاهدين، ليسطروا بدمائهم ملامح جديدة، ويقرِّبوا الأمة يوماً بعد يوم من النصر الموعود. فكَم من طاقات قد أهدرت - ولا تزال - في الباطل أو في سفاسف الأمور، وكم من جهد يُبذل في غير محله، وهاهي قوافل الشهداء الماضية وقوافل المجاهدين الآتية، تحت إشراف جماعات الحق والجهاد، وعلى رأسها تنظيم قاعدة الجهاد، تستقطب هذه الطاقات وتستوعبها ثم توظفها في مواجهة جموع الكفر وجنود الصليب لزعزعة أركانه وهدم كيانه.
ثالثاً: إحياء فريضة الجهاد وفهم سليم وشرعي لحقيقة الصراع بين الحق والباطل بكل أبعاده، والإعداد لتحمل تداعيات وتبعات هذا الصراع. بحيث أن مفهوم الجهاد كان قد انتابته شوائب كثيرة، وكان الناس يحصرونه في جانبه الدفاعي فقط، ناسخين لمفهوم جهاد الطلب، طلب العدو في عقر داره أو في عقر قواعده العسكرية بالتحديد.
أو إحياء التعامل بالمثل مع هذا العدو، سواء بالتهديد أو بالمباشرة الفعلية، سواء في استهداف ما يسمى بالمدنيين أو بهدم مؤسساته وبنياته التحتية، أو بحرق ونسف موارده المعيشية، وهي أساليب مهجورة، لها أصول شرعية في شرعنا الحنيف ، هجرها المسلمون وتوقفوا عن العمل بها بسبب ما دخل على ديننا من شوائب وهجمات صليبية يهودية منذ عقود من الزمن، حاولوا فيها طمس معالم هذه الفريضة المقدسة، وتغييبها من عقول المسلمين، لكي يتسنى لهم امتلاكنا والسيطرة علينا حينئذ.
رابعاً: كسر حواجز الخوف والتهيب لمواجهة مخططات الأعداء، وهي العقبة الكبرى التي ظلت لعقود من الزمن تكبل طاقات المسلمين، وتجعلهم يظلون في موقع الإنهزام وانتظار رحمة العدو.
فكانت هذه الحرب الصليبية الجديدة فرصة لتجاوز هذه العقبة بنجاح كبير، والتحرر من قيد الضعف والهزيمة، وذلك بفضل ضربات قاعدة الجهاد الأخيرة، التي عبَّدت الطريق لباقي المجاهدين في العالم، وبيّنت لهم أن هذا العدو الغاشم أضعف مما نتصور.
فاستطاع جيل الجهاد والاستشهاد أن يحيي المفهوم الصحيح للجهاد في الإسلام، الموافق لما جاء به رسول الله : "الآن نغزوهم ولا يغزوننا"(الحديث)، أو كما جاء في كتاب الله تعالى: {ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (المائدة: 23). فرأينا كيف انقلبت معادلة الصراع بيننا وبينهم، وصاروا يترقبون ضربات وهجمات المجاهدين في كل حين، فانقلبت حياتهم إلى جحيم لا يُطاق، وقذف الله في قلوبهم الرعب، مما أدى إلى إرباك حساباتهم وإضعاف استراتيجية هجومهم، وضيعوا جهودهم وأموالهم في إيجاد وسائل للدفاع بدلاً من تطوير وسائل الهجوم، فتحقق بفضل الله تعالى للمسلمين شيء مما كانوا يتمنونه، وهو إرعاب العدو وإرهابه في عقر داره، وتحويل ديار هذا الأخير إلى ساحة للمعركة بدلاً من أن تظل بلداننا هي وحدها أرض لها.
خامساً: تجسيد هذا التجاوب والتعاطف من قبل المسلمين عامة وشباب الإسلام خاصة، بإنشاء تنظيمات وتجمعات جهادية محلية ولو في معزل عن تنظيم قاعدة الجهاد أو حركة طالبان، اللذان يشكلان رأس الرمح في مواجهة هذه الحملة الصليبية القائمة.
فقد رأينا – بحمد الله تعالى – ظهور العديد من التجمعات الجهادية هنا وهناك، تأخذ زمام المبادرة في ضرب مصالح العدو الإستراتيجية المنتشرة في بلداننا – وما أكثرها -، ودخلت بذلك في الصراع مباشرة بتوسيع دائرة الحرب، وإشغال العدو أكثر ودفعه إلى بذل المزيد من الجهد وحشد المزيد من الإمكانيات المادية والبشرية لمواصلة هذه الحرب.
فكان من نتيجة هذه الثمرة المباركة، أن صارت أراضينا وأراضيه ساحات لهذه الحرب، مما دفع بالعدو إلى تشتيت قوته وعدم الاستطاعة على التركيز في هذه الحرب، وهذه بداية هزيمته بحول الله.
سادساً: أبرزت هذه الحرب الصليبية أن لا فرق بين الكفار الأصليين (الصليبيين واليهود) وبين الطواغيت المرتدين (الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين)، وبأن هؤلاء كالجسد الواحد، إذا ضربتَ واحداً منهم انتفض الآخر ليدافع عنه ويحميه. فالأنظمة المرتدة تحمي مصالح الأعداء في الداخل مقابل أن يحميهم الصليبيون واليهود من شعوبهم ويحافظوا على عروشهم وقروشهم، فالقاسم المشترك فيما بينهم هو المصالح ومحاولة الحفاظ عليها بالقوة، وعدوهما المشترك هو هذه الجماعات المجاهدة التي تعكِّر عليهم صفو أجوائهم وتدعو الشعوب المسلمة للانتفاضة وأخذ زمام أمورها بأيديها، وفق ما يمليه عليها دينها الحنيف.
فتحتم على هذه الجماعات إعداد برامج عملية جهادية لمواجهة أعداء الداخل والخارج، بحيث يكون هناك تكامل بين المشروع العالمي العامل على مواجهة العدو الخارجي والمشاريع القطرية القائمة لمواجهة أعداء الداخل، على أن يكون التركيز في المرحلة الراهنة على السند الرئيس لهذه الأنظمة المرتدة، وهو العدو الخارجي، وذلك بضرب مفاصله واستهداف مراكز الثقل في قوته، بقصد إرباكه ثم زعزعته لكي ينهار في نهاية المطاف أو على الأقل لينشغل بنفسه، وهو ما يجعل مهمة محاربة الأنظمة الطاغوتية أيسر وأسهل.
سابعاً: من أهم سمات هذه الحرب – كما سبق الإشارة إليه – هو أنها جمعت الأحزاب الكافرة والمنافقة لإنشاء تحالفات عديدة وموحدة، بقيادة أمريكا، لضرب الإسلام ومحاولة القضاء على قوته. وهو ما دفع بالمسلمين الصادقين، وخاصة فصائل المجاهدين إلى التفكير في التحالف والتعاون لمجابهة هذه الهجمة الصليبية، وتحقيق أمره تعالى {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّة}. وقد تم ذلك أولاً على أرض أفغانستان، حيث اجتمع المجاهدون – من شتى بقاع الأرض – وشكلوا ما يُعرف بتنظيم القاعدة بقيادة الشيخ أسامة بن لادن، ثم توسع فيما بعد بانضمام العديد من المجاهدين الآخرين وفي مقدمتهم تنظيم الجهاد المصري بقيادة الشيخ أيمن ظواهري، فتشكل ما عُرف بتنظيم "قاعدة الجهاد"، وهو تنظيم أوسع وأكبر وأقوى.
وثانياً على مستوى الأمة ككل، بدأت الكثير من التنظيمات المجاهدة في توسيع دائرة التحالف والتنسيق فيما بينها، لمواجهة هذه الحملة الصليبية التي تتهدد وجودهم، فتحقق بالفعل هذا الأمر ورأينا – بحمد الله – تعاوناً وتنسيقاً كبيراً بين شتى جماعات الجهاد، بالرغم من شدة الحصار وضيق السبل وقلة النصير، والدليل على نجاح هذا الأمر هو هذه العمليات الجهادية المباركة المتواصلة، التي تُحدث أكبر الضرر في جسد العدو، ولا يستطيع أن يوقفها أو حتى تفاديها. ونحن نعلم أن سر قوة المسلمين تتجلى في توحيد جهودهم وجمع صفوفهم، فإن تعذَّر عليهم ذلك لظروف قاهرة، فلا أقل من تحقيق هذا التنسيق والتعاون، وتفادي الفرقة والاختلاف.
ثامناً: إحياء فريضة الاستشهاد والتسابق إلى الموت قصد الفوز بالشهادة، الذي أصبح منتشراً ويكتسح الساحة، هذا في الوقت الذي نرى فيه هجراناً لمتاع الدنيا وشهواتها.
وهذا سلاح ذو حدين، حيث يمكِّن المسلمين من أخذ زمام المبادرة أكثر، فهو السلاح الذي لا يمكن للعدو أن يمتلكه أبداً {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} (البقرة: 96)
تاسعاً: علمتنا هذه الحرب القائمة أن مسألة استنزاف العدو وتقويض أركانه أصبح أمراً ممكنا بل وفي المتناول، وبأنه هدف استراتيجي ينبغي التركيز عليه.
هذا ما ابتكره إخواننا في تنظيم قاعدة الجهاد كوسيلة جديدة وانتهجوها في هذه الحرب الصليبية بكل نجاح، ما دام أن الطرفين غير متكافئين على مستوى العدة والعتاد، فلابد من ابتكار أسلوب جديد، لا يقوى العدو على تفاديه أو مواجهته، ذلك هو أسلوب الاستنزاف المتواصل، ومحاولة تقويضه من الداخل، والتركيز على ضرب مفاصل قوته الاقتصادية والعسكرية، واستهداف قياداته ورؤوسه.
وها نحن نرى نتائج هذه الاستراتيجية الجديدة من الآن، حيث يتواجد العدو في مآزق سياسية واقتصادية خانقة، لم يكن ينتظرها ولا أعدَّ لها حلولاً. أما في السنوات وربما الشهور المقبلة فستكون الحالة أعقد وأدهى وأمر، مما سيسمح للمجاهدين بأخذ مواقع متقدمة في حلبة الصراع، وزمام المبادرة أكثر في إعادة قيادة هذه البشرية التائهة من جديد. هذا وعد من الله سيتحقق لا محالة، وليس مجرد حلم سياسي لتسلية النفوس.
طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى