مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

* دليل المصطلحات الواردة في التنزيل الحكيم - 3

اذهب الى الأسفل

* دليل المصطلحات الواردة في التنزيل الحكيم - 3 Empty * دليل المصطلحات الواردة في التنزيل الحكيم - 3

مُساهمة  طارق فتحي السبت نوفمبر 18, 2017 6:55 am


الفتنة: لا تكون الفتنة أساساً إلا من قبل طرف قوي على طرف أضعف منه. فقوله تعالى لموسى: {.. وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا..} (طه 40)، معناه أنّ موسى أصبح إنساناً قوياً لايقابله أحد في مواجهة مباشرة. والدولة الديكتاتورية عندما تعتقل انسانا ما تختلف معه في الرأي فإنما لكي تفتنه عن آرائه: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا..} (البروج 10). كذلك يمكن لامرأة ما أن تفتن رجلا بإغرائه بمفاتنها وجعله في موقف ضعيف أمامها وهي في موقف أقوى منه، فتطلب منه أمورا لا يقبلها عادة. وكذلك الأموال والأولاد فتنة لأن الإنسان يصبح ضعيفا أمامهما. أما المناسبات التي استعمل فيها الفقهاء عبارة: (الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها) فذلك هراء لأنهم عكسوا معنى الفتنة، لأنه عندما يحتج الضعيف على القوي لا يعتبر ذلك فتنة

الظن: من أفعال الأضداد، ويعني الشك واليقين معا. بحيث يفهم المعنى المقصود منه من خلال السياق العام للآية. معنى اليقين فقد جاء في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (البقرة46)، وقوله تعالى: {وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن نُّعْجِزَ اللَّهَ فِي الأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَبًا} (الجن 12). ومعنى الشك جاء في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ} (الحجرات 12).

الإنزال: هو نقل الوحي من شكل غير قابل للإدراك الإنساني إلى شكل قابل للإدراك. وقد تمّ الإنزال دفعة واحدة بالنسبة للقرآن ما عدا القصص المحمّدي لخصوصيته في الإنزال لقوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ…} (البقرة 185). وكذلك كتاب الرسالة (أمّ الكتاب وتفصيلها) لم يحصل فيه الإنزال دفعة واحدة.

التنزيل: هو نقلة موضوعيّة للوحي خارج الوعي الإنساني، جرى فيها تنزيل ما تمّ إنزاله على مدى ثلاثة وعشرين عاماً، بحيث جاء التنزيل للقرآن متفرّقاً بعد إنزاله الذي تمّ دفعة واحدة في شهر رمضان أي على مراحل. أمّا القصص المحمّدي فقد تلازم فيه الإنزال والتنزيل لخصوصيّته عن سائر القصص القرآني الآخر. وقد تلازم كذلك الإنزال والتنزيل للرسالة (أمّ الكتاب وتفصيلها) لأنّها من عند الله مباشرة.

الربوبيّة: هي أحد مقامين لا ثالث لهما للذات الإلهيّة، ويُسمّى مقامَ الربوبية لأنّ ربَّ الناس هو مالكهم وخالقهم ورازقهم شاؤوا أو أبوا كما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة 21) وقوله: {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} (الإسراء 30). والعلاقة التي بين الناس وربّهم من مقام الربوبيّة علاقة صارمة لا خيار فيها لأنّها تخضع للقوانين الموضوعية للوجود. من هذا المقام جاء كتاب النبوّة (القرآن) بقوانينه الكونية والإنسانية للنبي (ص)، ومنه أيضاً جاءت بعض الأسماء الحسنى كالرزاق والمحيي والمميت، وأوّلها الرحمن. والربّ هو المخصّص للدعاء والسؤال لأنّه المالك.

الألوهيّة: هي المقام الثاني للذات الإلهيّة، ويسمّى مقام الألوهية. وإذا كان مقام الربوبية للخلق جميعاً، فإن مقام الألوهية خاصّ بالإنسان العاقل فقط لأنّ منه جاءت الرسالة (أمّ الكتاب وتفصيلها)، وفيه الطاعة والمعصية. ومنه أيضاً جاءت بعض الأسماء الحسنى كالغفور والغفّار والتواب.. وتنشأ علاقة الإنسان بالله عزّ وجلّ من هذا المقام لأنّها علاقة تقوم على الطاعة والمعصية أي على العبادة التي تكون لله عند الاعتراف بألوهيته من الإنسان لقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ} (الأنبياء 25). فالله هو ربّ محمّد (ص) وربّ أبي لهب، ولكنّه إله محمّد (ص) وليس إله أبي لهب لأنّ أبا لهب لم يعترف بألوهيته.

الرحمن: هو أحد أسماء الربوبية وأهمّها. وهو من أسماء الأضداد، فهو الرحمن بمعنى الرؤوف الرحيم والجبّار في آن واحد. فأمّا بمعنى الرؤوف الرحيم ففي قوله تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (البقرة 163)، وأمّا بمعنى الجبّار المنتقم ففي قوله تعالى: {يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا} (مريم 45). فاسم الجلالة الله هو عنوان الألوهية واسم الرحمن هو عنوان الربوبية، وهما معاً مناط الدعاء عند الإنسان لقوله تعالى: {قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى…} (الإسراء 110).

العرش: جاء العرش في قوله تعالى: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} (النمل 26). والعرش هو أوامر الله ونواهيه لقوله تعالى: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} (البروج 15-16)، فقد ربطت الآية بين العرش والفعل الإلهي من تحريم وأمر ونهي. ولا يحمل العرش معنىً مكانياً إطلاقاً لأنّ الله عزّ وجلّ خارج الزمان والمكان بل هو خالقهما وخالق كل شيء والمتصرّف فيهما بإرادته لقوله تعالى: {سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ} (الزخرف 82).

الكرسيّ: بما أنّ العرش هو المحرّمات والأوامر والنواهي الإلهية، فإنّ الكرسي هو معلومات ربّ العالمين لقوله تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (البقرة 255). والعرش مرتبط بالكرسيّ، إذ يأتي التحريم والأمر والنهي ضمن معلومات الآمر والناهي.

نفخ الصور: هو تسارع التغيّر في صيرورة النظام الكوني الذي يؤدّي إلى الانفجار الكوني المعلن عن نهاية هذا الوجود المادّي لقوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاء اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ} (النمل 87).

الساعة: هي ظاهرة انفجار الكون نتيجة تسارع التغيّر في صيرورته (النفخ في الصور)، وعلم لحظة حدوثها عند ربّ العالمين فقط لأنّها غير مبرمجة في اللوح المحفوظ لقوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ} (ق 20).

الحقّ: هو الوجود الموضوعي بعالميه: عالم الشهادة وعالم الغيب. هذا الوجود بعالميه وُجد خارج الوعي الإنساني. مثال عالم الشهادة: الشمس والقمر والرياح والجبال والقوانين الناظمة لها، ومثال عالم الغيب: الله واليوم الآخر، فالله حقّ لأن وجوده لا علاقة للوعي الإنساني به، والكون حق لأنّه قائم موجود سواء وعاه الإنسان أم لا. فأما بالنسبة لوجود الله الحق فنجده في قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ} (لقمان 30)، وأما بالنسبة للوجود فنجده في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ} (الأنعام 73). وقد فرّقت النبوّة (القرآن) بين الحقّ والباطل في الوجود سواء الكوني أو التاريخي، بينما نجد الرسالة فرّقت بين “افعل” و”لا تفعل” في السلوك الإنساني الواعي (الذاتي).

الباطل: هو الوهم في التصوّر الإنساني وليس له أيّ وجود موضوعي لأنّه محض توهّم ناتج عن الاعتقادات والأفكار الإنسانية غير الموضوعية. فالاعتقاد بأنّ النجوم تضرّ وتنفع وأنّ الأحجار تضرّ وتنفع هو باطل، لأنّه وهم ولا نقول عنه إنّه خطأ لقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} (لقمان 30).

كلمات الله: هي الوجود الموضوعي للأشياء والظواهر خارج الوعي الإنساني. فالشمس والقمر هي كلمات الله لقوله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (الأعراف 158). وعيسى بن مريم أيضاً كلمة الله لقوله تعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ…} (آل عمران 45). والله يحقّ الحق بكلماته أي يجعله موجوداً في الحقيقة والواقع، بقوله للشيء: {كن فيكون} التي بها تتحوّل إرادة الله إلى واقع ملموس، كما جاء في قوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (يس 82)، وقوله: {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ} (الأنبياء 69).

العدم: هو الدالّ بدون المدلول، فالدالّ هو العدم والوجود هو المدلول، والله خلق الوجود من العدم، أي إنّ الوجود كان في علم الله دالّات بدون مدلولات ثم أوجده الله، تماماً مثلما خلق الإنسان من عدم كما جاء في قوله تعالى: {أَوَلا يَذْكُرُ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا} (مريم 67). فالوجود هو كلمات الله وهو تطابق الدالّ مع المدلول. وكمال المعرفة عند الله هو كليّة التطابق بين كلّ احتمالات الدالّات مع المدلولات، لذا فإنّ الله عزّ وجلّ يرى بدون عين ويسمع بدون أذن. فالعين والأذن أدوات معرفة. وكامل المعرفة لا يحتاج إلى أدوات معرفة إطلاقاً. والرياضيّات البحتة هي التعبير الأمثل عن العدم، وبما أنّ علوم الرياضيّات البحتة متقدّمة على علوم الفيزياء فهذا يؤكد أنّ العدم سبق الوجود وأنّ الوجود الكوني ليس أزلياً ولا أبدياً بل هو حديث.

القدر: هو الوجود الموضوعي للأشياء وظواهرها وقوانينها خارج الوعي الإنساني. هذا الوجود بظواهره وقوانينه مذكور في كتاب النبوّة (القرآن) لقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (يونس 5)، وهو كلمات الله.

القضاء: هو ظاهرة تتعلق بالسلوك الإنساني الواعي (إرادة إنسانية)، وهو قائم على الحركة الواعية بين النفي أو الإثبات في أيّ قرار إرادي واعٍ. لهذا فإن القضاء يتعلق بما جاء من أحكام في كتاب الرسالة (أمّ الكتاب وتفصيلها) كما في قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا…} (الإسراء 23).

المشيئة: هي الحرّية، وهي إمكانية النفي والإثبات في مهمّة اتّخاذ القرارات الواعية في أشياء معلومة، أي هي تقاطع القضاء والقدر معاً في حياة الإنسان. فالقضاء هو إمكانية النفي والإثبات والقدر هو الأشياء الموضوعية مع وجود علاقة بينهما هي المعرفة. وهناك ارتباط بين المشيئة الإلهية والمشيئة الإنسانية لأنّ الله كامل المعرفة والإنسان معرفته نسبية لقوله تعالى: {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} (الإنسان 30). أمّا الإرادة فهي اتّخاذ قرار ما، والإرادة الإنسانية مرتبطة أيضاً بالإرادة الإلهية لأنّ إرادة الإنسان تدخل ضمن العلم الإلهي الاحتمالي لقوله تعالى: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا} (النساء 27).
المشيئة (الحرّية) = القضاء + القدر (بعلاقة المعرفة)

العباد: هو جمع مفرد عبد، والعبد من أسماء الأضداد، لأنّه يُطلق على المطيع والعاصي معاً لقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات 56). فالعبد العاصي ورد ذكره في قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا…} (الزمر 53)، والعبد المطيع في قوله تعالى: {ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُل لّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ} (الشورى 23). فالعبد هو الذي يختار ويقرّر أفعاله بكلّ حرّية ودون إكراه. وعباد الله هم من يطيعونه ويعصونه بملء إرادتهم، لأنّ عبادية الناس لله تُبنى على الاختيار أي الحرّية المسؤولة لقوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (الفاتحة 5). وجاء ذكر معنى المعصية في قوله تعالى: {قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} (الزخرف 81) أي أنا أوّل الكافرين به. وجاء استعمال المعنيين معاً (الطاعة والمعصية) في سورة “الكافرون”:

قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ====< الكفر موقف علني عدائي (الكفّار الذين اتّخذوا موقفاً عدائياً علنياً من الرسول ورسالته)
لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ====< لا أؤمن بما تؤمنون به (لا أطيع ما تطيعون)
وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ====> ولا أنتم تؤمنون بما أؤمن به (لا تطيعون ما أطيع)
وَلا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ ====> ولا أنا كافر بما أنتم كافرون به (أنا أعصي من تعصون )
وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ====> ولا أنتم كافرون بما أنا كافر به (لا تعصون ما أنا أعصيه)
لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ====> لكم مبادؤكم ولي مبادئي

العبيد: هو جمع مفرد عبد مملوك، أي الرقيق. والعبد المملوك ليس له حرّية في اختيار أفعاله لأنّه لا يملك من أمره شيئاً ويكون مكرهاً في جميع أحواله لقوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْدًا مَّمْلُوكًا لاَّ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ…} (النحل 75). فنحن عباد الله في الدنيا لقوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} (الزمر 10)، لكننا عبيده يوم الحساب لأننا لا نملك من الأمر شيئاً يومها لقوله تعالى: {قَالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ * مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ} (ق 28-29). والعبوديّة لله في الحياة الدنيا غير مطلوبة بل المطلوب من عباده العبادية له، وإن وجدت العبودية في الحياة الدنيا فعلاً فإنّها تكون دائماً لغير الله حتماً.

البشر: هو كائن حيّ ينتمي إلى الفصيلة العليا من الكائنات الحيّة من الثدييات، وهو وجود بيولوجي صرف لقوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ} (الحجر 28). من هنا جاءت تسمية كليّة الطبّ البشري لأنّها تَدْرُس الإنسان ككائن حيّ.

الإنسان: هو كائن بشري لقوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ} (المؤمنون 12)، تحوّل إلى كائن عاقل واعٍ بنفخ الروح فيه لقوله تعالى: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ} (الحجر 29). فاستحقّ بذلك أن يخلف الله في الأرض لقوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً…} (البقرة 30). وحين يتجمّع أفراد الإنسان تتشكل المجتمعات الإنسانية، أمّا الحيوانات فتتجمّع في أسراب كالطيور أو في قطعان كالبهائم.

آدم: هو أبو الإنسان وليس والد البشر، وبه بدأ التاريخ الإنساني الواعي، أي إن الإنسان العاقل المتكلم ينتسب إلى سلالة آدم لقوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} (الإسراء 70).

الروح: هي المعرفة والتشريع المرتبطان بالإنسان. بدأت عند الإنسان بتعليمه الأسماء، كبداية للفكر الإنساني المبنيّ على عدم التناقض ثمّ الانتقال إلى التجريد. لذا سُمّي الوحي روحاً في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا} (الشورى 52) لأنّه أوحى إليه المعرفة والتشريع. وبناءً على ذلك فإنّ البشر يمثل الوجود الموضوعي المادّي للإنسان، والمعرفة والتشريع يمثلان الوجود المدرك الواعي الإنساني للبشر، ويعبّر عنها باللغة، لأنّ اللغة هي حاملة الفكر:
إنسان = بشر (الموضوعي) + روح (الذاتي).
روح = (معرفة + تشريع) بحامل لغوي مبني على عدم التناقض.

النفس: من الناحية المادّية هي كلّ كائن حيّ يتنفّس ويحتاج إلى الأوكسجين، وهي النفس التي يصيبها الموت لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّه كِتَابًا مُّؤَجَّلاً…} (آل عمران 145). ومن الناحية البسيكولوجية هي مجموعة المعلومات والأحاسيس التي تشكل الأنا الإنسانية منذ الطفولة حتى الموت مع وجود التغيّر البيولوجي للخلايا، وهي النفس التي تُتوفى لقوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا…} (الزمر 42).

الفؤاد: هو الإدراك المشخص الناتج عن طريق الحواسّ مباشرة (perception) وعلى رأسها السمع والبصر لقوله تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} (الإسراء 36). وهو ردّ الفعل الغريزي الموجود عند الحيوان والإنسان معاً مع فرق بينهما أنّ الفؤاد الغريزي الإنساني متطوّر عن الحيواني لأنّه يربط بين الاسم والمسمّى ويزيل التناقض بينهما، وهو بمثابة مقدّمة حسّية للفكر الإنساني لأنّه يمثل المادّة الخام التي تنطلق منها عملية التفكير المجرّد للإنسان. فالفؤاد هو بمثابة الصاعق “المحرّض” للفكر الإنساني أي يمثل مرحلة الإقلاع له.

الفكر: هو عملية تحليل المدركات (المادة الخام) الآتية من الفؤاد لقوله تعالى: {… وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (آل عمران 191)، وهو مرتبط بالعقل.

العقل: هو عملية الربط بين المدركات (المادة الخام) الآتية من الفؤاد بعد أن يكون الفكر قد قام بتحليلها، وذلك لاستخلاص نتائج منها بعد تحليلها. فالآيات التي ذُكرت فيها الظواهر المرتبط بعضها ببعض جاء فيها قوله تعالى: “تعقلون” أو “يعقلون”، مثل قوله تعالى: {… وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاء مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (الجاثية 5)، فاختلاف الليل والنهار يشير إلى الفصول الأربعة وهي مرتبطة بما بعدها لأنّ فيها تتغيّر الأمطار والرياح، وهذه الظواهر الثلاث مرتبط بعضها ببعض ارتباطاً عقلانياً، لهذا قال تعالى في نهاية الآية {لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}.

القلب: هو آلة العقل، وهو جزء الدماغ الذي يقلّب الأشياء بتحليلها والربط بينها ليصل إلى نتائج (يعقلها). وليس في كلّ آيات التنزيل الحكيم ما يشير إلى العضلة القلبية التي تضخّ الدم في أنحاء الجسم. وقد ربط عزّ وجلّ بين القلب والعقل في قوله تعالى: {لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لّا يَعْقِلُونَ} (الحشر 14)، لأنّ العقل من وظائف الدماغ.

القلم: هو تمييز الأشكال بصفاتها بعضها من بعض والتعرّف إليها، أي هو عملية “التقليم” (Identification) لقوله تعالى: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} (القلم 1)، فالعين تقلّم الأشكال والألوان، والأذن تقلّم الأصوات، واللسان يقلّم الطعوم. والقلم هو وسيلة اكتساب المخلوقات كلها للمعارف سواء العاقل منها أو غير العاقل بما فيها الملائكة. والمعرفة الإنسانية خط صاعد إلى الأعلى ومحوره القلم (التمييز)، لا تخرج عنه إطلاقاً لقوله تعالى: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} (العلق 3-5).

السطر: هو التصنيف (Classification) لقوله تعالى: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} (القلم 1)، أي جمع الأشياء بعد تصنيفها في مجموعات في قوله تعالى: {وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ} (القمر 53). مثاله تصنيف الحيوانات البرّية: الثدييّات والزواحف…

الشيطان: له معنيان، الأوّل: شيطان الوهم، وهو الجانب الآخر في العملية الفكرية للإنسان لقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ} (الحج 3)، وكلّ إنسان له شيطانه وهو القرين الذي يحاول أن يوقعه في الخطأ والوهم لقوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ * قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِن كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ} (ق 26-27). والثاني: شيطان الأخلاق وهو الذي يحاول أن يوقع الناس في الحرام ويقعد لهم على الصراط المستقيم (الفرقان) لقوله تعالى: {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} (الأعراف 16).

الموت: دورة الحياة في الطبيعة، وتُبنى هذه الدورة على ظاهرة التعاقب بين الموت والحياة. فالموت فيها يتعاقب مع الحياة لأنّه رديف لها. والموت هو ظاهرة الانتقال من حالة إلى حالة، فبالنسبة لأشياء الطبيعة لقوله تعالى: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} (الروم 19)، وبالنسبة للإنسان لقوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (البقرة 28).

الهلاك: ظاهرة إنسانية أحادية الاتجاه، أي ليس فيها تعاقب. فهلاك الإنسان هو انقطاع أثره لعدم وجود أصول له ولا فروع لقوله تعالى: {… قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ…} (النساء 176). وهلاك الأمم والحضارات يعني اندثارها دون رجعة لقوله تعالى: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ} (الأنبياء 95). فالحضارات والأمم تهلك ولا تموت مثال: الحضارة الإمبراطورية، والرومانية، والخلافة الإسلامية، ثمّ الاتحاد السوفياتي؛ فكلها هلكت دون رجعة لقوله: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا} (مريم 98).

الأمّة: هي المجموعة من المخلوقات، عاقلة أو غير عاقلة، يجمعها سلوك موحّد لقوله تعالى: {وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم..} (الأنعام 38). هذا السلوك يختلف من أمّة إلى أخرى، فأمّا أمم الحيوانات فسلوكياتها غريزية، بينما الأمم العاقلة سلوكياتها مرتبطة بالثقافة والتوجّه الديني. وقد تغيّرت مع التطوّر التاريخي، سلوكيات الناس في التجمّعات الإنسانية، بتطوّر المعارف والشرائع والعادات، مثالها الأمّة المحمّدية التي تجمع أفرادها الشعائر (الصلوات الخمس، صوم رمضان…) بحيث سمّاهم التنزيل الحكيم “المؤمنون”.

القومية: هي علاقة ارتباطية تجمع بين مجموعة عاقلة من الناس يكون لهم لغة واحدة ولسان واحد، الأمر الذي يخلق تجانساً فيما بينهم في طريقة التفكير. مثالها: العرب يتكلمون العربية، وبنو إسرائيل يتكلمون العبرية، والفرنسيون يتكلمون الفرنسية… ولا أفضلية في الوجود لأيّ قومية على أخرى، لكنّ الأفضلية تأتي من مميزات أخرى تكتسبها قومية ما عن جدارة واستحقاق، وبجهد أفرادها وسعيهم، لا بمجرّد أنّهم عرب أو يهود أو فرنسيون أو أتراك أو… والعروبة هي الانتماء الواعي إلى القومية العربية والتعصّب الإيجابي لهذا الانتماء، وليست ذات نظرة عرقية، بل هي نظرة إنسانية صرفة، والتعصّب الإيجابي لها يتطلب من العرب الجدّ والسعي والمشاركة الفعّالة في صنع الحضارة الإنسانية مع بقية القوميات.

الشعب: هو مجموعة عاقلة من الناس يجمعها نظام اقتصادي وقانوني واحد على بقعة من الأرض تسمّى الوطن، والفرد فيها يسمّى “مواطن”. قد يتألف الشعب أحياناً من أمم متعدّدة ذات ملل مختلفة (مؤمنون، نصارى، يهود، بوذيون…) وقوميات مختلفة (عرب، يهود، كرد، إنجليز…) يعيشون في وطن واحد تحت نظام دولة واحدة. ومفهوم الشعب أعمّ من مفهومي الأمة والقومية، فقد تجد في شعب واحد أمماً متعدّدة كأمّة محمّد (ص) وأمّة عيسى وأمّة موسى…وفيه قوميات متعدّدة لكلّ قومية لغتها الخاصّة. وبالتالي تصبح العلاقة بين الأمم والقوميات والشعوب علاقة مبنية على التعارف لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (الحجرات 13).

الولاء والبراء: الولاء من ألفاظ الأضداد، بمعنى إمّا الاتباع أوالإعراض. أمّا البراء فهو الإعراض فقط. وكلاهما علاقة إنسانية اجتماعية، تبدأ عند الفرد فكراً نظرياً ثمّ تصبح سلوكاً عملياً. أما بالنسبة للولاء فنجده في قوله تعالى: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ…} (البقرة 148). وبالنسبة للبراء فنجده في قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ} (الزخرف 26)، والولاء والبراء أنواع:

الولاء والبراء في الإسلام:
– الولاء: اتّباع التوحيد والحاكمية الإلهية في المحرّمات بالدفاع عن القيم الإنسانية والحنيفية ورفض الإكراه.
– البراء: التبرّؤ من الشرك ومن الإجرام بحق الله وحق المجتمع وخصوصاً الطغيان ومن العداء للإنسان.
الولاء والبراء في الإيمان:
– الولاء: اتّباع شعائر الملّة المحمّدية بمشاركة أتباع محمّد (ص) فيها.
– البراء: التبرّؤ من المعتدين على الملة المحمّدية بالسبّ والشتم بالردّ عليهم حسب أسلوبهم.
الولاء والبراء في القومية:
– الولاء: أن يدافع عن لغته وعدم التعرّض للغات الآخرين.
– البراء: لا يوجد براء في القومية.
الولاء والبراء في الشعب:
– الولاء: احترام للقانون والعلاقة القانونية والإنسانية مع كلّ المواطنين والدفاع عن الوطن (الديار).
– البراء: التبرّؤ من مخالفة القانون ومن أعداء الوطن.

الوالد والوالدة: الوالد هو صاحب الحيوان المنوي (Biological Father)، وقد يكون هو الأب المربّي وقد لا يكون. والوالدة هي صاحبة البويضة وقد تكون هي الأمّ المربّية وقد لا تكون (Biological Mother) لقوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} (لقمان 14). والذي يحدد الوالد والوالدة هو فحص الحمض النووي DNA.

الأب والأم: الأب هو من يقوم على رعاية الولد ويربّيه. وقد يكون والداً وقد لا يكون، لكن في الحالتين له الحرمة والبرّ والإرث والنسب. فالإنسان قد يكون له والد واحد هو الأب نفسه، وقد يكون له والد واحد وأب واحد أو أكثر غير الوالد. والأمّ هي من ترعى الولد وتربّيه، وقد تكون هي صاحبة البويضة الأولى وقد لا تكون، أي قد تكون الأم هي الوالدة وقد لا تكون، فهناك الأم الوالدة والأم الحاضنة والأم المرضعة والأم المربّية، وهناك أمّ المؤمنين، وكلّ هؤلاء الأمّهات لهنّ حرمة. لكن هناك أمّ واحدة لها الحرمة والإرث والبرّ وهي التي دخلت في وعي الطفل على أنّها أمّه لأنّها بدأت بتربيته بعد ولاته مباشرة سواء منها هي أو من غيرها. فالوالدان مفهوم بشري بيولوجي بحت، أمّا الأبوان فمفهوم إنساني اجتماعي. والنسب للأب والأمّ لا للوالد والوالدة.

الفتى – الفتاة: هو الإنسان المرتبط حياتيا بشخص آخر. من هنا جاء مفهوم الفتوى لأن الفتوى مرتبطة بصاحبها كأن نقول: (فتوى فلان). والله عزّ وجلّ أيضاً يفتي: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ..} (النساء 176). من هنا نفهم معنى فتى موسى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ ..} (الكهف 60). كما يذكر التاريخ يوشع بن نون الذي كان يلازم موسى دائماً، ويوسف فتى العزيز وزوجته كانت حياته متعلقة ببيت العزيز لذا قال تعالى: {.. امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا..} (يوسف30). وكذلك قوله: {.. وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} (النور33) أي أن العمر لاعلاقة له بذلك، فالفتاة كما جاء في الآية هي المرأة المرتبطة حياتياً بشخص آخر.

الحجاب: الحجاب له معنى مكاني بحت في التنزيل الحكيم. هو عبارة عن ساتر لحجب من يقف وراءه عن الرؤية كما قال عن مريم في قوله تعالى: {فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} (مريم17). ولاعلاقة للحجاب باللباس.

الجيوب: هي عبارة عن طبقتين قد يكون بينهما شيء ما، فمن هنا جاء جيب القميص مثلاً. جاءت في قوله تعالى: {.. ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن..} (النور 31). والجيوب المذكورة هنا هي الموجودة في خلقة الانسان ومنها ظاهرة ومنها مخفية. أما الظاهرة فهي الموجودة في الوجه (الفم – الأنف – العينان – الأذنان)، وجمال الوجه أساساً يكمن في الجيوب من حيث وضعها وحجمها ولونها وتناسبها. أما المخفية فهي الموجودة في باقي جسد المرأة وهي: الفرج والإليتين وتحت الإبطين وفتحة الصدر، وهذه الجيوب هي التي تعتبر من خصوصيات المرأة. لذا ذكر في الآية ما يخص المرأة من الزينة المخفية فقط، وحدد لمن يمكن مشاهدتها.

الميثاق: هو مجموعة بنود يلتزم الإنسان بها. وقد وضّح لنا التنزيل الحكيم بنود ميثاق بني إسرائيل لقوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مُّعْرِضُونَ} (البقرة 83). فميثاق الزوجية مثلاً يلزم به الزوج نفسه طوعاً ومدى الحياة، وبالمقابل تعطيه الزوجة الطاعة والعصمة كذلك طوعاً ومدى الحياة لأنّ الميثاق تعهّد من طرف واحد. وكلّ أنواع القسم المهنية عبارة عن مواثيق في شتى المجالات: الطبّ، الجيش، الوزارات…

العهد: هو التعهّد بالالتزام ببنود ميثاق ما. ويأتي العهد بعد الميثاق. وسُمّي عهداً لأنه ممّا يجب الحفاظ عليه لقوله تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} (يس 60)، وهو ما يلزم الإنسان نفسه به، أي التزام الإنسان الطوعي بأمر ما. وهو ما يُعرف في المفهوم المعاصر بالقسم بالالتزام بميثاق ما كالقسم المهني أو العسكري أو السياسي، ولا يكون إلا علناً كما في قوله تعالى: {بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ..} (آل عمران 76).

العقد: هو اتفاق بين طرفين بكلّ طواعية على أمر ما. وأنواع العقود كثيرة. وأيّ عقد عبارة عن تكليف بين طرفين أو أطراف، لأنّه يرتبط بشروط يتّفق عليها الطرفان أو الأطراف المتعاقدة التي يجب على كل طرف الوفاء بها لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ…} (المائدة 1). مثال العقد الدستور الذي يُعدّ أعلى عقد في المجتمع ويكون بين السلطة والشعب.

ميثاق الزوجية: هو علاقة صهر ونسب بين رجل بالغ عاقل وامرأة بالغة عاقلة، غايتها إقامة أسرة وحياة مشتركة مدى الحياة وإنجاب ذرّية، وقوام هذه العلاقة الإيجاب والقبول والعزم على الاستمرار. ولهما أن يفترقا بالطلاق بعد الزواج ضمن شروط صعبة بيَّنَها تعالى تضمن حقّ المرأة كاملاً. وهذا الميثاق يعطيه الزوج فقط وهو أن يرعاها في السرّاء والضرّاء والصحّة والمرض والصبا والشيخوخة، وأن يحافظ على مالها وعدم إهانتها. وفي المقابل هي تعطيه الطاعة بالمعروف والعصمة والوفاء. وهذا الميثاق لا يكون إلّا علناً بحضور أهل الزوج والزوجة وأكبر عدد من الناس.

الشهيد: الشهيد مفرد جمعه شهداء. وهو سامع الحدث ومبصره وحاضره، فمن يحضر ويسمع عقد بيع بين متبايعين هو شهيد وليس شاهداً لقوله تعالى: {… وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ…} (البقرة 282). فشهداء بدر هم من حضروا بدراً، الذين قُتلوا منهم والذين بقوا أحياءً بعد المعركة من المؤمنين والمشركين على السواء. والله شهيد على عباده لقوله تعالى: {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} (الإسراء 96). والصحافيون كلهم شهداء لأنهم يحضرون الحدث وينقلونه لنا، سواء من مات منهم وهو يؤدّي عمله أو من بقي حياً. وقوله تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} (آل عمران 169)، لا علاقة له مطلقاً بالشهادة ولا بالشهداء كما يتوهّم كثيرون.

الشاهد: الشاهد مفرد جمعه شاهدون. وهو من علم ودرى بالخبر من دون حضور، ثمّ حلله واستنتج منه نتائج بفضل خبراته. فالصحافيون كما قلنا شهداء، أمّا الذين يشاهدون التلفزيون ويسمعون الخبر فهم شاهدون. ولا بدّ لوجود الشاهدين من أن يسبقه وجود الشهداء، مثاله قوله تعالى: {.. وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ} (يوسف 26)، والمحاكم كلها تقوم على الشهيد الحاضر والشاهد الخبير.
طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى