مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الأخلاق الحقيقية مرتبطة بالدين وليس بالعلمانية

اذهب الى الأسفل

الأخلاق الحقيقية مرتبطة بالدين وليس بالعلمانية Empty الأخلاق الحقيقية مرتبطة بالدين وليس بالعلمانية

مُساهمة  طارق فتحي السبت ديسمبر 27, 2014 5:42 pm

الأخلاق الحقيقية مرتبطة بالدين إن سقط الدين سقطت الأخلاق
هل هو صحيح أن العلمانية تنتج أخلاق؟ ما نراه من أخلاق العلمانية هي أن العواطف ضعف ومعوقات عن النجاح, وأن البقاء للأقوى والحياة صراع وأن الناجح هو من يهتم بمصلحته أكثر, وانظر للأمثال الشعبية في العالم من مثل : "من لا يظلم الناس يظلم", هذا المعنى نجده كثيرا, لكن نجد في الدين عكسه وهذا العكس هو الخلُق, إذن الأخلاق ليست من علمانية الشعوب والأمم (الجاهلية), وعلى ذلك فقس:
"إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب"
"ما أنا إلا من غزية إن غوت غويت و إن ترشد غزية أرشد"
"ومَنْ لَمْ يُصَانِعْ في أُمُورٍ كَثِيرَةٍ ** يُضَرَّسْ بِأَنْيَابٍ ويُوطَأْ بِمَنْسِمِ"  
"اليد التي لا تستطيع أن تعضها قبلها"
"كل ما لا يأكلك وخذ ما لا يأخذك"
"رأيت الناس قد مالوا ** إلى من عنده مال"
"من عنده قرش يساوي قرش"
"الي اختشوا ماتوا"
"اللي ما معوش ما يلزموش"
"الأخلاق ما توكل عيش"
"أولاد الحرام ما سابوش لأولاد الحلال حاجة"
"نـشـربُ إن وردنــا الـمــاء صـفــواً و يـشـربُ غـيـرُنـا كدراً وطـيـنـا".
مع أن الدين يقول أحب لأخيك ما تحب لنفسك, والكل يردد مثل هذا الكلام بإعجاب ويقول: هكذا الدنيا, أي هذه هي العلمانية, وادرس الأمثال كلها في كل الثقافات ستجد مثل هذا الكلام, والدين جاء ليغير كل هذا, إذن الأخلاق جاءت من الدين ولم تأتي من البشر الذي يأتي من البشر هو مثل هذه الأمثال.
انظر للأديان كيف تقول: {لئن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين}, والمسيحية تقول أدر خدك الأيمن لمن صفع خدك الأيسر, والإسلام يقول : {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} بينما الأمثال العلمانية تقول أعطه بدل الصاع صاعين!
هذا سؤال للعلمانيين والملاحدة : أين أخلاق العلمانية؟ أمثال الشعوب هي مرآتهم فأكثر شيء يوصي به بعضهم بعضا هي الأمثال والحكم, وهذا ما يفسر كثرة تداولها على شكل وصايا وتبريرات ولهذا لا يُعرف قائلها ويعبر عنها بـ: قالوا في المثل, أي كأن كل الشعوب هي من قالتها في حالة علمانيتها لا في حالة دينيتها. العلمانيون قالوا : "انصر أخاك ظالما أو مظلوما", جاء الدين فقال انصر أخاك المظلوم والظالم برده عن الظلم وليس بإعانته عليه كما في الحديث, الأمثال تقول: "أنا وأخي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب", والدين يقول كونوا مع الصادقين وينهى عن التعصب لغير الحق.
الواقع لا يأتي بأخلاق بل بقسوة, والسياسة والتجارة وهما قمة الواقع لا يأتيان إلا بالقسوة وليس بالأخلاق. حتى الأخلاق العلمانية مثل إكرام الضيف وحماية الجار أو اهتمام بالمواعيد غذتها المصالح وليست الأخلاق, فانتشر خلق الكرم عند العرب بسبب أنهم في صحراء مجدبة لكن لم ينتشر في أوروبا بنفس الدرجة لقلة المجاعة, وكذلك نصرة الجار لأنهم عبارة عن قبائل وأحلاف تتجاور مع بعضها وتحتاج للكثرة, وأخلاق العمل والانضباطية في الغرب سببها المصلحة ودقة الأنظمة وتسريح العمال. العلمانية إذا أنتجت أخلاق فهو بسبب المصلحة ويدل على ذلك انتشار نوع من الأخلاق في بعض البيئات وغيابها أو ضعفها في بيئات أخرى.

العلمانية قد تنتج آداب وسلوكيات إتيكيت لكن لا تنتج أخلاق, فمثلا عند العرب من الآداب ألا يطيل الضيف في الأكل لأن هناك من سيأكل بعدك, لكن عند الفرنسيين من الأدب أن يطيل لأن سرعة قيامه تدل على أن الطعام لم يعجبه.
العلمانية هي الجاهلية, لأن العلم هو في الأخير أخلاق, قال صلى الله عليه وسلم: (إنما بعث لأتمم مكارم الأخلاق). وهكذا تسقط حجة الملاحدة والعلمانيين بأن الأخلاق ليست مرتبطة بالدين.
فهم الدين وغاياته
سبب كثرة الاختلاف بين فقهاء الإسلام هو التمسك والتركيز على النصوص وإهمال الحكمة والغاية من الدين, أي مشكلتهم هي عدم فهم الدين, فهم يعرفون أجزاءه ولا يعرفون كيف يصفون الدين ككل. الدين لقوم يعقلون, فلابد أن يحددوا بالضبط ما هدف الدين وغايته, فرغم كثرة دراستهم لتفاصيل النصوص إلا أنهم لم يستطيعوا أن يحددوا هل الإسلام أخلاقي أم لا, وهل هو منطقي لا. فالدين لماذا جاء؟ هل لأجل المصالح أم لأجل الحق والخير؟ أم مرة هذا ومرة ذاك؟ مرة يكون أخلاقي ومرة يكون نفعي, مرة يكون منطقي ومرة لا يكون منطقي! هل جاء الدين ليجمع المسلمين أم ليفرق المسلمين؟ هل الهدف تجميع المسلمين أم تفريقهم واختيار طائفة واحدة ناجية؟ هل الأخلاق أهم أم العقيدة أهم؟ هل الدين نقلي أم عقلي؟ هل سيدخل النار من سرق أو زنا أو قتل و إذا قال لا إله إلا الله كفته ودخل الجنة؟ دون اهتمام بهذه القيم التي انتهكها التي أجمع كل شعوب الأرض على سوئها, هل ستكفيه هذه الجملة القولية مع أنه يخالف مضمونها؟ هناك اهتمام بالنظرة الخاصة لقضية معينة لكن النظرة العامة هي التي تعاني من عدم الوضوح.

التركيز على مصلحة الناس في الدنيا وجعلها الهدف الأول هذه هي العلمانية وهي التي يدور حولها أكثر الفقهاء, هم لم يقطعوا أن الدين أخلاقي بالكامل او منطقي بالكامل لكن قطعوا أنه مصلحي بالكامل! وأنه ما جاء إلا لرعاية مصالح العباد في الدنيا والآخرة حسب الزمان الذي هم فيه, وهذه هي العلمانية بالضبط جاءت لرعاية مصالح الناس حسب المكان والزمان الذي هم فيه. النص عند الفقهاء ممكن أن يُترك أحيانا والمنطق ممكن أن يُترك والأخلاق ممكن أن تُترك لكن المصلحة لا يمكن أن تُترك! أليست هذه العلمانية؟! والمصالح ليست دائما متماشية مع المنطق والأخلاق فرعاية المصالح تقتضي أحيانا أن يداس على المنطق والأخلاق, قال تعالى: {وبالحق أنزلناه وبالحق نزل} ولم يقل بالمصلحة نزل, وقال عن يوم القيامة: { والوزن يومئذ الحق } وليس المصلحة. وكيف ستدخل الأمة الجنة هل ستدخل برعايتها لمصالحها في الدنيا؟ كل الأمم تهتم بمصالحها! كل مصلحة تتعارض مع الحق ومع الأخلاق هي باطلة.
من يقول أن الإسلام غايته رعاية المصالح هو الآن علمن الدين, فالدين يجعل المسلم يضحي بماله وربما بنفسه لأجل الله فكيف تكون غايته رعاية المصالح فقط؟ المصالح هي هم العلماني الليبرالي, أما المسلم فهمه الأخلاق والقيم, والمصالح سترعاها الأخلاق وليست هي الهدف من الإسلام, قال تعالى:{كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} ولم يقل تحرصون على مصالحكم, بل إن القرآن أمر بالتضحية بالمصالح في سبيل الله وليس أكبر من التضحية بالمال والنفس.
هذه مشكلة كبيرة في الفقه الإسلامي يجب أن ينتبه لها الفقهاء والمفكرون, أن الدين غاياته غير واضحة بموجب الطرح السائد, ومنهج الدراسة فيه أيضا غير محدد فمرة عقلي ومرة نقلي, ومرة منطقي ومرة غير منطقي, مرة أخلاقي ومرة غير أخلاقي, مرة للأخلاق قيمة ومرة لا يكون لها قيمة, ومرة يقال عن الأخلاق أنها ثابتة ومرة يقال أنها متغيرة, ومرة اجتهاد ومرة اتباع للنصوص, وكل زمان له فتوى وكل بلد له فتوى, مع أن الدين واحد وثابت. إدخال المصلحة في الدين هو الذي سبب هذا التحرك مثلما أن العلمانية متحركة وتجمع التناقضات وتستعملها حسب المصالح. لأن الدين مستقيم يجب أن يكون المنهج إليه مستقيم أيضا لا عوج فيه ولا تناقض. لو توضحت غايات الدين لسهل التعامل مع كثير من المشاكل الفقهية.

علمانيو الجاهلية وعلمانيو الآن
يقول القران الكريم عن عرب الجاهلية : (وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ) ، والعلمانية مأخوذة من العالَم، أي العالم المُعاش ، أي الدنيا ، ولا شأن لها بغير الدنيا.

أكثر العرب الجاهليين كانوا بدوا رُحَّلاً ، وبالتالي ليست معهم أصنام يحملونها، و كانت مصلحة القبيلة هي فوق كل اعتبار، بل فوق أخلاق العدل والمساواة، و يفتخرون بأنهم يظلمون غيرهم، وصراعاتهم كانت تدور حول الكسب والتعصب، و هُما مُحرِّكَي العلمانية : المصلحة والقومية (او الوطنية) ، ولا يحكمهم قانون إلهي خارج عنهم، بل حتى أصنامهم سخَّروها لما يريدون كرموز للتعصب.

بمعنى ان الدين لم يكن يفرض عليهم أو يتدخل بحياتهم، فلما جاء الإسلام الذي يتدخل بالحياة، رفضه علمانيو الجاهلية مثلما رفضه علمانيو الآن، من هنا فالعلمانيون القدماء والمتأخرين يتفقون في عدم الإيمان بالآخرة، وأن الاهتمام منصبٌّ على الدنيا فقط، وعلى عدم تدخل الدين في الحياة، وأن القوة والعزة والثروة هي شي صالح، بغض النظر عن طريق الوصول إليه، فالوصول يبرر الطريق، وهذا لأن الثوابت محكومة وليست مُتحَكِّمة. وكان عرب الجاهلية مع القوي بدون السؤال من أين جاءته هذه القوة، مثلما تفعل العلمانية اليوم، مع فارق لصالح الجاهليين؛ وهو وجود بعض القيم الأخلاقية التي تكبح من جماح علمانيتهم بعض الشيء، كأخلاق الحرب وقوانين الكرم والجوار والمروءة. والتي لا تعترف بها علمانية اليوم إلا اذا كان بها مصلحة. أما عرب الجاهلية فكانوا يعترفون بها ولو كانت ضد مصلحتهم.
طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى