مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

*يوسف سلمان يوسف "فهد" 1901 ـ 1949 مؤسس الحزب الشيوعي العراقي

اذهب الى الأسفل

*يوسف سلمان يوسف "فهد" 1901 ـ 1949 مؤسس الحزب الشيوعي العراقي Empty *يوسف سلمان يوسف "فهد" 1901 ـ 1949 مؤسس الحزب الشيوعي العراقي

مُساهمة  طارق فتحي السبت يونيو 07, 2014 6:11 pm

يوسف سلمان يوسف "فهد" 1901 ـ 1949 مؤسس الحزب الشيوعي العراقي
مُساهمة طارق فتحي في الأربعاء 14 نوفمبر 2012 - 6:08

يوسف سلمان يوسف كما يعرف غالباً باسمه الحركي( فهد) هو أحد أول الناشطين السياسيين للحركة الوطنية والتيار الماركسي في العراق كما يعتبر من المؤسسين للحزب الشيوعي العراقي . و أصبح بإعدامه هو واثنان من رفاقه القادة في الحزب أوائل السياسيين الذين اعدموا في العراق من قبل النظام الملكي انذاك وبضغوط بريطانية حيث كان الصراع على اشده بين النظام الأشتراكي الناشيء في العالم وبين الغرب الرأسمالي الأستعماري الذي رأى في الشيوعية خطرا كبيرا عليه فكان يبذل الجهود والأموال لمحاربتها والدعاية ضدها ..

ولد يوسف سلمان يوسف ( فهد) في بغداد في 8-7-1901 وقيل أيضا ولد في قرية ( برطلة ) من اعمال محافظة نينوى من عائلة كادحة . وعائلته ( السريانية ) كانت تهتم بتربية اطفالها وتعليمهم . وعند بلوغه السابعة انتقلت عائلته طلبا للعمل الى البصرة وادخل مدرسة السريان الابتدائيه وبعد تخرجه منها دخل مدرسة ( الرجاء العالي ) الامريكيه هناك أيضا .
وبعد سنتين اضطر الى ترك الدراسه بسبب مرض والده وسوء الاوضاع الاقتصاديه للعائلة, وفي عام 1916 اضطر للعمل في معمل صغير للثلج يعود لأخيه في الناصريه . وعاد ثانية الى البصرة ليعمل كاتبا في ادارة توزيع الكهرباء في الميناء , وتعرف على احوال العمال وظروفهم .
ويروي شقيقه " داود سلمان يوسف" احد قادة الأضراب الذي اعلنه عمال المسفن " الدوكيارد" في البصرة صيف 1918 في حديثه للكاتب والباحث عزيز سباهي وهو كاتب ومناضل شيوعي مرموق الذي وضع مؤلفا عن تأريخ الحزب الشيوعي وكان الأثنان معتقلين في معتقل ابو غريب عام 1949 , أن فهد ا وكان وقتذاك شابا يافعا قام بصياغة وكتابة العريضة التي قدمها العمال لأدارة المسفن .

ثم انتقل فهد للناصرية واشتغل عاملا في معمل الثلج والطحين العائد لأخيه , وفتح مكتبة في الناصرية لبيع الكتب والصحف بالأشتراك مع " مهدي وفي " .
تعرف فهد على الأفكار الشيوعية خلال فترة عمله في الناصرية، حيث عمل مع ورفاقه الأوائل في تشكيل أولى الحلقات الشيوعية في الناصرية وغيرها من مدن العراق،

وتعتبر مدينة الناصرية (تأسست في منتصف القرن الثامن عشر ) ( محافظة ذي قار )على ارض حضارة سومر وبجوار اور العريقة بتلك الحضارة تعتبر مدينة عريقة بنهضتها الفكرية والثقافية فهي المدينة التي شهدت الكثير من معالم هذه النهضة ففيها نشأ اول مسرح وأول دار سينما وأول حزب سياسي وكانت معروفة بأنفتاحها الأجتماعي والفكري , وليس مصادفة ان اغلب الأحزاب السياسية الرئيسة نشأت فيها وأعلب قادتها عملوا فيها او ظهروا منها .

ومن الناصرية ظهر مايزيد عن ألف شخصية سياسية وحزبية وعسكرية مرموقة في تأريخ العراق فهي عاصمة ( المنتفك) وقلعة عشائر المنتفق المناهضة للحكم العثماني ومن ثم البريطاني . كما شهدت التاصرية وسوق الشيوخ انتفاضات عديدة ضد الأستبداد , وتجدر الأشارة الى ان اغلب فناني الغناء والموسيقة والفن التشكيلي والمسرح والتلفزيون العراقي ظهروا منها وأنتقل اغلبهم الى بغداد لكنهم في النهاية عادوا اليها . وتميزت الناصرية وضواحيها مثل سوق الشيوخ والشطرة وغيرها بنضالاتها الوطنية وبرجالها وشيوخها ومثقفيها ونسائها الوطنيات وماتزال تضم رغم تغيير الظروف أجيالا ناهضة من الأدباء والشعراء والمثقفين وصفوة المتعلمين فيها من اساتذة واطباء ومهندسين يجدون في تاريخ مدينتهم زادا تأريخيا ومدادا يعتزون به .

من هذا نفهم كيف ان (الناصرية ) التي انتقل اليها يوسف سلمان يوسف ( فهد) . لاتقل عن البصرة ( ثغر العراق ) وطنية ونضالا وأجواء تساعد على نمو الأفكار الوطنية حيث تجد الدعم من المجتمع .وساعدته على نشر افكاره الوطنية هو ورفاقه الأخرين .
وكان لفهد الدور البارز في لم شمل هذه الحلقات المنتشرة في بغداد والبصره والناصرية وغيرها من المدن لتصبح القاعدة العريضة التي قام عليها الحزب الشيوعي العراقي حين تأسيسه في 31 أذار 1934.

شارك فهد في قيادة الحزب الشيوعي العراقي وفي عام 1938 ذهب إلى الإتحاد السوفيتي للدراسة في معهد كادحي الشرق وبعد إكمال دراسته عاد إلى العراق وتسلم قيادة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي وكان له الدور الرئيسي في الإعداد للمؤتمر الوطني الأول للحزب الشيوعي العراقي والذي تم فيه إعداد النظام الداخلي والبرنامج الخاص بالحزب.
ولكن قبل ذلك تجدر االأشارة الى بعض المحطات السياسية الرئيسية في حياة ومسيرة هذه الشخصية الوطنية العراقية وفي مسيرة الحزب الشيوعي العراقي . ,

في مطلع العشرينات انتمى فهد الى اول حزب وطني شعبي تأسس في العراق ( الحزب الوطني العراقي ) واصبح مساعد رئيس فرع هذا الحزب في لواء الناصريه . فكان وهو يمزج النضال الوطني بالنضال الطبقي يحس بعدم فاعلية اساليب النضال السائده آنذاك, فأنكب على مطالعة الكتب المتوفرة مثل ( البيان الشيوعي , مالعمل , الدولة والثورة ) ومراسلة الصحف البغدادية ( الشباب 1929 ) وكان وكيلها في البصرة ويتولى توزيعها و (البلاد 1929) ( , نداء العمال 1931 ),( الأهالي 1932 ) وهي من الصحف الصادرة انذاك .

حتى اهتدى الى الماركسيه كنظرية ثورية انسانية تلهم الوطنيين العراقيين الدليل على العمل السياسي الجاد من خلال مطالعاته عنها في الكتب والمطبوعات المتوفرة أنذاك . وكان فهد يجيد اللغات العربية والكلدانية والأنكليزية والروسية , ومعرفته لهذه اللغات مكنته من تتبع الأحداث الدولية عبر الصحافة الأجنبية .
آمن فهد بالنظرية الماركسيه فوجد فيها السلاح لمقاومة الظلم والاستغلال وتحقيق العدالة الاجتماعية .
وفي غمرة كفاحه الوطني التقى بامثاله من رواد الحركة الشيوعيه في العراق وأسس اولى الخلايا الشيوعية في البصرة والناصرية عام 1929 بين صفوف العمال والفلاحين وكانت اولى الخلايا الماركسيه التي تربط النظرية بالعمل وتساند الحزب الوطني العراقي الذي كان يترأسه الشخصية الوطنية البارزة "( محمد جعفر ابو التمن) حيث اصبح اليساريون الماركسيون امثال فهد انذاك يجدون في هذا الحزب الوطني المجال العلني لنشاطهم السياسي .

ومن اجل تطوير معارفه عن البلدان العربية قام فهد بجولة في عدة اقطار عربية ( الكويت . سوريا ولبنان , فلسطين وشرق الأردن ) عام 1930 ونشر مقالاته عنها في جريدة ـ البلاد ـ
وكان وقتها يرغب بالسفر الى الاتحاد السوفيتي حيث حاول الاتصال بالحزب الشيوعي الفلسطيني خلال زيارته لفلسطين لكنه لم ينجح . هذا مع العلم انه سبق وان حاول السفر الى الاتحاد السوفيتي في عام 1929 حيث سافر الى ايران واتصل بالقنصلية السوفيتية في شيراز من اجل السماح له بالسفر لكنه لم يتمكن لعدم حصوله على الفيزا .
بعد إعلان المعاهدة العراقية ـ البريطانية الرابعة والتي تم توقيعها في 30 حزيران 1930 وعرفت بمعاهدة 1930 , تزايدت النشاطات الجماهيرية المناهضة للمعاهدة , والمطالبة بالأستقلال , مما دعى فهد للعودة الى العراق ليكون في قلب الأحداث , حيث شارك في المؤتمر الوطني الذي تم عقده في 5 كانون الثاني 1931 , حسب ما ذكره شقيقه داود لعزيز سباهي , حيث سعى لعقده حزبا " الأخاء الوطني " و " الحزب الوطني العراقي " وقد شارك في هذا المؤتمر ممثلون عن العشائر وعدد من الشخصيات البارزة , إضافة الى ممثلي الحزبين وشخصيات غير حزبية , واسفر عن توقيع مذكرة تطالب بتعديل المعاهدة واسقاط الوزارة وحل المجلس النيابي .

قاد يوسف سلمان يوسف (فهد) الاضراب العام في الناصرية عام 1931 والذي قتل فيه ( حسن عياش ) صديق ورفيق فهد .
في مساء 13 كانون الأول عام 1932 اصدر فهد اول بيان يحمل شعار المطرقة والمنجل , ويا عمال العالم اتحدوا, ويعيش اتحاد جمهوريات عمال وفلاحي البلاد العربية , ووقعها بأسم " عامل شيوعي " وتم تعليق البيان في 18 مكانا في الناصرية .

عندها أنزعجت الدوائر الحكومية من نشاطه فأشتكته السلطات الأمنية قبل ان تعتقله الى زعيم الحزب الوطني " ابو التمن " بأن مساعد رئيس فرع الحزب في الناصريه (هدام ) فأجابهم ابو التمن : ( بل انه بناء يحاول ان يبني مع الفلاحين والضعفاء حياة سعيدة للناس وانني اعضده بما املك من طاقة ( .
في 20 شباط 1933 تم اعتقال فهد في الناصرية وكان اول عراقي يدافع عن الشيوعية ويعترف بأنه شيوعي امام المحاكم حيث اعلن بالمحكمة بكل ثبات " انا شيوعي وهذا معتقدي "
واطلق سراحه بتدخل من الزعيم جعفر ابو التمن .
كان فهد دائم الاتصال بمنظمي الحلقات الماركسية في بغداد والمدن الاخرى .ونشط كثيرا في تعريف شيوعي بغداد وتوثيق روابطهم بشيوعي الناصرية والبصرة والديوانية والعمارة والنجف , وتم تأسيس الحزب الشيوعي العراقي بتوحيد جميع تلك الحلقات في تنظيم مركزي , في 31 – آ ذار - 1934 ) وتم انتخابه عضوا في اللجنه المركزية للحزب .

في كانون الأول 1934 ارسله الحزب الى موسكو للدراسة وهناك التقى برفيقة حياته وتزوج واثمر هذا الزواج عن بنت اسمها " سوزان " . زوجته كانت شيوعية وظلت حتى آخر حياتها تنتخب عضوة في المجلس الشعبي لمنطقتها . وابنته سوزان زارت العراق " الناصريه " مرة واحدة في السبعينات .
شارك فهد في المؤتمر السابع للكومنترن " الاحزاب الشيوعية العالمية " الذي انعقد بين تموز وآب 1935 بصفة مراقب . وشارك ايضا في مؤتمر الأتحاد العالمي للنقابات العمالية الذي انعقد في موسكو عام 1935 . وانهى دراسته في مدرسة " كادحي الشرق " بتفوق حيث انهاها بسنتين بدلا من ثلاث سنوات .

سافر بعدها الى فرنسا وبلجيكا للتدريب على النضال الثوري الشيوعي بين صفوف عمال المناجم هناك وكان يدعى هناك بأسم " فردريك"
.وعند نشوب الحرب الأهلية الأسبانية ابدى رغبته في التطوع في الفيلق الأممي لأسناد الجمهورية الأسبانية لكن طلبه رفض للحاجة له في مهمة إعادة بناء الحزب في العراق .
في 30 كانون الثاني 1938 عاد فهد الى العراق ,بعد غياب ثلاث سنوات بين الدراسة في موسكو ومن جولته في بعض المدن الأوربية , فوجد الحزب قد تعرض لضربة قوية من قبل السلطات الحكومية , حيث نجحت السلطات في إعتقال قادة الحزب ومعظم كوادره , وانسحاب البعض من الحزب وظن مناهضو الشيوعية , انه تم القضاء نهائيا على الحركة الشيوعية في العراق , وان الحزب لن تقوم له قائمة بعد ذلك .
و كما قال الباحث الأستاذ حنا بطاطو المعروف بتوثيقه للحركات السياسية في العراق ومنها الحزب الشيوعي " ان الميل للشيوعية بدا ميلا لا مرد له , فما ان يقطع في مكان ما , حتى ينبع فجأة في مكان آخر"

وامضى فهد الأشهر الستة من عودته متنقلا في البلاد بغية التعرف بنفسه على الأوضاع الأجتماعية والسياسية ودراستها والتعرف بنفسه على وضع الحركة الوطنية , وظل يتنقل بين البصرة والناصرية وبغداد والألوية والقضية الأخرى , ويلتقي بمن سلم من الشيوعيين القدامى من اعتقال البوليس ,واستخدم خلال هذه الفترة اسما حركيا هو ( سعيد ) .
فوجد الحزب الوليد مهشما , مبتليا بالفوضى التنظيمية , يسوده عدم الأنضباط الحزبي , فأهتم أول ما اهتم بأعادة بنائه مجددا وفق الأسس اللينينية التي تعلمها والخبرة التي اكتسبها , واستطاع أن يعيد بناء الحزب هو ومن معه من رفاقه بما يؤهله للظهور العلني في الشارع السياسي بقوة جيدة .

وفي عام 1939 خرج الحزب للجماهير ثانية كمنظمة سياسية للطبقة العاملة العراقية واصدر في تشرين الأول 1939 منشورا للشعب محددا فيه مطاليب الشعب ومن بينها حقه في تأليف النقابات العمالية والأحزاب السياسية , ثم اصدر جريدة الحزب " الشرارة " في كانون الأول عام 1940,
وتشكلت لجنة مركزية للحزب في كانون الثاني 1941 من : ( يوسف سلمان , عبدالله مسعود القريني , وديع طليا , جورج يوسف , نعيم طويق , حسين طه )

وبعد مرور تسعة أشهر , في تشرين الثاني 1941 تشكلت لجنة مركزية جديدة ضمت Sad يوسف سلمان , عبدالله مسعود القريني , صفاء الدين مصطفى , حسين محمد الشبيبي , وديع طليا , نعيم طويق , داود الصائغ , ذوالنون أيوب , امينة الرحال , زكي بسيم )
وانتخبت اللجنة المركزية فهد سكرتيرا عاما لها .
وفي مطلع عام 1942 كان الحزب بقيادة فهد وراء تقديم عدد من الشباب الديمقراطي طلبا لتأسيس حزب ( الوحدة الوطنية الديمقراطي ) وقد نشر برنامجه في جريدة الشرارة في شباط 1942 , ولكن الحكومة لم توافق على إجازته .

وفي الأسبوع الأول من تشرين الثاني عام 1942 سافر يوسف سلمان يوسف " فهد" الى موسكو للمشاركة في اجتماع ممثلي الاحزاب الشيوعية واثناء غيابه حصل انشقاق في الحزب واستولى المنشقون على مطبعة الحزب وجريدته . فأصدر الحزب في شباط 1943 جريدة ـ القاعدة ـ واسموها بالقاعدة تثمينا لدور قاعدة الحزب في انقاذ حزبها والمحافظة عليه وان القاعدة هي التي تشكل قلب الحزب وجوهره .كما جاء في صفحتها الأولى

في منتصف نيسان 1943 عاد فهد للعراق , واتجه بقوة نحو تعزيز قاعدة الحزب العمالية والعناية بوجه خاص بالكادر العمالي الذي اثبت تمسكه بخط الحزب , وشن حملة على الأنتهازية من على صفحات جريدة القاعدة كاشفا عن جذرها الطبقي والعوامل التي تدفعها الى التحرك ضد الحزب والأنشقاق عليه .

في آذارعام 1944 عقد الحزب كونفرنسه ( المجلس الحزبي العام ) الأول في بيت العامل النقابي علي شكر الواقع في منطقة الشيخ عمر في بغداد , والذي حضره " 18 رفيقا " يشكلون اعضاء اللجنة المركزية ومندوبي لجان الفروع واللجان الحزبية , وقدم فهد فيه التقرير السياسي الذي حلل فيه بشكل عام الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في العراق لتلك الفترة فضلا عن الوضع العالمي وقدم كذلك " الميثاق الوطني " الذي شخص فيه الاهداف الوطنية للحزب والشعب والتي ما زالت تحتفظ بحيويتها حتى الآن , على سبيل المثال :
1ـ نناضل من اجل سيادتنا الوطنية ( استقلال حقيقي للبلاد)
2ـ نناضل لأيجاد حكومة تعمل لمصلحة الشعب , ونظام ديمقراطي
3 ـ الحقوق النقابية والصمان الأجتماعي للعمال ,
في آذار عام 1945 عقد المؤتمر الوطني الاول للحزب الشيوعي العراقي في احدى بيوت اصدقاء الحزب في منطقة الكرخ في بغداد والذي حضره " 27 رفيق " يمثلون اللجنة المركزية وقادة الفروع والذي تم فيه تقديم التقرير التنظيمي والنظام الداخلي للحزب وقد وضع فهد فيه كل خبرته وما درسه وتعلمه , إضافة الى تقديم مفاهيم عن تقاليد وقيم مفيدة للعمل السياسي الحزبي , جعلت الحزب الشيوعي انذاك يخطو خطوات جيدة تنظيميا وسياسيا جعلته ينمو جماهيريا ويحظى باقبال لللآنتماء اليه .
وأنتخب المؤتمر لجنة مركزية , وانتخب فهد سكرتيرا عاما للحزب والمكتب السياسي , وتركزت اعمال المؤتمر حول التنظيم , وسمي بـ " مؤتمر التنظيم " وعقد المؤتمر تحت شعار " قووا تنظيم حزبكم , قووا تنظيم الحركة الوطنية " ,حيث اصبح التركيز على اعادة بناء الحزب والفادة من الزخم المؤيد له في اوساط العمال والفلاحين والفقراء .
وكذلك ناقش المؤتمر التقرير السياسي الذي أعده فهد بعنوان " حول الوضع العالمي والداخلي
في عام 1945 وبدفع من الحزب وقيادة فهد تم تشكيل ( عصبة مكافحة الصهيونية ) لمواجهة المد اليهودي الصهيوني ودعما لفلسطين . وقدمت العصبة التي ضمت عراقيين من جميع الأديان بما فيهم اليهود المناهضين للصهيونية طلبها للأجازة في 12 أيلول 1945 , وتميزت بدور هام في النشاط السياسي العراقي آنذاك واصدار جريدتها "العصبة"
وكتب فهد معظم افتتاحيات جريدة العصبة .

قاد فهد مباشرة اول انتفاضة شعبية في بغداد حيث اندلعت في 28 حزيران 1946 مظاهرة صاخبة , شارك فيها حوالي " 3000 متظاهر " دشن من خلالها المناضلون الأوائل خوض التظاهرات العلنية المكشوفة مع قوات الأمن دفاعا عن الحريات الديمقراطية في العراق واحتجاجا على الأعمال الاجرامية في فلسطين وتأييد شعب مصر الشقيق في نضاله الوطني من اجل الجلاء والتخلص من الأستعمار البريطاني .
وهنا لابد من الأشارة الى الدعاية المضادة التي روج لها خصوم الحزب الشيوعي العراقي بدوافع شتى حيث اتهموه بانه عمل ضد القضية الفلسطينية وهو اتهام اريد منه اسقاط شعبية هذا الحزب . غير ان التأريخ اثبت ان ماطرحه الشيوعيون العراقيون خلال 80 عاما كان افضل بكثير وأكثر وطنية من المشاريع التي تداولتها الأنظمة والأحزاب الحاكمة الأخرى حول فلسطين وأثبتت الوقائع صحة شعارات الحزب الشيوعي باقامة دولة فلسطينية ديموقراطيةمدنية تضم كل القوميات والأديان وليس دولة صهيونية ..

وأحدثت انتفاضة حزيران 1946 التي تصدت لها شرطة العهد الملكي بالهراوات والسلاح واستشهد فيها خمسة متظاهرون كان احدهم عضوا في الحزب هو الشهيد شاؤول طويق , أحدثت هزة سياسية وفتحت الطريق لللآنتفاضات القادمة واصبح الشارع يشهد ظهور المظاهرات الشعبية بين فترة قصيرة وأخرى وبات الحزب الشيوعي العراقي مرجلا سياسيا لحركة الشارع انذاك . فيما اصبحت السلطات تشعر ان الحزب الشيوعي العراقي بات خصمها الأول .
وتحت تأثير النهوض الثوري العالمي بالأنتصار على الفاشية واندحار قوات هتلر وميل العالم انذاك نحو الحقوق الديموقراطية عمت العراق بتاثير ذلك موجة من النهوض الثوري , جعلت الحزب الشيوعي يتصدرها ويعمل بقيادة " فهد " على توجيهها نحو اهداف التحرر والديمقراطية وشجع الأحزاب الوطنية على النشاط الشرعي واستثمر جميع الأمكانيات السرية والعلنية لنشر الوعي والتثقيف بأهم القضايا الوطنية . وعقد تحالفات وطنية مهمة فيما بدأت خلاياه وقواعدة تنتشر في الريف واحياء الفقراء .

وحسب أراء العديد من الباحثين والمؤرخين فان قيادة يوسف سلمان ورفاقه الأوائل الذين تكاتفوا معه حولت الحزب الشيوعي العراقي في الفترة بين 1941ـ 1947 الى قوة سياسية متماسكة وفعالة وبنى له قاعدة جماهيرية ,واصبح حزبا يتصدر نضالات الشعب العراقي .
وكانت جريدة القاعدة تطبع " 3000 " نسخة وهو رفم كبير انذاك .

وكتب بهجت العطية مدير الأمن العام آنذاك تقريرا في نيسان 1949 اشار فيه الى ان : (( العقائد الشيوعية انتشرت انتشارا واسعا في المدن الكبيرة , الى درجة ان الحزب الشيوعي اجتذب اليه في أيامه الأخيرة ما يقرب من 50% من شباب الطبقات كافة , ووجدت الشيوعية طريقها كذلك الى السجون التي صار لها لفترة من الزمن مظهر مؤسسات تعليمية شيوعية ) )
وفي ليلة 18-1-1947 تم اعتقاله يوسف سلمان يوسف " فهد " ورفيقه في اللجنة المركزية زكي بسيم الملقب بحازم وحسين الشبيبي الملقب ب" صارم "وعزيز عبدالهادي , في بيت ابراهيم ناجي شميل الواقع في محلة الصالحية في منطقة الكرخ في بغداد , والذي كان على بعد رمية حجر من مقر الأقامة الخاص بوزير الداخلية .

وكان فهد على موعد للأجتماع بالشخصية الوطنية سعد صالح زعيم حزب الأحرار , حيث أتجه فهد انذاك الى تحالفات وطنية والى عدم الأحتراس في التحرك السري والتردد على بيوت عديدة لشخصيات وطنية ورفاق له . , وذلك من اجل تدارك الأوضاع التي تعرضت لها الحركة الوطنية
, لأن الخلافات الحادة التي نشبت بين القوى الوطنية والحاجة الى رأب الصدع بين هذه القوى وفضح ما يبيته الحكم قد تطلبت نشاطا مكثفا من جانب الحزب الشيوعي وقائده بالذات .
اخذ فهد ورفاقه اولا الى المقر الرئيسي لمديرية الأستخبارات في مركز بغداد , وبعد فشل
سلسلة من التحقيقات , معه ومع رفاقه , ثم عمدت السلطات الى نقلهم الى سجن أبي غريب العسكري , وكان اعتقال فهد نكسة وخسارة وطنية حقيقية تركت آثارها ليس على الحزب الشيوعي العراقي فقط بل وعلى عموم الحركة الوطنية . وتمت محاكمته في آيار 1947 مع (35) من قيادي الحزب و كانت محاكمته بمنزلة واقعة جلية رائعة للدفاع عن المبادي الوطنية وحقوق الشعب العراقي و للدفاع عن الشيوعية وأهدافها الأنسانية وعن الشيوعيين العراقيين واستطاع فهد بدفاعه المتين عن الشيوعية والحزب الشيوعي العراقي ان يجعل الخصم في موقع الاتهام ,كذلك رد على تلك الأتهامات التي ظلت تتهم الشيوعيين بانهم ضد الدين فيما اثبتوا انهم من أكثر الناس دفاعا عن الدين والأديان والقوميات المستضعفة .

ونشرت الصحف فقرات من دفاعه , واصبحت موضع تلهف الجماهير لللأطلاع عليها , فمثلا بيعت جريدة " الرائد "التي نشرت دفاع فهد في المحكمة بـ " 250 " فلسا في وقت كان ثمن النسخة الواحدة من الجريدة آنذاك عشرة فلوس فقط .

وكان دفاع فهد ورفاقه في قاعة المحكمة دفاعا عن الحركة الوطنية وفضحا لخيانة اعداء الشعب . مما دفع الحكومة الى تحويل المحاكمة الى جلسات مغلقة ومنعت نشر مايجري فيها . ورغم ذلك ظلت اقواله واقوال رفاقه ودفاعاتهم تتسرب للناس .
في 24-6-1947 تم الحكم عليه بالاعدام . وبسبب حملات الاحتجاج العالمية اضطرت حكومة صالح جبر أنذاك ابدال حكم الاعدام بالسجن المؤبد .ولم يريح هذا القرار الأوساط البريطانية انذاك .
في13-7 -1947وفي اليوم التالي تم نقله الى سجن بغداد المركزي , وفي ليلة 14-15 آب 1947 تم نقله الى سجن الكوت , وهناك حول فهد السجن الى مدرسة او معهد ثقافي ثوري وكان يقود الحزب وهو في السجن من خلال الرسائل التي كانت تكتب بماء البصل للمنظمات بالخارج .
تزايد الأستياء بين اوساط الشعب ضد المعاهدة البريطانية وتصاعد نظال الجماهير المطالبين باوضاع معاشية افضل . وجراء هذا النهوض الشعبي اندلعت انتفاضة جديدة , اطلق عليها انذاك اسم وثبة كانون1948التي اجبرت الحكومة على الغاء المعاهدة مع بريطانية , وتم حل الوزارة ومجيء حكومة نوري السعيد .

وتصاعد التوتر العالمي وفي 6-1-1949اصبح نوري السعيد المعروف بعدائه للشيوعية رئيسا للوزراء واعلنت حالة الطوارئ والاحكام العرفية تحت ذريعة حماية مؤخرة الجيش في فلسطين واعلن نوري السعيد في البرلمان ان هدف حكومته ( ان تصفي الحساب مع الشيوعيين وتكافح الشيوعية حتى نفسها الأخير في البلاد ).على حد قوله في كلمته حيث اصبحت الحكومة تشعر ان وراء كل تلك المظاهرات يقف الحزب الشيوعي وأن قيادة الحزب تدير الحركة السياسية للحزب من وراء القضبان . مما جعل الحكومة بناء على هذه القناعة تتهم فهد ورفاقة من جديد بتهم جرت محاكمتهم عليها .

واعادت حكومة نوري السعيد محاكمة زعيم الحزب الشيوعي العراقي فهد ورفاقه , وحكمت عليه المحكمة بالأعدام وتم تنفيذ حكم الأعدام قبل اعلانه للناس حيث كانت تخشى الحكومة من اندلاع مظاهرات تعرقل تنفيذ الأعدام الذي تقرر على اعلى المستويات وبدفع واصرار من السفارة البريطانية التي اعتبرت ذلك جزءا من مشروعها في مكافحة الشيوعية في العراق وفي المنطقة .
وتم الأعدام يوم 14 شباط 1949 حوالي الساعة الرابعة والنصف من فجر ذلك اليوم .
ومازال الحزب الشيوعي العراقي يحتفل في 14 شباط من كل عام بيوم الشهيد العراقي . حيث ان مصادفات الأقدار ايضا ان يقوم في العراق انقلاب دموي فاشي بقيادة حزب البعث في شباط عام 1963 فيتم اعدام وقتل الآلاف من الشيوعيين ويتم في 14 شباط ايضا من ذلك العام اعدام قادة الحزب الشيوعي العراقي وفي مقدمتهم زعيم الحزب انذاك سلام عادل ومحمد حسين ابو العيس وغيرهم.

وكان التأريخ السياسي للحكومات الدكتاتورية في العراق يعيد نفسه دائما بالتنكيل بالحزب الشيوعي العراقي واعدام قادته لأن تلك الحكومات تدرك جيدا خطر الشيوعيين العراقيين عليهم وخطر تأريخهم الوطني الذي أمتد لثمانين عاما من النضال الوطني قدموا فيه ألاف الشهداء من أجل هذا الشعب الذي يتطلعون لحياة كريمة له .
ولقد اشرف السفير البريطاني بنفسه على محاكمة يوسف سلمان يوسف " فهد" ورفاقه وعلى تنفيذ احكم الأعدام بهم وقال : ( سوف لا تقوم قائمة للشيوعيين في العراق لعشر سنوات قادمة) لكن الشعب العراقي لم يمهله حتى اشهر قليلة فدفع من اوساطه زخما جديد لعودة الحزب الشيوعي الى الشارع .
ولقد ذكر الزعيم الوطني كامل الجادرجي ذلك في مذكراته.
ويقول الجادرجي كذلك في مذكراته :
( كان في حينه قد اخبرني صبيح ممتاز عندما كان يشغل مدير العدلية العامة بأن جمال بابان " وزير العدلية " استدعى ثلاثة حكام ممن حكموا فهد وجماعته بالأعدام ووزع عليهم مبلغ ( 800 ) دينار من المخصصات السرية كتشجيع . وقال صبيح في حينه انه نفسه الذي وزع المبلغ المذكور بحضور جمال بابان واضاف صبيح قائلا : ان جمال تدخل تدخلا فعليا في محكمة التمييز لحمل المحكمة على تصديق الحكم ) .

وكان اعدام فهد بمثابة اول حكم على عراقي يحكم بالأعدام لأنه شيوعي . وعند نقله من سجن الكوت الى بغداد قبل اعدامه قال لرفاقه وهو يودعهم :
( ايها الرفاق : قد لا نلتقي بعد , انتم مسؤولون عن التنظيم وصيانة جوهركم الثوري)
وعندما فتح باب الزنزانة واقتيد لتنفيذ الحكم قال لرفاقه :
( وداعا ايها الرفاق . صونوا حزبكم ). ( وداعا يا رفاقي وداعا ) وكررها ثلاث مرات .

وعندما ساله المسؤولون عن تنفيذ الحكم : من تريد رؤيته قبل الموت ؟ طلب فهد رؤية رفيقيه المحكومين بالأعدام ايضا زكي بسيم وحسين محمد الشبيبي وأخيه المعتقل داود سلمان الذي كان ايضا من المناضلين الشيوعيين الأوائل في مدينة الناصرية وإحدى قريباته , وارسل الى امه رسالة شفوية مع أخيه قائلا : (انك ستذهب اليها , فبلغها : ان يوسف قد عذبك كثيرا واتعبك , الا انه لم يكن ثمة طريق آخر سوى هذا الطريق , طريق النضال الوطني في سبيل التحرر من الأستعمار )
وقبل اعتلائه المشنقة قال قولته الشهيرة التي مازالت اجيال رفاقه في الحزب ترددها بعده :
(الشيوعية اقوى من الموت واعلى من اعواد المشانق)
وبعد ثورة 14 تموز عام 1958 التي اطاحت بالنظام الملكي في العراق تم رد الاعتبارلزعيم الحزب الشيوعي العراقي ورفاقه . . ففي 24/2/1959 اصدرت حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم قرارا بأعتبار الاعمال التي حكم بسببها فهد ورفاقه هي من اعمال الكفاح الوطني التي تستاهل التقدير واعتبارهم " شهداء الشعب "

وقد كان إعدام فهد ورفاقه " عملا ظالما خارجا عن القانون العراقي الذي كان ساري المفعول آنذاك جملة وتفصيلا " كما جاء في مقال للدكتور وليد عبدالخالق ابراهيم في جريدة المؤتمر ليوم 14 أيلول 2001 , مفندا التهم التي بموجبها صدر حكم الأعدام , " فتهمة الأتصال بالأجنبي التي وجهت الى فهد ورفاقه كان يمكن ان توجه الى كافة اعضاء النظام الملكي آنذاك" في اشارة لعلاقاتهم مع بريطانيا ومع منظمات سرية دولية .

وكذلك تهمة " التحريض على قلب الحكومة كان يمكن ان توجه الى كافة سياسي النظام الملكي , حيث كان يحوك كل منهم الدسائس والمؤامرات للأخر " أما تهمة التظاهر واعمال الشغب والأضطرابات والتمردات فكان يمكن ان " توجه الى اعضاء حزب الأستقلال وبقية احزاب المعارضة وكافة شيوخ العشائر " .
وقامت الحكومة الملكية بعد اعدام فهد ورفيقيه بالمكتب السياسي للحزب حسين الشبيبي وزكي بسيم بأعتقال كوادرالحزب الشيوعي , ومصادرة اجهزته الطباعية , وانتزاع الأعترافات من بعض كوادرة بالقوة وجعلها دليل للشرطة الجنائية , فكانت ضربة شديدة وقاسية للحزب الشيوعي وتنظيماته راحت السلطات انذاك تروج لها وتقول بان الحزب الشيوعي لن تقوم له قائنمة بعد ذلك , وان الشيوعية قد ماتت, لكن الحزب الشيوعي عاد لنشاطه وفاعليته \ بعد اقل من سنة . وعاد الحزب الشيوعي من جديد قويا وشارك في بناء الجبهة الوطنية عام 1954 ومهد في نضاله الوطني وبمشاركاته السياسية لثورة 14 تموز عام 1958 . ومر الحزب بعد ذلك بمايزيد عن نصف قرن اخر بظروف متنوعة من الأنتصارات والنتكاسات والأخفاقات والنجاحات وتعاقبت عليه اجيال عديدة . ورغم كل شيء فانه مازال في طليعة العمل الوطني في العراق . وان مشكلته الوحيدة هي انه بعد كل نكسة يقوم من بين الرماد وتظهر ازاهيره من بذور الحدائق .
طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى